إعلان

المواطن العربي.. محترق بنار هويته (بروفايل)

10:01 ص السبت 07 فبراير 2015

كتبت-دعاء الفولي:

في الكاريكاتير يُرسم المواطن العربي بائسا، سواء ارتدى كوفية فلسطينية، عُقال خليجي، أو علم مصري، يبدو وحيدا بين أزقة الخوف. تارة يصبح ضحية الحكام، أو يخرج من خانة المغلوب على أمره، فيتحول إلى الشخص الصامت عما يحدث، ينهشه الوجع لكن لا يفعل شيئا، فيما بعد قد يتضخم صمته فيبرر الجرائم، أو يزايد على موقف المتعاطفين مع الضحايا، خاصة إذا لم تعنيه الفئة التي بُغي عليها. تواتر القتل في الوطن العربي صار طبيعيا؛ فلسطين، العراق، سوريا، مرورا بمصر وحتى الأردن، الحوادث والأسباب وعدد القتلى متفاوت، والنتيجة موت. العربي مُحاصر، بين أن يكون طاغية، شيطان أخرس، ضحية أو شخص يحاول الإصلاح عبثا.

الطغاة الذين يحيلون حياة المواطنين العرب جحيما كثيرون، الحُكام جزء منهم، غير أن هناك الداعشيون، ففي العراق حيث يحتل تنظيم الدولة الإسلامية مساحات واسعة، قُتل ما يزيد عن 10 آلاف شخص، في الفترة ما بين نوفمبر 2013 وحتى نوفمبر 2014، طبقا لمجلس العلاقات الخارجية بمنظمة الأمم المتحدة، وما يناهز 76 ألف شخص عام 2014، في سوريا، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المفقودين.

يدّعي تنظيم الدولة الإسلامية، تطبيقه لأحكام الشريعة، فيزلزل قلوب المخالفين له؛ يهجر الآلاف من مسيحي الموصل بعد احتلال مدينتهم، دون أن يأخذوا أمتعتهم، يقطع الرقاب، يرجم أعضاؤه امرأة عربية مسلمة، زعما أنها زانية باعترافها، ويصورونها على الشاشات. يلقون بأحدهم من طابق مرتفع، كأسلوب جديد، بديلا عن الذبح، قبل أن يستخدموا الحرق، كوسيلة للقتل، مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة؛ هذه الطريقة التي كوي بنارها مواطنون عرب في ظروف مختلفة.

في ديسمبر عام 2008 اشتعل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ظلت العمليات الإسرائيلية أياما، مخلفة وراءها 1400 شهيد فلسطيني. استخدم جيش الاحتلال قنابل الفوسفور الأبيض، ما أثار استهجان المنظمات العالمية المدافعة عن حقوق الإنسان، فقد أثبت تقرير رفعته تل أبيب إلى الأمم المتحدة، ونشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية جزءا منه، اعتراف الجيش باستخدام تلك المادة التي تحرق جسم الإنسان، فلا يتبقى منه إلا العظام، كما أنه يترسب في التربة وأعماق الأنهار والبحار، ما يهدد أشكال الحياة.

الفوسفور الحارق مُحرم دوليا ويُعد التعامل به طبقا لاتفاقية جنيف 1980 من جرائم الحرب، استخدمته إسرائيل كذلك في اجتياحها لبنان 1982، وأكدت على استعمالها إياه حال حربها على جنوب لبنان 2006، لم تعد إسرائيل أنها ستتوقف عن استخدام الفوسفور، ولا يعلم أحد ماذا يحمل القصف القادم لمواطني غزة تحديدا.

''إجمالى الجثث المحترقة في فض رابعة وصل إلى 37 جثة منها 7 تفحمت تماما، وكانت هناك استحالة في تشريحها''، كذلك جاء نص تصريحات المستشار عمر مروان، المتحدث باسم لجنة تقصي حقائق 30 يونيو. كان فض ميداني رابعة والنهضة قد حدث في منتصف أغسطس 2013، مخلفا وراءه 333 قتيلا، طبقا للإحصائية الرسمية لوزارة الصحة المصرية، و897 قتيل حسبما أفاد موقع ويكي ثورة، المعني برصد أعداد الضحايا في الأحداث المختلفة منذ الثورة المصرية، وبعيدا عن تضارب الأرقام فإن الحدث لاقى استياء من قبل مؤسسات المجتمع المدني العالمية، على رأسها العفو الدولية التي وصفت الفض بأنه ''مذبحة''.

الحرق والقتل مستمران، المواطن السوري هو الأسوأ حظا، فبينما يعيث تنظيم الدولة الإسلامية في جزء من سوريا فسادا، سبقه نظام بشار الأسد، وقصف المواطنين بالبراميل الحارقة، كمحاولة من الجيش السوري النظامي لكسر شوكة المعارضة، حيث استخدمت القوات السورية الجوية القنابل الحارقة منذ عام 2013، من بينها قنبلة تزن نصف طن، قتلت 37 شخصا مدنيا في مدرسة، كما أفاد تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، التي قالت إن النظام استعمل هذه القنابل أكثر من 56 مرة في القصف بين نوفمبر 2012 و2013، معبئا إياها بمواد النابالم والفوسفور والثرميت.

المواطن العربي مُصاب بالترنح؛ بين رئيس يقصف شعبه، شرطة تقتل مواطنين، واحتلال يبيح لنفسه كل شيء، وبين هؤلاء وأولئك، هناك المبررون، من رأوا أن تنظيم داعش استند إلى دليل شرعي لحرق ''الكساسبة''، فقد كان أحد أدوات النظام الأردني لقصف السوريين. وآخرون على عكسهم، بكوا لمقتله، بينما ظنوا أن الانتقام من خصومهم السياسيين شيئا بسيطا.

مع تكرار القتل، تصبح مشاهدة مقطع فيديو يرصد اللحظات الأخيرة من حياة إنسان، أمرا يسيرا. ومهما بلغت صعوبته، فالبعض اعتاد هذه المناظر وروّج لها بأريحية. المواطنون العرب في الخوف سواء، هناك القابعون في بلاد العراق والشام، لم يأت دورهم بعد للوقوع تحت يد التنظيم المسلح، أو بطش النظام السوري، أو الموت برصاصة طائشة لا يعلمون مصدرها، كما حدث بمصر في الآونة الأخيرة، فالجميع في انتظار المخرج.

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان