مصير تمرد.. ''هي الورقة راحت فين؟''
كتبت- ندى سامي:
''علشان الأمن لسه مرجعش، علشان حق الشهداء لسه مجاش، علشان مفيش كرامة ليا ولبلدى.. مش عايزينك''، وثيقة تمرد لسحب الثقة من محمد مرسي العياط، ورقة بيضاء دُون عليها أهم مطالب ثورة 25 يناير التى لم تتحقق، أطاحت بنظام جماعة الإخوان، بعد عام اختلفت مصائرها، طالها الغبار في صندوق خشبي تارة، وتمزق جزء منها داخل ملف في درج الذكريات تارة أخرى.
بقامته القصيرة وشاربه الذي لم ينبت بعد يحمل حقيبته بعد أن وضع فيها الأوراق التى قام بطباعتها ومزيد من الأقلام، يبحث في الطرقات وعلى المقاهي على شخص لم يمضِ على ورقة تمرد بعد، مصطفى عمر الصبي الذى لم يعوقه عدم امتلاكه بطاقة رقم قومي من المشاركة في الإطاحة بنظام جماعة الإخوان المسلمين الذى كان يرى أنه فشل في إدارة شئون البلاد.
تطلعه إلى حياة أفضل جعله يقنع من حوله بضرورة التوقيع على وثيقة تمرد، والتشبث بآخر أمل، خرج للتنزه مع أصدقائه ولم يفوته بأن يحمل معه أوراقه، وبعد أن أخذ قسطه من اللهو ولعب كرة قدم، ترك أصدقائه وأخذ يوزع الأوراق، ليقابل أحد الأشخاص برفضه القاطع للتوقيع، وآخر يخشي أن يعطي رقم بطاقته لتلك الصبي الذى كان يراه صغيرًا مما جعله يستنكر ما يقوم به.
مشاجرات عديدة بينه ووالده بألا يقوم بتجميع التوقيعات حتى لا يعرض نفسه للمشاكل، تمكن مصطفي بأن يقنع والده بأن ما يقوم به لا يعرض للمخاطر ولا المسألة واستطاع أن يقنعه بأن يوقع على تلك الورقة، وبعد أن تمكن من ذلك بدأ يتجه إلى أقاربه ويقنعهم بالتوقيع، فرفض والده في البداية جعله يخشي بأن يتجه إلى أقاربه، وبعد أن جمع توقيعات العشرات توجه إلى مقر تمرد ليسلم الأوراق.
شعر في قراره نفسه بأهمية تلك الورقة التي كان تأثيرها مبهم بالنسبة له ولمن حوله في ذلك الوقت، أراد أن تكون ذكرى يستعيدها بعد عدة سنوات فقرر أن يحتفظ بنسخة في ''درج ذكرياته'' الصغير الذى اعتاد على أن يضع فيه كل الأشياء الهامة بالنسبة له، فوضعها في ملف كي يحافظ عليها من الأتربة.
تذكرة سينما، وأخرى لحفلة حضرتها مع أحد الأصدقاء، ورقة مكتوب عليها ذكريات بخط اليد، ملصق مكتوب عليه باللون الأحمر بنات مصر خط أحمر، كان قد حصلت عليه إسراء حسني في أحد المسيرات التي شاركت فيها، بين تلك المقتنيات، تحتفظ طالبة كلية الآداب بورقة لـ''تمرد'' ثُنيت أطرافها وأصفر لونها في صندوق خشبي طاله الأتربة وعلق فيه عبق الذكريات وضعته في ركن صغير من غرفتها.
أقنعها أحد الأصدقاء بأن توقع على وثيقة تمرد، أخذت الورقة ولكنها ترددت، فكررت أن تصطحبها معها لكي تفكر في الأمر قبل أن تأخذ القرار لأنها شعرت بصعوبة الموقف لاستماتة أنصار جماعة الإخوان المسلمين في التمسك بالسلطة مما سيؤدي إلى إراقة الدماء ''خوفت من الدم وإني أشيل ذنب حد حتى لو بجره قلم''.
بعد تفكير دام لأيام طويلة قررت أن تمتنع عن التوقيع على تلك الوثيقة، ولكنها احتفظت بالورقة في صندوقها الخشبي لربما تكون ذكرى، أو بحكم عادتها وشغفها الدائم بالاحتفاظ بالأشياء، وهوايتها بأن تتطلع إلى مقتنياتها لتستعيد ذكرياتها، ومن حين لآخر كانت تتطلع إلى تلك الورقة متمنية أن يكون لها تأثير وتطيح بالنظام، لأنها كانت تتمني دومًا حال أفضل لبلادها وخاصة بعد ثورة 25 يناير، بالرغم من عدم توقيعها عليها.
أما يوسف عبد الله فقرر أن يحتفظ بورقة ''تمرد'' لاقتناعه التام بأهمية تلك الحركة ودورها الفعال على أرض الواقع، لكن العضو بحركة 6 أبريل الذي شارك في العديد من المظاهرات منذ اندلاع ثورة 25 يناير قام بتمزيق الورقة بعد شهر واحد من احتفاظه بها.
نزل مع أصدقائه لجمع توقيعات لتمرد، اقتناعه بالفكرة وحلمه برئيس مدني يحكم البلاد، بعد التخلص من بطش جماعة الإخوان المسلمين، جعلاه يتجول في محافظه الأقصر ليجمع التوقيعات من أهله وزملائه، ثم قرر بأن يطوق بالقرى الصغيرة التي تبعد عن المحافظة، ليقنع أهلها بضرورة التوقيع على الوثيقة، وتوعيتهم بما يحدث في البلاد على يد أنصار جماعة الإخوان المسلمين.
بعد عمل دؤوب وإصرار، مزق يوسف ورقة تمرد التي احتفظ بها في منزله وذلك بعد يوم 24/7 عقب لقاء السيسي في الكلية الحربية وطلبه من الشعب تفويضه لمحاربة الإرهاب، فاستنكر يوسف هذه التصريحات ''بيقول فوضوني على دم الناس'' وتخلى عن حلمه بأن يأت رئيس مدني يحكم البلاد، واستشعر بأن البلاد ستعود إلي عصر اضمحلال أكثر من ذي قبل، واستمرار ضياع الثورة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: