إعلان

من "إمبابة" إلى "فرنسا".. رحلة اللاعبة "رحاب جمعة" للعالمية (صور)

07:43 م الخميس 30 أبريل 2015

كتب- محمد مهدي:

يُحكى أنه في زمنٍ فائت، ذاع صيت شاب نبيل من أسوان اسمه " أحمد طه"، صار حديث وجه قبلي بأكمله، حكاياته البطولية مثار دهشة الناس في جلساتهم المسائية، ومواقفه الشجاعة تنتقل بين ألسنتهم صباحا فتزيدها جمالا، حتى أُطلق عليه "فارس الصعيد". بعد عُمر مديد رحل الرجل لكنه ترك للقادمين من بعده سيرته وجزء من روحه في نسله، من بينهم حفيدته "رحاب جمعة" لاعبة كرة اليد المدهشة، زئبقية لا يمنعها أحد عند التقدم إلى مرمى الخصم، مُربكة لا يتوقع حركاتها المرنة المنافسين، تهوى التحليق أعلى مما يعتاده المدافعين، يكتفون فقط بالنظر إليها بينما تودع هي الكرة في "الجون"، تألق الفتاة العشرينية في النادي الأهلي والمنتخب المصري نقلها إلى العالمية لتوقع عقدا مع نادي "ach"الفرنسي بعد تجارب مميزة في نادي جزائري وآخر دنماركي.. لتلك الفتاة قصة لابد أن تروى.

1

"كرة اليد" لعبة لا يهتم بها الكثيرين، لا يعرفون قوانينها، مواعيد المباريات، أشهر الأندية التي تعتلي قمة الدوري، و"رحاب" في طفولتها كانت من هؤلاء، لا ناقة لها ولا جمل في هذا العالم، غير أن القدر كان له دوره في الأمر، حيث فوجئت بالمدرب "رفاعي عاطف" من نادي "ناصر" بمنطقة الكيت كات، يحضر إلى مدرستها الابتدائية لاختيار عدد من الفتيات لتكوين نواة لفريق كرة يد للنادي.

أنهى الرجل اختياراته دونها "هو اختار بنات طوال القامة ومرداش يختارني لأني كنت قصيرة زي البلية" لكن أستاذة الرياضيات رشحتها للانضمام إلى الفريق فوافق المدرب. ذهبت "رحاب" على سبيل التجربة لم تكن تعلم أن اللعبة ستختطفها وتقع في عشقها.

في كل ليلة تُخفي "رحاب" ملابسها الرياضية عن والدها، تختلق أي سبب للنزول من منزلها بشارع الصف بإمبابة، تنطلق إلى النادي "خبيت لأنه كان متشدد جدًا وقتها.. البنت في نظره مينفعش غير المذاكرة والكورة للشباب بس"، فيما كانت والدتها تعلم كل شيء، ترعاها وتدعمها "كانت بتفرح لما تشوفني مبسوطة أو المدرب يشيد بيا"، صدمها خبر تجميد نشاط نادي "ناصر" بعد أن اعتادت على ممارسة اللعبة، لكنها سرعان ما انتقلت إلى مركز شباب "الساحل" بناء على تشجيع من مدربها "خالد موافي".

2

أدائها الملفت رغم صغر سنها، جعل أعين الأندية الكبرى تلتقطها، فانضمت وهي مازالت ابن الـ 12 عاما إلى فريق الناشئين في "الأهلي"، جلست في البداية على دكة الاحتياطي ثم انطلقت كالصاروخ في سماء اللعبة عندما أُتيحت لها الفرصة، قبل أن يعلم والدها بالأمر فجأة "شاف اسمي وصورتي في خبر بجرنان الأهلي"، شعرت بالرعب، لن يمر الحدث بسلام، قد يمنعها عن اللعب، غير أنها فوجئت به فخورا بما تفعله "خصوصا لما عرف أني بلعب في نادي كبير زي الأهلي.. وقالي كنت أعرفه من بدري لأنه فخور بيا".

مهارة "رحاب" أهلتها للانضمام إلى منتخب الناشئين في بطولة بوركينا فاسو لكرة اليد، دعمتها "نورا حسين" رئيس بعثة المنتخب المصري، وقفت بجانبها عندما تلقت عرض احترافي من أحد الأندية الكبرى هناك، تفاوضت من أجلها "كانت بتعمل المستحيل عشان تقول إن بنات مصر موهوبين"، ثم التحقت بمنتخب الكبار مع الكابتن "أشرف"، وشاركت في بطولة المغرب عام 2010.

3

عندما جاءها عرض للاحتراف في نادي "حواء سعيدة" جزائري، لم تتردد، ومن خلفها تشجيع أسرتها وثقتهم فيها" أمي دايما تقولي أنتِ بمية راجل  ميتخفش عليكِ"، وشقيقها يساعدها في الوصول لأحلامها، هناك عبرت أكثر عن موهبتها، صارت في وقت قصير من اللاعبات الكبار في الجزائر، ونجحت في اقتناص 3 ألقاب، قبل أن تنتقل إلى نادي "فينسيسل" الدنماركي "أخويا هو اللي بعت السي في بتاعي للنادي.. ردوا عليه ووافقوا على وجودي في صفوفهم".

في "فينسيسل" جلست اللاعبة المصرية على دكة الاحتياطي نحو 5 مباريات، تخوفت من تأثر مستواها، وفضلت الإعارة إلى نادي آخر "روحت نادي بونسلوا وعملت بصمة معاهم"، ساعدتهم في الوصول لمركز متقدم بالدوري الدنماركي، اقتنصت لقب أفضل لاعبة في مباراتين،  فيما كانت تواجه المشاكل الطبيعية لفتاة مصرية مغتربة في بلد أوربي "قابلت صعوبة في اللغة بس الانجليزي بيسد"، تأقلمت سريعا مع زميلاتها في الفريق، ومع المجتمع هناك، غير أنها تمسكت بالتقاليد التي زُرعت فيها منذ الصغر "هناك محدش بيغصبك على حاجة.. أنت اللي بتختار ومحدش بيضربك على ايدك".

4

الدنمارك لم تكن آخر المطاف، موهبة "رحاب" تستحق التواجد في أكبر الدوريات الأوروبية، ومهاراتها مررت لها عرض من نادي "ACH" الفرنسي، سافرت إليهم، اختارت أن ترتدي قميص برقم 74 "عشان شهداء الأهلي وانتمائي للنادي"، وتبدأ قريبا في أداء المباريات مع النادي الجديد "ربنا يبعد عننا الإصابات.. ولسه اللي جاي أقوى لأني لسه صغيرة"، ابنه الـ 21 عاما مازال لديها الكثير تقدمه عالم كرة اليد للسيدات.

5

رغم انشغال "رحاب" بأحلامها في عالم الاحتراف، وإثبات وجودها في الأندية التي تلعب معهم، إلا أنها لا تنسى أصولها الصعيدية، تحلم بتكوين فريق من "الصعيد الجواني"، والمحافظات كافة "أنا ماشية في الموضوع وفي أكاديمية فتحت في أسوان قريب"، تُدرك تمام أن بنات مصر لديهم الكثير ليقدموه في كرة اليد " عندنا بنات لو خدوا ربع من حقهم والله لنجيب ألقاب لمصر".

ترى أصغر محترفة في كرة اليد أن الدعم المعنوي التي تتلقاه من أسرتها والمدربين التي عملت معهم، رئيس الاتحاد خالد حمودة، وجمهور الأهلي، هو الدافع الدائم لها للنجاح، وتتلخص أمنياتها الحالية في ضرورة اهتمام المسؤولين بالفتيات، وإتاحة الفرصة للاعبات كرة اليد للمشاركة باسم مصر "مش هنخيب ظنكم أبدًا.. بس يدونا الفرصة نثبت نفسنا" قالتها بثقة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان