إعلان

كشك الست "خضرة".. ربع قرن من الانتخابات

04:26 م الأحد 22 نوفمبر 2015

كشك الست خضرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي:

كان مقعدها يُعطي ظهره لسور المدرسة التجارية بالسيدة زينب، حيث تجري انتخابات البرلمان، عيناها شبه مغمضتان يحسبها المارة نائمة، يمازحها أحدهم بينما تسرع خطواته "يا أمو حسين مش هتروحي الانتخابات؟"، يخرج صوتها مرتفعا وتلوح بيديها "والله ما معتباها لو جرى إيه"، ناهز عُمر خضرة محمود الخمسة وسبعين عاما، لكنها تأبى أن يُملي عليهم أحد اختياراتها، لازال لديها أمل أن تتغير الأحوال، فرغم أنها صاحبة "كشك" حلوى صغير، لكنها بالتأكيد عاشت أياما أكثر رخاء من الآن.

جلباب أزرق وغطاء رأس أسود، أسنانها تساقطت فلم يعد لديها سوى واحدة، مقعدها الدائم بمدخل الحارة يجعلها معروفة للقاصي والداني، لها وجهة نظر بكل شيء، بداية من مبارك "اللي حاشيته ودته في داهية"، مرورا بثورة يناير "كانت خراب"، وحتى العهد الحالي "اللي مش هييجي أسوأ منه".

من طنطا جاءت خضرة عام 1951، تتغير أماكن "كشك الحلوى"، لكن المهنة ثابتة، بالسيدة زينب عايشت السيدة السبعينية انتخابات عديدة، كانت من الذين يشاركوا بقوة في انتخابات البرلمان "بس دة لما كانت الحاجة نوال عامر موجودة"، وقتها كان منزل "عامر" مفتوحا للجميع، فقد كانت نائبة لمجلس الشعب في أكثر من دورة تشريعية، بداية من العام 64 وحتى أوائل التسعينات.

كم من مرة احتاج أحد الفقراء مساعدة "عامر"، فلم تتردد، ومنهم "خضرة". إذ تذكر "لو نايمة كانت تصحى وتنزل معايا كانت بتخدم الدٌقة اللي ع الأرض"، غير أن الحال السعيد لم يستمر "جه فتحي سرور فبطلت أنتخب"، علمت ابنة السبعين أنه لم يكن يهتم بمصلحة المواطنين "بيعمل للمقاطيع بتوعه بس"، ورغم أنها لم تكن تُعادي نظام مبارك بشكل عام، لكنها عزفت عن المشاركة بعدما تيقنت أنه ليس هناك فائدة، خاصة بعدما مسّها حريق السلطة منذ 21 عاما.

وقتها كانت "خضرة" قد فرشت "الكشك" بامتداد شارع عبد المجيد اللبان، واستقرت بالمكان لأكثر من عشر سنوات، حتى أنها زرعت شجرة بيديها هناك وأخذت ترعاها، إلا أن مرور سيارات "مبارك" والوزراء جعل أحد المسئولين يطلب منها إزالة "الكشك" كي لا تراه القافلة الرئاسية "بوست إيدهم طب أروح فين.. قالولي متخافيش يا حاجة هنرجعهولك تاني"، خضعت للأوامر، لكن مكان أكل العيش ضاع سُدى بعد تلك الواقعة إذ تمت سرقته بالكامل، ومكثت ابنة طنطا بمنزلها 3 سنوات حتى استطاعت إنشاء واحد آخر بالكاد.

المصطلحات لا تهم السيدة السبعينية، أكثر ما تفتقده هو الأمان "كنا بننام وبيوتنا مفتوحة دلوقتي المقفول بيتسرق"، ثورة يناير بالنسبة لها لم تكن حدثا بهيجا رغم معارضتها الدائمة للأحوال "اتسرقت في الثورة تاني.. بقيت حاسة إني زي العريان"، تعتقد أن المكاسب التي قيل أنها تحققت بسبب يناير لم تكن صادقة "الثورة لفت ورجعت جابت اللي زي فتحي سرور والدليل الانتخابات اللي شغالة دي"، تحكي بينما يقاطعها أحد شباب الدعاية لمرشح سائلا إياها إذا انتخبت أو لا، فتابغته قبل أن يستكمل "روح يابني ربنا يسترك شوف حد غيري".

لا تُنفق "خضرة" سوى على ابنتها المُصابة بالفشل الكلوي، أما الأبناء الثمانية الأخرون فقد تكفلوا بأنفسهم "الناس بتقعد تقولك انتخابات ومرشحين ومرسي والسيسي ومحدش بيشتغل.. أسهل حاجة يرموا على اللي ماسك"، لذا فهي لا تنتظر معونة من أحد "السيسي هييجي يدفعلي فاتورة الماية ولا الكهرباء ولا هيفتّح البيبان ويشوف حلة مين مليانة وحلة مين فاضية؟"، أما أولادها فحالهم مثلها "بيدوروا على عيشهم لا سياسة ولا غيره".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان