عُمر.. حكاية طفل من "سرير" السرطان إلى يخت المحروسة
كتب - محمد شعبان:
صياح الديوك فجرًا، "صوصوة" العصافير المغردة فوق أغصان الأشجار، تبشران بشروق يوم جديد، يحمل أمل للكثير من السائلين، تجد صرح طبي فريد من نوعه بقاهرة المعز بل والشرق الأوسط عامة، ذلك الحلم الذي تحول إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع أنقذ آلاف الأطفال الأبرياء من ذلك المرض اللعين الذي ينخر في أجسادهم ليل نهار، يومًا تلو الآخر، دائمًا ما يهددهم بانتهاء حياتهم في أي وقت، وأن أعمارهم قصيرة مهما امتدت.
وفي غرفة صغيرة؛ تقبع بأحد الأدوار بمستشفى سرطان الأطفال 57357، بدأ الطفل الذي لم يتعد الـ9 سنوات من العمر، في الاستيقاظ من نومه مبكرًا، وبجواره والدته "رضا" التي تقطن بمنطقة حلوان بالقاهرة، والتي لا تفارقه على أمل ورجاء من الله أن يشفي فلذة كبدها، وتعود به للمنزل، ليمارس حياته كباقي الأطفال، وبصوته الملائكي: "لبسيني هدومي يا ماما.. لا لا.. أنا عاوز البدلة العسكرية".
تمر الأيام والشهور والطفل لا يكل ولا يمل في ذلك الطلب، يشعر بقيمة وشرف ارتداء البدلة العسكرية منذ نعومة أظافره في الوقت الذي نرى فيه العاقلين والبالغين يهربون من ذلك المجد، وتصل رسالة الطفل قصير القامة، بملامحه الشقراء، وعينيه السوداويتين، إلى مدير الكلية الحربية اللواء عصمت مراد، فيأمر بتفصيل بلدلة عسكرية خاصة لـ"عمر"، وبالفعل أهداها له تقديرًا لاهتمامه وحبه للجيش المصري.
مع كل صباح، يستيقظ أصغر متطوع بالجيش المصري من نومه، يرتدى البدلة العسكرية، يتجول بالمستشفى مرتديًا إياها في عزة وشموخ، وكأنه أحد كبار القادة العسكريين، لكن حلمه كان هو لقاء القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتقديم التحية العسكرية له.. لم يهتم "عمر صلاح" بالمرض وأوجاعه وآلامه، واضعًا نصب عينيه أمرًا واحدًا حلم لا يفارقه، تمنى تحقيقه ولو كان الأمل الأخير له في حياته التي لم ير فيها سوى أدوية وجلسات علاج مكثفة.
رن جرس الهاتف، الأم تجيب: "حضرتك والدة الطفل عمر صلاح".. هيّ: "أيوة يا فندم، مين معايا"، المتصل: "مؤسسة الرئاسة، الرئيس بيطمن على حالة ابنك الصحية، وبيطلب حضوره بكرة في افتتاح قناة السويس الجديدة".. بعد انتهاء تلك المكالمة القصيرة، شعرت الأم بحالة دوار، كيف لا وهي تتلقى اتصالا هاتفيًا من الرئاسة، لتغمرها حالة من الفرحة لتحقيق حلم نجلها الذي طالما تمناه.
وفي الموعد والمكان المحدد؛ ذهب الطفل عمر صلاح، مرتديًا بدلته العسكرية في أجمل هيئة، متجهًا حيث ترسو "المحروسة"، ومع اللحظة الأولى التي رأى فيها السيسي وقف الطفل كالصخرة الصلبة التي لا تتحرك من هول المشهد، ولم يدرِ بنفسه إلا وهو يقدم التحية العسكرية للقائد الأعلى للقوات المسلحة وسط تصفيق حار من الحاضرين للموقف من مُستقلي "المحروسة".
واصطحب الرئيس عبدالفتاح السيسي، الطفل عمر صلاح، إلى مقدمة اليخت ممسكًا بعلم مصر، ملوحًا به لكاميرات التليفزيون والصحفيين وأنظار الحضور من رؤساء وملوك الدول المشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، الطفل انتابته حالة من الفرحة الهستيرية، بعد أن تحول حلمه إلى حقيقة، وها هو يقف بجوار الرئيس الذي ينظر بكل فخر لما حققته سواعد المصريين من إنجاز بكل المقاييس، تكتب عنه كتب التاريخ بحروف من ذهب.
فيديو قد يعجبك: