في مجزرة الدفاع الجوي.. أم تقضي ساعات من الفزع أثناء البحث عن ابنها
كتب-محمد عادل:
بينما كان الجميع يهرب من محيط إستاد الدفاع الجوي، كانت صفحة أولتراس وايت نايتس على موقع فيسبوك تصدح بالمتواجدين في مكان الحدث، ينقلون أسماء من سقطوا موتى، بينما يتوسل إليهم بعض الأصدقاء أو المقربين ليفيدوهم بأي معلومات. "بالله عليكم ابني هناك"، قالتها والدة عمر هشام، أحد مشجعي النادي، والذي ذهب إلى الإستاد بصحبة أصدقائه، لم يأتها رد من الصفحة، ظلت تتصل به على هاتفه الخلوي، لتجده مُغلقا، غلب عليها شعور أن ولدها قُتل، لتحاول الاتصال به مرة أخرى، فيأتيها صوته باكيا "الناس ماتت هنا..".
"كانت فرحة اننا راجعين للمدرجات فى ماتش مهم زى ده وان احنا اللى هنجيب الماتش للزماك وبقالنا شهور مشفناش بعض، كلوا بيسلم على بعض كلوا فرحان" هكذا بدأ عمر هشام أحد مشجعى الزمالك الناجين من مجزرة الدفاع الجوي، حديثه إلى مصراوي، عن شعوره وشعور رفاقه وهم يستعدون للذهاب الى مباراة الزمالك وانبي، بعد فترة طويلة من منعهم من دخول المدرجات.
خرج الترحال من الإسكندرية فى تمام الحادية عشر والنصف، ووصل إلى إستاد الدفاع الجوي فى الرابعة والربع، استنكر عمر المعاملة السيئة من قبل مجندي الأمن المركزي" اتضحلى ان العساكر كانت بتتعامل وحش اوى وعمالة تضرب فى الناس بالعصيان"، على حد قوله.
بعدها بدأ الشاب يشعر بضيق فى التنفس، الأعداد تتزايد والممر الذى بالكاد يحمل المئات قد امتلأ بالآلاف، خرج عمر وبعض رفاقه خارج الممر لالتقاط انفاسه ومن ثم العودة مجدداً، "الاعداد مبتمشيش مفيش مكان لحد ينزل يقف فى الصفوف"، هكذا كان الوضع مع اقتراب صلاة المغرب، وقتها انتبه عمر إلى صوت مدرعات الشرطة، يدوي بالمكان، مضيفا "عرفت انهم هيضربوا وفجاءة بدأوا بقنابل غاز كنت فى نص الممر بالضبط وحاولت ارجع لقيت نفسى واقع وسط حوالى 200 شخص والغاز قريب مننا ومحدش فينا عارف يتحرك".
في تلك الأثناء وبينما تتوارد الأنباء عن سقوط قتلى، كان الفزع يأكل قلب الأم "وقت ما عرفت باللى حصل وان في ناس بتموت وبتصل بيه تليفونه مقفول مكنتش عارفة اعمل ايه وكنت منهارة ان ليه حصل كده ده ماتش كورة وحسيت بالعجز والقهر"، قبل المباراة بساعات، طلبت الأم من ابنها ألا يذهب، لكن أمام إصراره على اللحاق بأصدقائه، لم تجد من الموافقة بد.
كانت الصرخات تتعالى بجانب بوابة الإستاد، نطق عمر الشهادتين بينما يغوص بين أجساد الباقين "كان تحتيا شهيد فضل يقولى إيدك انا بموت والدموع بتنزل من عينى مش عارف أتحرك وفجأة بعد ما استسلمت لقيت نفسى بطلع لفوق"، العناية الإلهية أنقذت مشجع الزمالك، خرج من ركام الجثث حافيا، لا يعلم شيء، فوجئ بأجساد ملقاه إلى جانبه، عندما ابتعد عن الممر وجد أن سيارة الشرطة قد احترقت، والمدرعات تجري خلفه ومجموعة أخرى ممن خرجوا أحياء.
"اطمنت علية بعدها من ناس صحابه بس فضلت خايفة وقلقانة يحصل له حاجة وفضلت صاحية لغيت الساعة ما جاء الساعة 2 ونص"، قالت الأم التي أعيتها هيستيريا الخوف من الرابعة عصرا وقبل بدء الأحداث، فمنذ ذلك الوقت كان هاتف الابن مغلق "فضلت أقول لأخوه انا حاسة إنه جرى له حاجة"، تجمع عمر وبعض من رفاقه على الطريق الدائري بعد أن خلعوا تي شرت الزمالك خوفاً من المطاردة الامنية، وصل عمر فى الثانية والنصف بعد منتصف الليل إلى الإسكندرية، لا يعلم كيف نجا من الموت.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: