إعلان

بالصور: مشهد ما بعد الحرب اللبنانية.. "حولوها لمدينة أشباح"

08:14 م الثلاثاء 13 أكتوبر 2015

مشهد ما بعد الحرب اللبنانية.. "حولوها لمدينة أشباح

كتبت-رنا الجميعي:

عرف الصغير الحرب منذ عُمر الأربع سنين، ولم تعرفه لبنان غير بعد تخطيه عتبة المراهقة، هربت أسرة حازم زياد –اسم مستعار- إلى السعودية، مع اشتعال الحرب اللبنانية "والدي دبر شغل وسحبنا من هناك"، كانت إذاعة صوت لبنان هو ما علق بذهن الصبي، لم يفهم ما تتناوله النشرات الإخبارية، لكن الإذاعة كانت خلفيته عن أحداث تلك الفترة "كنت بلاحظ اهتمام والدي ووالدتي بيها، كانوا بيمنعوني أتكلم أو اعمل صوت وقت الأخبار".

الحرب بالتليفزيون

ذات يوم عادي ركب حازم دراجته، طفل ذو تسعة أعوام يلعب مثل البقية، عاد للبيت بحذاء متسخ وركبة مخدوشة، الأب يجلس متابعًا للأخبار، والأم تطبخ و تُلقي بنظرها ناحية النشرة، يُكمل الشاب حكايته- التي نشرها بمدونته- " لا شيء غير اعتيادي هنا.. سوى المذبحة.. سال الدم من التلفزيون.. ولوث السجادة.. صرخ أبي: أذهب للنوم.. بينما كانت امرأة تصرخ: وين العرب؟".

في عام 1994 ذهب حازم بيروت للمرة الأولى بعد الحرب، بخيالات الصبي فإن لبنان ممتلئة بالغابات "وبرد وشتا"، أما الدولة التي عاش بها سنين طفولته فعبارة عن "صحرا"، غير أن عيني حازم صدمها مشهد الدمار، بين مباني متهدمة وأخرى بها آثار رصاص على جدرانها، هذا ما وجده بوسط بيروت التجاري، لم تُرحب به لبنان كما تصوّر "كنت حاسس إن بلدي أجمل من البلد اللي قاعد فيها"، يقول "خاب أملي"، فيما امتلأت العاصمة بالفوضى، بوسترات الأحزاب لا تزال معلقة، واضطر الناس لسرقة الكهرباء حيث لا توجد شبكة كهرباء، غير أن ذكرى الحرب لم تسر على ألسنتهم "كأنهم بيحاولوا يطووا الصفحة".

شارع الحمرا " وسط البلد"

تلك الفترة بعد رجوع حازم للبنان، تعرف على شارع الحمرا -وسط بيروت، بالنسبة له كان ملاذه الآمن "الحمرا كانت بعيدة عن التقسيمات الطائفية"، بين السنيما والمسرح أصبحت حياته، فالشاب الجامعي الذي كانه حينها لم يرى الشاشة الكبيرة من قبل، انبهر الشاب بها، لذا رغب القُرب من الشاشة، فجلس بالمقاعد الأمامية، علق بذهنه فيلم "star gate"

1

كأول الأفلام التي شاهدها، دهشته المؤثرات البصرية به "كان فيلم خيال علمي"، في ذلك الوقت بأواخر التسعينيات كانت السينيمات الشعبية ذي الدرجة الثالثة "بتعرض تلات أفلام عرض متواصل بسعر زهيد"، ولأن حازم وحيد والديه، فكانت تجاربه بمفرده، أصبح ارتياد السنيما والمسرح من عاداته، يتذكر مسرحية كنز الأسطورة لصباح، ومع الوقت صارت والدته هي رفيقته للمسرح.

عرض بالحمرا حينها أعمال مثل "مشيت في طريقي" لملحم بركات، ومسرحية "ابتسم أنت لبناني" ليحي جابر، المسرحية الأخيرة رآها حازم أكثر من مرة، بالنسبة له لم تكن مُجرد مسرحية تحكي عن زمن ما بعد الحرب، غير أنها تُعالج قضية شابين أحبوا بعضهما من طائفتين مُختلفتين، ويستعرض العمل كيف سيحييان بعد الحرب "شدتني لأنها بتشبهني نوعًا ما، خاصة إنه والدي ووالدتي من بيئتين مختلفتين وعانوا من الحرب"، حازم لبناني سُني، غير أن والده كان مسيحي ثُم أسلم، وتزوج من سُنية سورية.

الكنيس اليهودي

2

بأول إقامته ببيروت سكن حازم بشارع وادي أبو جميل، الشارع المعروف بسُكنى اليهود قبل الحرب، بجانب بيته كان هناك كنيس يهودي، لكنه تحوّل إلى مستوصف لحركة الأمل الشيعية، كما اكتشف بعد ذلك، بدأت آثار الحرب تُفرز تغيرات سكنية، حيث تحوّل الشارع مع الوقت إلى عيش "المُهجرين"، الهاربون من ويلات الحرب بالجنوب، يقول حازم إن الحرب "عملت تغيير ديموغرافي"، وصارت المناطق مقسمة حسب الطوائف، ما إن تدخل أحد المناطق تجدها ممتلئة بصور العذراء والقديسين، ومنطقة أخرى تمتلأ بصور الشيوخ.

أما شارع الحمرا يظل بعيدًا عن ذلك كله، ورُغم أن الحمرا ابتعد عن كل تلك التقسيمات، غير أنه أصابه شيء آخر، هو الغلاء، بحسب ما قاله حازم فإن شركة "سوليدير" المملوكة للحريري "استولت على المنطقة كلها لإعادة الإعمار، وردت تعويضات زهيدة لأصحاب الحقوق والشقق"، فيما نُقلوا لضواحي بيروت، وحوّلت أماكنهم إلى مطاعم ومراكز تجارية غالية "حولوها لمدينة أشباح".

الحمرا الآن

3

كما أن المشهد السياسي كما يصفه حازم كان تجمعات للأحزاب المسيحية، وأخرى سنية، وثالثة شيعية، فجاء اغتيال رفيق الحريري- رئيس وزراء لبنان سابق، وانقسم الشارع بعدها، حيث صارت الأحزاب تتهم طرف ما باغتيال الحريري، أو بالأحرى "قسم يتهم سوريا وقسم يتهم اسرائيل" -حسب وصفه.

الحرب بالنسبة لحازم الصغير كانت على الهامش، لم تصله تعقيداتها حينما كانت السعودية بلده، كل ما سمعه وقتها ويتذكره أن "الفلسطينيين هم سبب الحرب وعاملين لبنان ساحة لحروبهم"، تبدّل ذلك لمّا صار كبيرًا، لم يُصبح الفلسطينيون هُم السبب الرئيسي بالدمار، غير أنهم سبب من الأسباب برأيه.

تظل الحرب المُرتكز لتغيرات كثيرة بالنسبة لحياة حازم، بعد حرب تموز، كما عُرفت، بلبنان في 2006، رغب الشاب بالهجرة "بديت أحاول أقدم طلبات هجرة، وأدور على شغل في الخليج"، سوء الوضع الأمني والمالي كان سبب ملح بالمغادرة "مفيش أي خدمات لا كهربا ولا مية ولا أي حاجة، الناس لسه عايشة في الحرب"، يُشدد حازم "الحرب لسة في العقول"، فأمراء الحرب والميليشيات يراهم الشاب مازالوا موجودين، غير أنهم خلعوا رداء المعركة "ولبسوا كرافتات، واستلموا البلد".

بعد فترة من الوقت تخلى حازم عن قراره بالهجرة، لم يرغب بالمغادرة وهو وحيد أهله "مش هقدر أسيبهم"، يعمل حازم مصمم جرافيك، غادر الشاب وعائلته منطقة وادي أبو جميل -وسط بيروت التجاري حاليًا، ويعيش الآن بمنطقة شيعية، تابعة لحزب الله.

تابع باقي موضوعات الملف:

ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية.. "تنذكر ما تنعاد" (ملف خاص)

2015_10_20_18_10_5_829

الحرب الأهلية اللبنانية.. 15 عاما من الفتنة (ملف تفاعلي)

2015_10_20_15_7_49_927

بالصور: ''لبنان فلبنان''.. كيف تجمع صوت الحرب في كتاب؟

2015_10_13_12_58_45_41 

المفقودون بحرب لبنان: صورٌ ترويها "داليا" عن الفجيعة

2015_10_14_0_23_53_575

بيروت منيحة رغم الاقتتال.. قصة لبناني عايش الحرب

2015_10_13_23_18_34_793

بالصور - مجلة "سمر".. تسلية في زمن الحرب الأهلية اللبنانية

2015_7_19_20_17_53_522

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان