المصري الفائز بجائزة "إيمي" العالمية: أهديت نجاحي لـ "سناء سيف" (حوار)
حوار-محمد مهدي:
فنان مصري، حارب الاحباط بالعمل والجهد الشاق، وقبل كل شيء ترك المساحة لأحلامه تتنفس وتتوسع وتملأ محيطه بالأمل، فسار لها بشغف، وصار بها نجما جديدا في عالم الابداع.. محمد المناسترلي المونتير الذي حمل اسم مصر بفخر في مهرجانات العالم المختلفة، قبل أن يحصل على جائزة "الإيمي"- التي توازي جائزة الأوسكار- عن اشتراكه في فيلم "الميدان".
مصراوي أجرى حوارا مع "المناسترلي" بعد أيام قليلة من فوزه بالجائزة العالمية، تحدث إلينا عن كواليس حصوله على جائزة "الإيمي"، وسر اشتراكه في فيلم "الميدان"، وتفاصيل العمل الذي استغرق 3 سنوات ونصف، ورد فعله على سخرية المصريين من فريق العمل في حفل الأوسكار.
تطرقنا خلال الحوار إلى بدايته وأحلامه، الصعوبات التي واجهته في طريقه للعالمية، أستاذه "وائل فرج"، ومتعة العمل مع "باسم يوسف"، ومساعدته "سناء سيف" ابنة الحقوقي الراحل "أحمد سيف الإسلام".
بداخل مسرح "نوكيا" في مدينة لوس أنجلوس، جلس المونتير المصري " محمد المناسترلي "، وسط مئات من الفنانين، في حفل توزيع جوائز "الإيمي"، مرشحا للفوز بجائزة أفضل مونتاج لفيلم وثائقي-الميدان- "الفيلم حقق جوايز كتير لكن أهمية الجايزة دي إنها باسم الواحد.. تقدير لمجهودك إنت" كلمات يتفوه بها "المانستيرلي" بحماس شديد.
مر الوقت بينما ينهش التوتر قلبه، حتى جاءت لحظة إعلان النتيجة، حُبست الأنفاس، حَدث نفسه" لا أكيد مش أنا"، في محاولة لتقليل حجم طموحاته حتى لا يحزن إن وقع الاختيار على غيره.
يُسمع اسمه في أرجاء المكان، انتفض قلبه، حَلقت روحه في السماء "مكنتش مصدق حسيت إني اترفعت من الأرض"، تهافتت عليه الكاميرات كافة وصيحات الفرحة، بينما لايزال عقله يستوعب الأمر.
"سناء سيف"
تقَدم الشاب المصري بخطوات سريعة نحو المسرح، تسَلم جائزته برفقة شريكه في عملية المونتاج -أمريكاني الجنسية- شَكر زميله فريق العمل، بحسب اتفاق سابق بينهما- لأن لديهما 30 ثانية فقط للتحدث- استغلها هو متحدثا بالانجليزية مرتبكا بفعل الفرحة " أنا بهدي الجائزة دي لسناء سيف دي المساعدة بتاعتي في المونتاج، هي مصرية، وهي دلوقتي في السجن لأنها بتحارب من أجل الحريات".
بعد الاحتفال مع فريق العمل وفي طريق عودته إلى المنزل تدافعت على الفنان الشباب ذكرياته مع الفيلم الذي غَير مسار حياته"أنا وصلت لكل النجاح دا بسبب الفيلم والناس اللي اشتغلت معاهم".
"الميدان"
في قلب الثورة، بعد الأيام الأولى لها، كان لا يبرح ميدان التحرير، يتنفس الحرية مع أصدقائه القدامى وأشقائه الجُدد في الإنسانية، ترك عمله وتفرغ لطقوس الثوار، حتى لفت انتباهه ذات يوم سيدة تُمسك بكاميرا وتسجل تفاصيل الحياة بداخل الميدان، اقترب منها بدافع الفضول "سألتها بتعملي إيه" ليكتشف أنها مخرجة"جيهان نجيم" تصور فيلما عن الثورة "قولتلها أنا بمنتج أفلام لو حابة مساعدة" من هنا بدأت الرحلة.
"فيلم بيوثق للثورة.. التاريخ اللي الواحد عاش طول عمره يحلم يشوفه" فكرة بسيطة هدفها نبيل-بحسب المناسترلي - دفعته للدخول في تلك التجربة بدون وجود عائد مادي، فقط الشغف وحبه للاشتراك في عمل قوي يتحدث عن الوطن هو زاده خلال سنوات اشتراكه في الفيلم "كان نفسي أعمل فيلم مهم ويأثر في الناس.. ومكنش فيه حاجة أهم من الثورة".
بداخل مكتب على بُعد 10 دقائق من ميدان التحرير، انشغل " المناسترلي " مع آخرين من جنسيات مختلفة-بيدرو كوس، وكريستوفر دي لاتور- فضلا عن مساعدته "سناء سيف" في مونتاج أكثر من 1600 ساعة هو الناتج النهائي لتصوير تجربة الثورة المصرية من خلال حياة 4 أشخاص في 3 سنوات ونصف.
الشغف
خلال تلك السنوات انغمس المونتير المصري في عمله، أصبح شاغله الأول هو خروج الفيلم في أبهى صورة، لم يهزمه الملل أو احتياجه للمال"سبت شغلي اللي بفلوس عشان أتفرغ للفيلم"، اتهمه أصدقائه بالجنون لكنه كان غارقا لـ "شوشته" في حُب الفيلم.
"أقصى أحلامنا واحنا شغالين على الفيلم، إننا نتقِبل في مهرجان "صاندانس السينمائي" في أمريكا، ذكرها " المناسترلي " ضاحكا، فبعد الانتهاء من الفيلم، وتقديمه لعدة مهرجانات، حاز على جائزة الجمهور في نفس المهرجان، ثم قامت المخرجة بتغييرات في الفيلم، وفاز بجائزة الجمهور في مهرجان "تورونتو السينمائي".
الأوسكار
دفع القدر بمزيد من المفاجأت لصناع الفيلم، فوجئوا باختيارهم ضمن قائمة الأفلام المتنافسة على جائزة الأوسكار، ثم وجودهم ضمن الـ5 أفلام المرشحة للفوز بالجائزة في فئة أفضل فيلم وثائقي، فضلا عن الاحتفاء بهم في هوليود "احساس عظيم إن حلمك بيتحقق.. وجودك في أهم حفل سينمائي في العالم، والناس كلها بتتكلم عن فيلمك" يذكرها بفَخر.
في نفس التوقيت كان المصريين يسخرون من ملابس صناع الفيلم على مواقع التواصل الاجتماعي خلال تواجدهم في حفل الأوسكار، شعر " المناسترلي " بالغضب "الناس برة مبهورة بالفيلم اللي بيتكلم عن مصر والثورة.. واحنا بدل ما نفرح قاعدين نتكلم في لابسين إيه ونتريق حاجة تحَزن".
معاول الهدم في مصر لا تتوقف فقط على سخرية الناس، فقد عانى " المناسترلي " من التعامل السىء والتقليل من قَدر موهبته من أبناء مهنته رُغم فوز فيلمه بأهم الجوائز العالمية"بعد النجاح اللي حققنا رجعت ونِفسي مفتوحة للشغل لكن اتصدمت.. تكسير مقاديف وعدم الاعتراف بموهبة الواحد".
التجاهل أيضًا لما حققه فيلم "الميدان" من نجاحات من قِبل وسائل الإعلام أمر صادم "عامل فيلم عن ثورتنا وأول مونتير مصري يأخد الجايزة دي وهنا تجاهل تام يبقى لازم يزعل"، مهما قوبل بالاحتفاء من دول العالم لكن اهتمام وطنه بنجاحه شعور مختلف "لما شوفت خبر عني في موقع مصري عيطت من الفرحة".
هنا وهناك
فرق كبير اكتشفه " المناسترلي " بين العمل في مصر والخارج، عندما تلقى عروض خارجية عديدة بعد فيلم الميدان "في مصر مهضوم حقك.. لازم تشتغل كتير لأن المقابل المادي قليل ودا بيأثر على الكوالتي في النهاية " أما في الخارج فالتقدير سيد الموقف، تُمنح ما يُغنيك عن الانشغال بأي عمل آخر لتُصبح "كلك للفيلم عشان تطلع أحسن ما عندك".
قبل أن تحدث تلك النَقلة في حياة المونتير الموهوب بفيلم "الميدان"، كان قد قضى 9 سنوات من عمره في مهنة المونتاج يعافر من أجل اثبات الوجود ووضع اسمه على الخريطة "كنت بنحت في الصخر"، يعمل لما يقرب من 20 ساعة يوميا "ومفيش تقدير في الأخر".
يقول " المناسترلي " عن حماسه الذي فُقد خلال عمله في مصر "الواحد في بدايته بيبقى عنده طاقة يكسر بيها الدنيا، بس النظام اللي عايشين بيه يهمد الواحد وبيكسره".
فيها حاجة حلوة
وسط الاحباط الذي كاد أن ينال من المونتير العالمي، كان يبحث بين تفاصيله عن تجربتين يعتز بهما، لهما وقع السِحر على نَفسه، الأولى بطلها المونتير "وائل فَرج" الذي التقى به في ورشة عن المونتاج وهو لايزال طالبا بكلية إعلام بإحدى الجامعات الخاصة.
تحمس "فَرج" لموهبته، دَربه ودعمه وافسح له المساحة للدخول إلى المجال، ثم عملا سويا لفترة "الراجل العظيم دا أول حد يحطني على المسار الصحيح.. مجرد إني افتكره بحس بالسعادة".
التجربة الثانية، هي فترة عمله مع الإعلامي الساخر "باسم يوسف" في برنامج "البرنامج"، قضى معه موسم لم يتعدَ حلقتين قبل أن يتوقف، لكنه يشعر أنها أفضل تجاربه على الاطلاق " باسم يوسف حاجة وتاريخي في مصر حاجة تاني.. الراجل دا حالة مختلفة في تاريخ الإعلام المصري".
فيلم جديد
في الفترة الأخيرة انضم " المناسترلي " لفريق عمل فيلم وثائقي أمريكي"الميزة في الشغل هنا إننا بنشتغل كفريق عمل مفيش حاجة اسمها المخرج هو كل حاجة".
رغم انشغاله بالفيلم الجديد وتلقيه العديد من العروض في الفترة الأخيرة إلا أنه يتمنى أن يضع خبرته في عمل مصري "لو جالي عرض لفيلم مهم أو مسلسل قوي هنزل اعمله فورا".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: