حنان الجوهري: اكتب على صوت ''عبد الباسط حمودة'' والحياة مش زي ما بنشوفها في السيما ''حوار''
حوار- أحمد الليثي ومحمد مهدي:
في كتاب يحمل بين دفتيه بهجة مخلوطة بالأسى، ضحكات تُنتزع من القلب فيما تجرح ''نخاخيش مخك''، تقرأه البنت فتشعر بمن يتكلم عنها، يأخذ حقها المهضوم، ينبش في واقع مجتمع يرفض وجودها بطبيعية، بينما يقرأه الرجل فتنتابه حالة من الإعجاب بمن يناقش طريقته تفصيليا، يعايشه -دون مبالغة-، لا يطلق شعارات جوفاء عن مجتمع ذكوري وامرأة كسيرة الجناح، تأخذك ''حنان الجوهري'' أو ''أم فريدة'' نحو سخرية طازجة، غير متكلفة، واقعية، تجدها داخل البيت، تحدثك عن ''ليلة الخميس'' دون ابتذال، وعن أمنيات ليلة العيد بعيدا عن أغنية الست، وعن المسلمين والمسيحيين في شارع السلام بفيصل دون عبارات ''اللي في القلب في القلب يا كنيسة''، عن لعب البلي في الشارع، وعن ربط الرجل لزوجته إن اعترضت، عن الشتيمة الملتصقة بجسد المرأة في الحارات، وعن ''فريدة'' التي قررت أن تعاند بها المجتمع فتصنع منها بنت لا تحتاج بالضرورة إلى ''ضل راجل'' وفي الحقيقة ''ولا ضل حيطة''.
'' أنا نكدية جدًا.. لما بتيجلي حالة حزن ببقى بنت كلب كئيبة.. لكن الهزار بعيش'' هكذا هي صريحة، لا تعرف ''اللف والدوران''، مرحة حتى ولو كان الكلام عن ذاتها، لكن حالات الحزن ربما تحتل كيانها، مثلما عاشت 4 سنوات عجاف كمحررة صحفية أشبه بالموظفة '' مبقاش في إبداع؛ بقيت محبطة ومش عارفة اتعامل مع بنتي''، غير أنها عادت لتقبض على ''حنان المشاكسة''، عاودت سيرتها الأولى ''رجعت أكتب في صفحة ضربة شمس الأسبوعية.. وبأت تندع''.
في إحدى ليالي رمضان قبل ثلاثة أعوام هاجمها أصدقاء العمر، حاولوا أن يقضوا مضجع الإحباط المسيطر عليها، قرروا لها أن تعود، كان الحل في الكتابة ''لما رجعت اكتب ردود فعل الناس كانت جيدة.. من الستات بالذات.. واتحولت لمكتب استشارات عاطفية.. زي إبراهيم الفقي كدا :D ''، خلال أعوام مضت استغلتها حنان -دون أن تدري- قرأت بغزارة وكونت حصيلة لا بأس بها من خبرات المنزل والحياة والأمومة فأخرجته في كتاب ''ضل حيطة'' الذي تصادف إصداره مع كتاب لواحد من أولئك الذين أقنعوها بالعدول عن طريق الفشل ''مانشيتات يوم القيامة/ أحمد سمير''.
من خلال إحصائيات ونماذج واقعية باقتدار رسمت ''الجوهري'' خريطة كتابها الأول ''فضلت فترة مسئولة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وكان بيجيلي أرقام عن الستات وكنت بحس إنها في صميم مشاكل المرأة''، أسماء حقيقية لجارة يربطها زوجها في ''رجل السرير''، وأصدقاء يشكون لها همومهن ''الرجل دوره في الحياة إنه شريك، احنا متربين غلط؛ لما الراجل يشيل طبقه أو يغسل كوبايه ولا يهتم بولاده وحياتهم ده مش كرم علينا''.
من مجموعة مقالات يتابعها رواد الفيس بوك والمواقع الاجتماعية إلى كتاب صدر عن دار الشروق للنشر، كان العمل الأول الذي تتلقفه الأيدي، ''هل تمنيت أن تكون امرأة؟'' كان الاسم المقترح للكتاب في البداية، فيما طرحت هي ''ضل حيطة ولا ضل راجل''، لينتهي المطاف بالكتاب الذي يحمل 27 بورتريها صحفيًا في 126 صفحة بدأته بإهداء مطول لشركائها في الحياة والكتابة ثم كانت أولى كلماته ''على عكس محمود درويش؛ أنا لا أحن إلى خبز أمي''.
''معركة النيش، تدخين البنات، إلغاء عربية السيدات في المترو، المتحرش مجرم والمسامح مش كريم'' ثوابت حاولت ''حنان'' خلخلتها في أركان المجتمع، طرحتها دون مواربة، تقول عن زوجها ببساطة ''محمد كان بيزعل زمان لما أجيب سيرة تفاصيلنا الخاصة في موضوعاتي في صفحة حب البنات'' تضحك ثم تضيف ''بس دلوقتي مش بيعترض خالص على اللي بكتبه.. يمكن عشان بقيت حريصة في الكتابة عننا''، تعترف في صراحة ''جوزي صحفي، ليبرالي وللأمانة بيشجعني جدا''.
تستنكر ''حنان'' ضعف السيدات، وتُقرّ أنها تعرف من هن أقوى منها، ترى في الرجال طبيعة ثابتة تجاه الجنس الناعم ''الراجل مهما كان قدامه وزيرة ولا طبيبة بيشوفها في الأخر ست؛ ترجع للبيت وتشوف عيالها.. يقول لمراته يا تعملي توازن بين شغلك وجوزك والعيال ولو مش عارفة تقعدي في البيت''.
النمط السائد عن البنت في الحياة مقتبس من رواية أو فيلم وربما من واقع نعيشه ونجمله، لكن ''حنان'' رفضت التنميط ''مبحبش صورة البطل والبطلة بيبوسوا بعض في أخر الفيلم.. أنا بدور على اللي بيحصل بعد كلمة النهاية.. أنا بحب الكتابة اللي فيها توازن لان احنا كدا.. مش زي السينما''.
طقوس وتفاصيل تتبعها ''أم فريدة'' حال ضلوعها في الكتابة، بقدم حافية وراديو أو تلفاز يضج على أعلى وتيرة ''عشان الونس''، صوت أم كلثوم ومحمد محيي المفضلان لديها، لكنها تقول بفم مبتسم إن صوت ''عدوية وعبد الباسط حمودة'' يلهمانها الإبداع.
على عكس البنات تشجع الكرة بكامل فؤادها، تعشق الزمالك حتى النخاع، لا تحبذ روايات ''عبير''، تهوى دراما أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ''الناس عندهم طبيعيين، فيهم عقد نفسية وخير وشر'' تستشهد بـ''فضة المعداوي'' في مسلسل الرايا البيضاء كنموذج ''فيها حتة إنسانية؛ الأم اللي ضميرها انبها لما عملوا لأمل قضية آداب.. فيها حتة طيبة وجدعنة وبنت البلد بس هي جاهلة وواطية في نفس الوقت''.
عن كتابها القادم تعلق ''الجوهري'' بعفوية '' هشوف نتيجة البلوة الأولانية أية''، ترفض حصرها ككاتبة نسوية، ولا تعترض على كلمة ''الساخرة'': ''أنا بتكلم عن التربية والأولاد والزوج.. عن حالنا في الشوارع مش بس دفاع عن نوعي وبنات جنسي''، ردود أفعال مبهجة تلقتها ''حنان'' خلال حفل توقيع كتابها بمعرض الكتاب، فيما تتمنى أن ينال إعجاب الكثيرين، في انتظار القراء خلال حفل توقيعها الثاني.. في تمام الرابعة عصر الأثنين، 2 فبراير، بمقر دار الشروق بمعرض الكتاب.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: