إعلان

بالصور- سعيد شيمي.. ورحلة "8 أفلام" مع عاطف الطيب (الكلاكيت الرابع)

09:01 م الأحد 27 ديسمبر 2015

سعيد شيمي.. كلاكيت رابع مرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 

كتب- دعاء الفولي ومحمد مهدي:

يشبه أفلامه تماما، بدايات عادية بسيطة، تخبئ بين طياتها أحداث كبيرة تموج بالتفاصيل، هكذا كان "عاطف الطيب" في أعين زملائه ومن بينهم "سعيد شيمي"، جمعتهما لقاءات عابرة قصيرة داخل معهد السينما أو مركز شادي عبدالسلام غير أن مدير التصوير لم يخرج منها بأية انطباعات تُذكر عن المخرج الشاب "حتى أحاديثنا الجانبية السريعة مكنتش بتقول إنه عبقري"، قبل أن يلتقيا في أول أعمالهما سويا "الغيرة القاتلة"- إنتاج 1981- لتتغير نظرة "شيمي" بعد أن تجلت موهبة "الطيب" داخل "اللوكيشن".

في خريف عام 1980، مرا المبدعين من شارع سعد زغلول بالإسكندرية، بينما يُخبر "الطيب" زميله بأن لديه نية لإخراج فيلمه الأول قريبا، بدى على ملامح "شيمي" الاهتمام، غير أنه في قرارة نفسه لم يكن يؤمن بموهبة الآخر أو لديه قناعة بامتلاكه قدرة فنية حقيقة لإخراج فيلم جيد " كنت بصور وقتها فيلم طائر على الطريق لمحمد خان".

____-1

خلال مشاهدة النسخة الأولى من "طائر على الطريق" في استديو الأهرام بالجيزة حضر المخرج الشاب وبين يديه سيناريو فيلمه الأول "الغيرة القاتلة"، طالبا من "شيمي" قراءته ومساندته في تصوير العمل "بعد ما قريت.. بلغته إن الفيلم مكرر والفكرة مش جديدة" غير أن "الطيب" رد بجملة واحدة: أنا عايز أقول أني مخرج.. ونور الشريف ونورا ويحي الفخراني معايا "قررت وقتها أني أقف جنبه كزميل وأصور الفيلم".

____-2

على مضض بدأ "شيمي" تصوير الفيلم، كانت المشاهد الأولى داخل مكاتب شركة "نور الشريف"، في أحد الأركان جلس "الطيب" هادئا، يشرح لبطله ما يريده خلال المشهد، قبل أن يتخذ موضعه خلف الكاميرا ويتحول إلى شخصا آخر بغتة، تبدلت نظرات عيناه الوديعة، صوته يُسمع في أرجاء المكان، واضحا قويا، توجيهاته شديدة الثراء فنيا، كلمته سيف على رقاب الجميع، لا يتنازل عن أداء جيد أو إنتاج مناسب لأعماله "فوجئت بواحد من أحسن الناس اللي اشتغلت معاها وبتفهم سينما".

لعدة أيام كان "شيمي" يتحدث طوال الوقت أمام أصدقائه عن موهبة "الطيب"، كيف يُدير "اللوكيشن"، قدرته على توجيه الممثل، نشاطه الجم "أورداراته كلها 5 الصبح.. ويشتغل بـ 16 ساعة"، اهتمامه بخروج المشهد في أفضل صورة، اختياره لأماكن التصوير "المكان عنده كان بطل" لا ينسى مدير التصوير لحظة معاينة شقة البطل في فيلم "سواق الأتوبيس" بمنطقة بولاق الدكرور "قولتله هنتبهدل هنا، لكنه أصر لأن المكان بيدي للممثل بُعد اجتماعي".

____-3

اشتهرا الاثنين بأفلام الواقعية، التصوير في الشوارع والأزقة، التواجد بأبطال أعمالهما في الأماكن الحية خارج جدران الاستديوهات، صنعا سينما مختلفة بين جيلهما "كان عندنا رؤية فنية مشتركة، وبيسمع كويس لكلامي.. لو حاجة مفيدة للفيلم ينفذها"، في فيلم "الحب تحت هضبة الهرم" اقترح "شيمي" الاكتفاء بالإضاءة الطبيعية في مشهد عودة البطل إلى منزله سكيرا بعد فشل خطوبته "كنت شايف الموقف الدرامي بدون النور هيكون أفضل.. ولقيته وافق فورا".

____-4

مرة أخرى اقترح مدير التصوير على "الطيب" تنفيذ فِكرة في أحد مشاهد فيلم "كتيبة الإعدام"- إنتاج 1989-، الذي يجمع "حسن عزالرجال" بـ "نعيمة الغريب" أثناء رؤية الأخيرة لخبر هام في إحدى المجلات "كنت شوفت لوحة في متحف اللوفر لبنت ماسكة جواب بإضاءة على الورقة عاملة إنعكاس على وشها كأن الجواب بيهديها للحقيقة" طلب رفيق المشوار من المخرج تطبيق نفس الحالة في "تكوين الكادر"، ولم يرفض الأخير لأنها أضافت إلى المشهد الكثير.

____-5

مرات قليلة خلال 8 أفلام جمعت بينهما، وقع بين عاشقي السينما خلاف في وجهات النظر، واحدة منها أثناء التحضير لفيلم ملف في الأداب- إنتاج 1985- البطلة "مديحة" تعيش في منطقة قبور، منزلها الصغير لونه أزرق، ورأى "شيمي" أن هذا اللون لا يناسب شخصيتها الطموحة "اقترحت نغير اللون، رفض تماما وقالي زي ما جينا لقيناه كدا، يبقى نصور كدا".

____-6

خلال تحضير "شيمي" لأحد المشاهد بذات الفيلم بداخل عقار بالجيزة، فوجئ بـ "الطيب" على بُعد أمتار منه، يصرخ فيه بصوت واهن، وجهه ممتقع، يكاد أن يسقط، يتجه نحوه مدير التصوير، يُمسك برفيقه قبل أن يفقد اتزانه، يندفع نحوهم الفنانين والعاملين، ارتباك في الأجواء لعدة ثواني، قبل أن يُنقله إلى أحد الأطباء بالعقار "قاله إنت عندك مشاكل في القلب، ومحتاج عملية لتغيير صمام، وحاول متجهدش نفسك" كانت المفاجأة كبيرة للصديق، لم يكن يعلم أن المخرج الدؤوب في عمله يحمل قلبا مريضا، حاول أن يتفوه ببضعة كلمات لحثه على الراحة لكنه تراجع "لقيته بيقولي متجبش سيرة إني مريض وقول للناس إنه مجرد إرهاق".

في اليوم التالي وقف "الطيب" في قَلب "اللوكيشن" يتابع عن كثب تفاصيل إعداد المشهد الجديد، يبدو عليه التماسك، يُخفي خلف صوته الهادر مرضه وآلامه، يُرسل إلى صديقه إشارات بنظرات العين بأن يتركه لممارسه عشقه السينمائي "المصيبة الكُبرى إنه بقى يشتغل أكتر من الأول" مازال "شيمي" يتذكر تلك اللحظات العاصفة التي مرت عليهما في "كتيبة الإعدام" حينما انتهى تصوير عدد من المشاهد قُرب الفجر، ليُعلن المخرج للجميع أن سيعود إلى العمل في الثامنة صباحا "ساعتها فتحت فيه وقولته إذا كنت عايز تموت أنا مش عايز".

____-7

لم يتحمل قلبه كثيرًا، قرر الأطباء إجراء عملية جراحية له، قالوا وقتها إنها غير ضرورية في حالة التزامه بساعات عمل أقل، لكنه أصر على خوض التجربة، وفي 23 يونيو عام 1995 حُمل المخرج الكبير على كرسي متحرك لنقله إلى غرفة العمليات، التزم "الطيب" الصمت، لم يتفوه بشيء، غير أنه قبل أن يدلف إلى الغرفة لإجراء جراحة دقيقة في القلب، نظر إلى شقيقه وزوجته ومساعديه متسائلًا بصوت مبتهج "أنا سامع مزيكا حلوة أوي.. سامعينها"، لم يسمعوا شيئا لكنهم ردوا بالإيجاب، وبعد نحو 13 ساعة انتهت رحلة "الطيب" على الأرض " كان دايما يقولي إنه عمره قصير، وأنا ازعقله وأقوله انت اشتغلت ربنا؟ محدش يعرف هيموت إمتى" يقولها "شيمي" بأسى.

اقرأ أيضا:

سعيد شيمي.. ''حرّيف'' السينما المصرية (حلقات خاصة)

2015_12_24_18_2_55_597

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان