إعلان

في عزبة "الصعايدة".. ليه تروح تشتري كحك و"صابرة" موجودة

04:28 م الخميس 16 يوليه 2015

أم أيمن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي ويسرا سلامة:
يوشك هلال العيد على الظهور، يستعد عدد من المنازل المصرية لشراء البسكويت والكعك، ومنهم من يصنعه، مرابطين على عادة مصرية قديمة، اختارت "صابرة" أو كما يناديها أبناء منطقة عزبة الصعايدة في الجيزة "أم أيمن" أن تستقبل العيد بصنع يديها، لبيتها ولبيعه أيضا، بعد أن اعتادت على تلك الصناعة منذ أكثر من 15 عام.
في غرفة تسعها بالكاد، تجلس السيدة الخمسينية فوق دلو قديم، أمام "طبلية بلدي"، ولمبة وحيدة، بجانبها زجاجة زيت، وعلبة سمن نصف فارغة، وخلفها أكياس مُعلقة تحمل أدوات أخرى، تسارع للانتهاء من آخر قطعة عجين ضمن طلب لصناعة "القراقيش"، تفردها صابرة ثم تقطعها بسكين، تصنع منها قطعا متشابهة وتضعهم في صاج. لجأت لصناعة المخبوزات كحرفة وبهجة تأكل منها قوت يومها، بعد أن أتقنت الخبز على عمر 14 عاما.
_1
"أنا مبشتغلش غير بمزاجي"، هكذا تتعامل صابرة مع صواني الكعك والمعجنات، رغم أنها تعلمت أن تخبز منذ سنوات، غير أنها لا تعمل كل عام، فأحيانا تنشغل بنشاطها الأساسي كصانعة "الشعرية والكسكسي"، إذ تطبخهما يوميا، ثم تخرج لتبيعهما. سر "الصنعة" لم تتعلمه أم أيمن بسهولة "عينيا هي اللي علمتني كنت أراقب وأشوف الناس بتعمل إزاي"، رغم أن الوالد والوالدة لم يتقنا نفس العمل "أبويا وأمي كانوا بيعملوا فايش بس لكن ملهمش في الكحك والقراقيش والكلام دة".
53 عاما هو عمر أم أيمن، لديها من الأبناء ستة، منهم بنتين، لكنها لا تطلب من إحداهما أن تساعدها "بحب أشتغل لوحدي"، أحيانا تقف معها زوجة أحد أبناءها لتراقبها وتتعلم، فيما عدا ذلك فالسيدة الخمسينية هي من تقوم بالعمل. من بيئتها، تصنع أم أيمن كل أدواتها البسيطة، حيث تقطع بأيديها صفائح السمن، وتستخدمها كألواح "الصاج"، تطهو عليه كل مخبوزاتها، ولصغر حجمه تستخدم ما يقارب من 7 صاجات للكيلو الواحد.
_2
لا تكيل صابرة منتجاتها بالكيلو، بل طبقا للاتفاق بينها والزبائن "لو واحدة عايزة تعمل خمسة كيلو بتفق معاها على الخمسة لأني مش حاطة تسعيرة لكل كيلو"، كما أنها لا تحدد سعر معين لإنجاز مستلزمات العيد "زي ما الست بتديني في إيدي باخد مبقولش حاجة"، فيما يُعطيها البعض كيس من السكر أو الشاي بالإضافة لأجرتها "بتبقى حسب كرم الزبون".
_3
الحد الأقصى لإنتاج أم أيمن هو 10 كيلو لكل فرد "مقدرش أعمل أكتر من كدة عشان شغالة لوحدي"، لكنها لا تتعامل مع من يأتونها بمنطق البائع والمشتري، فهم جيرانها، يجالسونها وتجالسهم، توزع عليهم النصائح بحكم الخبرة التي اكتسبتها طوال السنين، تُساعد السيدات اللاتي لا يمتلكن خبرة كافية لصناعة كعك العيد "الكيلو وصل برة 30 جنيه وأكتر، احنا أولى بالفلوس دي"، وتوزع نصائح الطبخ "الشمر اللي بيتحط في القراقيش مينفعش يتحمص عشان ريحته متروحش".
_4
في العشر الأواخر من رمضان، تستعد لموسم "التسوية" كل عام، مستعينة بالفرن الموجود في منزلها "الأفران برة بتسوي الصاج بأربعة جنيه، طب إيه اللي يخليني أروح؟"، عدا ذلك فهي تعتمد طوال الشهر على "الكسكسي"، تصنعه بكميات كبيرة للعرائس، يحتاج الصاج الواحد لينضج حوالي 10 دقائق "بدخل 3 صاجات مرة واحدة" فتستطيع إنجاز 5 كيلو خلال ساعتين تقريبا.
تنتظر السيدة أن يختمر عجينها، بعد عجنه بالمحبة كما تقول، تغطيه بأقمشتها المنزلية، تتركه وسط منزلها البسيط، حيث تصنع في الفترة الحالية أكثر شيء هو "الفايش"، لا تحبذ أن تنقل صنعة يدها إلى أحفادها، مثل حفيدتها "ملك"، تفضل أن يشاهدونها وهى تفعل كل شيء، بل تطلب منهم أحيانا أن يحضروا لها بعض الطلبات من خارج حدود منزلها، أما هي فتنسى كل التعب حين تسطع رائحة المخبوزات الزكية في المنزل، فترتسم ابتسامة على وجهها وتخبز لأهل بيتها كما تفعل للآخرين "بعمل خمسة كيلو بيكفوني أنا وولادي وولادهم".
_5
تبدأ صابرة عمل طلبات العيد حين يأتيها أهل المنطقة بكل حاجاتهم من السمن والسكر وخلافه "لما بتجيني الحاجة بَبِس"، تقول السيدة واصفة عملية العجن لما تنتجه من مخبوزات من صنع يديها، من البسكويت إلى الكعك إلى القراقيش والفايش "حسب ما الناس تطلب، ساعات يجيبوا ملبن أو عجوة لحشو الكعك، لا تحب ابنة العزبة أن ترد من يطلبون منها صناعة الكعك حتى لو حدث ذلك قبل العيد بساعات.
تنقش "صابرة" بعناية كل كعكة على حدة، بعكس مخابز تستخدم "مناقيش" كبيرة، تحضر تلك الأشكال من إحدى البائعات بجوارها، تتباهى بفرنها الصغير الذي تصنع منه كل المخبوزات التي تبيعها، أحضرته منذ 15 عاما لصناعة الخبز الشمسي، لذا تلجأ للشراء من الخارج قليلا "أنا بعمل العيش بإيدي، ما اشتريش من برة عيش".
_6
لا تحلم السيدة إلا بزواج ابنتها الصغرى، ومن صنع يديها أصبحت تساعد في جهاز الفتيات، ينتابها أحيانا شيء من الإرهاق، بعد عمل طوال سنوات "ساعات بريح لما بيشد عليا الضغط والسكر"، لتشد همتها حين يتطلب العمل ذلك، تتحمل أذى "السرح" في الشوارع بـ"المخروطة"، الشبيهة بالشعرية، و"الكسكسي"، لا تنسى حين ألقى عليها أحد الفتيان حجر بينما تبيع، فأصابها بجرح في الرأس، غير أنها استكملت البيع.
_7
بداخل منطقة الجيزة، تتولى السيدة بيع ما صنعت، بعيدا عن منطقتها "عزبة الصعايدة"، بسبب قلة الطلبات إلا التي تأتيها خصيصا، تساعد "أم أيمن" زوجها المريض في قدمه، والقعيد عن العمل، لا يرفض عملها، تقول صابرة "مش بيضايق إحنا بناكل وبنشرب وبنأكل عيالنا"، يعيش أولادها المتزوجين بعيدا عنها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان