إعلان

بيت الشيخ رفعت.. سيرة عطرة ولافتة غطتها الأتربة

10:38 م السبت 26 يوليو 2014

كتب- محمد مهدي وإشراق أحمد:

البيوت ليست فقط سَكن، فهي تحمل بين جدرانها حيوات وذكريات لا تموت أبدًا حتى وإن غادر أهلها الحياة أو تحولت إلى ركام، فمنزل الشيخ محمد رفعت بشارع يحيى بن زيد بالسيدة زينب الذي بُني بدلًا منه بيت جديد لا زالت سيرته باقية في ذاكرة أهالي المنطقة، ورُغم أن معالم الشارع تغيرت لكن البيت -كذكرى- وتفاصيله وحكايات أصحابه لم يَنل منه الزمن.

منزل الشيخ الذي انتقل إليه بعد زواجه وهو ابن العشرينات كان مكونًا من طابقين يعلو "المندرة" –كما كان يطلق على الدور الأرضي-، بهما يسكن أهل البيت؛ زوجة وأربعة أبناء، ويتخذ الشيخ من إحدى الغرف مكان تختلي به النفس مع ربها، قارئًا للقرآن، باكيًا ومناجيًا حتى عامه الـ68، فيما تَستقبل الغرفة التي تتيمن الدور الأرضي الأحبة والمريدين من مستمعين، نجوم فن، كُتاب وغيرهم، لا ينفض البيت من زائر، باب مفتوح دائمًا يحتضن آهله والوافدين حتى وفاة الشيخ.

تغير الحال بدءً من رحيل الأبناء كلٌ إلى منزل مستقل، وأخيرًا تركه خاليًا، غير أن أحيانًا يُبعث من الموت حياة، وكذلك كان منزل شيخ القراء؛ لجأ الأبناء إلى منزل العائلة لاستكمال مسيرة الأب، كي يحافظوا على صوته الذي طالما رقت له القلوب، فقرروا بيعه مقابل مواصلة العمل على تحويل وجمع تراث الشيخ رفعت، من تحويل الأسطوانات القديمة إلى شرائط ذات جودة.

محمد أمين، في الستين من عمره، منزله جاور منزل الشيخ رفعت قبل هدمه، وهو الآن جار العقار الجديد، حكى له عمه عن الشيخ وذهابه إلى مسجده "فاضل باشا" حيث كان من محبيه، وهو أيضًا-صاحب ورشة الأخشاب- نشأ على صوته "كنا نسمع الراديو الساعة 8 عشان قراءة الشيخ رفعت وبعدها ننام"، غير أنه لم يزد له بأكثر من ذلك "البيت معروف لكل الناس" ذكرها مؤكدًا أن السائل عن مكان المنزل سيجد إجابة سريعة لدى الكثير، ووجد أنه لا غرابة في ذلك لأن منطقة السيدة زينب تحتضن الكثير من الشخصيات العامة المعروفة وعلى رأسهم الشيخ "رفعت".

"هنا كانت أوضته" قالها محمد محمود صاحب الصيدلية التي يعلوها العقار الجديد، سكان الشارع يترددون على الطبيب الثلاثيني يخبرونه بذلك، بينما ينشغل هو بالعمل، معتادًا الأمر الذي ورثه عن أبيه، لا يعرف أكثر من حدود الكلمات الثلاث ولم يفكر في المزيد، حتى أن العاملين معه لم يكونوا على علم بأن الشيخ "رفعت" كان يقطن بذلك المكان، ليقول الشاب المعاون "على كده كان من الأعيان" فطبيعة الشارع الهاديء إلى نوع ما وموقع المنزل جعله يظن ذلك.

في طريق الخروج من شارع "يحى بن زيد" الذي كان يضم منزل الشيخ رفعت، توجد لافتة زرقاء نال منها الزمن بالأتربة تعلو الشارع المقابل مكتوب عليها "حارة الشيخ محمد رفعت.. الشيخ البغال سابقًا" تكريما للشيخ رغم أنه لم يسكن فيه وليس لها علاقة به، اللهم إلا أنه الشارع الذي كان يمر عليه في طريقه إلى منزله، لكن الدولة كان لها رأي آخر لم يفهمه أهل المنطقة "هما جُم في يوم علقوا اليافطة دي.. ومحدش سأل الشيخ رفعت كان ساكن فين حتى" قالها أحد سكان الشارع معبرًا عن اندهاشه، وهو يُلقي نظرة على اللافتة التي غطتها الأتربة.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان