بالصور- عقود زواج عرفي على الرصيف.. والباعة ''نبيعها أه.. نتجوز بيها لأ''
كتبت – دعاء الفولي:
سور مزدحم ببضاعة من كل الأشكال، كتب القانون المتراصّة، عقود إيجار، أخرى للملكية، محامون من نقابتهم الكائنة بمنطقة الإسعاف بوسط المدينة، يلقون نظرة على الموجود، لا يتعجب أحدهم العقود التي كتب عليها ''عقد زواج عرفي''، بعض الشباب والفتيات يأتون لشراءها، آخرون يمرون عليها مرور الكرام، تستوقف بعضهم للنظر بتعجب أو امتعاض، بينما لا يأبه البائعون سوى بأكل العيش.
''احنا بقالنا سنة واحدة بس بنبيعها''، قال ''أحمد علام''، يناقش أحد المشترين في أسعار كتاب ما على الفرشة الطويلة، بينما جعل لعقود الزواج العرفي التي غلفها بغلاف مميز مكانًا مختلفًا ''عشان تبقى ظاهرة''، بعيدًا عن الكتب الأخرى، تلك العقود التي يبيعها الشاب العشريني ومن معه لا يتعامل معها إلا كبضاعة، وقد لاحظ رواجها قبل البدء في البيع ''عشان كدة بقينا بنطبعها على حسابنا وفيه محامي بيكتب الصيغة بتاعتها''.
تأتي تلك العقود، حسبما قال ''علام'' من كتاب للصيغ القانونية ''بيبقى فيه صيغ لكل العقود ومنها عقد الجواز العرفي''، مشترو العقود أكثرهم من الشباب'' بس فيه محامين بيشتروه عشان يعرفوا مكتوب إزاي''، لا يهتم بدوافع المشتري، ولا يسأل حتى عندما يدفعه الفضول ''ساعات بنات بتيجي تشتري بس بتكسف أسأل عن السبب عشان محدش يحرجني''.
خمسة جنيهات ثمن العقد العرفي ''بنبيع ما بين 30 إلى 40 واحد في اليوم''، مكسب مضمون بالنسبة لطالب الحقوق وزملائه على الفرشة، 24 عامًا هي عمر ''علام''، بعد انتهاء دراسته بأحد المعاهد ''قلت أدخل حقوق جامعة مفتوحة، منها شهادة ومنها أتعلم عشان الشغل''، يجعله ذلك على حد قوله أكثر دراية بأمور القانون ''وبعرف أناقش المحامين خاصة المبتدئين''.
رغم بيعه العقود واقتناعه بقانونيتها ''بس أنا مرضاش أتجوز بيها''، لا يجد الشاب سببًا لذلك إلا ''الجواز قائم على الإشهار والعقود دي مش متوفر فيها الشرط دة''.
مكث ''أحمد إسماعيل'' غير بعيد عن قرينه في البيع، كان مكان عقود الزواج العرفي عنده خاليًا ''أصلها خلصت''، لا تقل نسبة بيعها عنده عن صديقه ''احنا مبنعملش حاجة غلط''، بعد دراسة الآداب قرر الشاب الثلاثيني دراسة الحقوق، يستقبل مواطنين من أطياف مختلفة يشترونها ''أغلب اللي بيجوني مش بيبقوا شباب'' لكن سيدات أكبر في السن ومنهم أرامل، على حد قوله يشترين العقود لأنها ترفع عنهن مشكلة التنازل عن معاش الزوج عندما تتزوج إحداهن بعقد رسمي ''هما معذورين برضو مفروض الدولة تحل المشكلة دي''.
مع الوقت أصبح خريج الحقوق لا يستشعر الحرج من بيعها ''في الأول الموضوع بيبقى فيه ضيق إن الواحد بيعمل حاجة غلط وبعدين بيتحول لأكل عي وخلاص''، لكنه لا يقبل حتى الآن استخدامها بحال سواء لنفسه أو لأحد المعارف ''هي بتضيع الحقوق المادية''.
في نفس الصف كان ''أحمد المغربي'' أكبرهم يقف لبيع الجرائد والمجلات، لم يفرد مكان مخصص للعقود، إلا من دفتر أخضر كبير بداخله أوراق كثيرة، ''عقد زواج شرعي'' هكذا كُتب عليه، وهو ما يعترف به الرجل الخمسيني ''انا ببيعها من أكتر من 20 سنة ودي قانونية مفهاش حاجة''، يبرر شراءها لدى الناس بحالات زواج أجنبية من مصري ''مش بيتجوزوا على يد مأذون فالعقد دة بيتوثق في الشهر العقاري وبيبقى فيه محامي''.
لا يستطيع والد الأربع بنات أن يضمن شاري العقد ''عمري ما هعرف أتأكد هيعمل بيه إيه بس أنا أغلب اللي بيجوني محامين وعارف أشكالهم''، العقد الذي ثمنه 3 جنيهات، هو لصاحب أحد المطابع بمنطقة الأزهر ''بيعملهم من زمان''، لكنه توفي منذ فترة قليلة، ولم يعيد أحد طباعتها مرة أخرى ''دول آخر حبة معايا لما يخلصوا هشوف مكان تاني أطبع منه''.
تتغير ملامح وجه الرجل الخمسيني بمجرد سماع كلمة ''عقد عرفي''، تتبعها كلمات الاستعاذة من الحرام ''مبيبعش حاجة غلط زي كدة وعمري ما أشتغل فيه''، كما أن ''الشرعي'' الذي يبيعه لا يعطيه للجميع ''لو جاني ولد صغير في السن وشكيت فيه مبيبعش بقوله معنديش منه''، كلا من العقدين لا يتناسبان وأفكاره ''العقد اللي ببيعه رغم إنه قانوني بس مقبلش أجوز بناتي بيه لأنه من غير مأذون ودة مخالف للي نعرفه''.
قال المحامي عاكف جاد إن الدولة لا تستطيع منع بيع العقود العرفية لأنها كغيرها من عقود الملكية والتجارة، لذلك فالتركيز يكون على المحامي الذي يشتري وعلى مضمون ذلك العقد ''مفروض المحامي الكفء لا يشتري عقود الزواج العرفي من الأساس''، كما يؤكد أن الدولة لا تعترف بها كصكوك قانونية ''لما بيحصل مشكلة بين الزوجين وبيلجأوا للمحكمة مبتعتدش به''، كما أنه لا يوثق بالشهر العقاري على عكس ما يُشاع.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: