تحدي ''أماني''.. عمر السجن ما غيّر فكرة
كتبت - دعاء الفولي:
تعاطيها مع فكرة السجن اختلفت، يراه الناس سورًا مرتفعًا، بينما تحول هي أشواكه إلى ورود، تُعطيها للمحتاجين، تربت على قلوب الذين لا يجدون مجيبًا، رغم عالمها البعيد عنهم، خوفهم من الاقتراب ممن هم أعلى، ومعرفتهم يقينًا أن كل شيء له مقابل، اقتربت، كسرت الحاجز، تأبى أن تتركهم إلا أن تغير، تُعلم طفلًا، تزرع أملًا في والدته اليائسة من المجتمع، يقول لها الناس إن ما تفعله أكثر من اللازم، وإن الدولة يجب أن تتكفل بهؤلاء الذين تساعدهم، فيكون ردها ''لو كل واحد قال كدة محدش هيعمل حاجة''.
الطبيبة ''أماني هولة''، المتخصصة في الأمراض الجلدية، لها في الأعمال الخيرية جولات، بدأت أولها منذ سبع سنوات، بمؤسسة أسستها تحت اسم ''وطن''، حاولت بها مساعدة المحتاجين، دون تبرعات وعلى نفقتها الشخصية ''مش عايزة الناس تشحت فلوس لازم يحتفظوا بكبريائهم''، جمع الأموال يصيبها بالتوجس، فخلال خبرتها مع العمل الخيري، رأت من يحصد الأموال باسم توزيعها على المحتاجين، ثم لا يفعل إلا أن يضعها في جيبه ''أنا رافضة تعريف المجتمع لفكرة الخير على إنه شوية فلوس بنديهم للغلابة وخلاص''، تعتقد أن دورها أكبر من ذلك كثيرًا، ولذلك كان مشروع ''مصر التحدي''.
تصفه بمشروعها القومي ''نفسي ميبقاش فيه ولا طفل مصري متسرب من التعليم''، بدأت الفكرة منذ عدة أشهر، عندما قررت إنشاء أول فصل لتعليم الأطفال من 9 إلى 12 سنة، بمنطقة رملة بولاق ''بستهدف السن دة عشان لو الطفل وصل لـ9 سنين ومدخلش مدرسة هيفوته المرحلة الابتدائية''، تعمل مع فريق المتطوعين على إنشاء فصل بكل منطقة، وضم تلاميذ فيه بعد البحث عنهم، ثم تلقينهم المباديء الأساسية للكتابة والقراءة، والأخلاق.
''احنا الفصل بتاعنا بناخد الطفل من 8 الصبح لـ8 بليل''، البرنامج لا يشمل التدريس فقط، بل إطعام الأطفال من خلال وجبتي الإفطار والغداء، ثم وقت للأنشطة الأخرى كالرسم، ووقت لتعليم حرفة ''بنهدف إن تبقى الفصول معادلة لمرحلة الإبتدائية تقريبًا ولما يتخرج منه هيبقى معاه صنعة''، حينها يمكن للأطفال إكمال التعليم بالمراحل الأساسية بدءًا من الإعدادية وحتى الجامعة، ثم توفير فرص عمل عن طريق مؤسسة ''مصر التحدي'' ووزارة التربية والتعليم.
70 ألف فصل هو الرقم الذي استقر عليه فريق البحث بالمؤسسة ''الرقم دة عشان نغطي مصر كلها''، ولوجود إلتزامات أخرى أمام وزارة التربية والتعليم التي رحبت في البداية بمشروعها، فقد انسحبوا مؤخرًا منه ''المشروع الآن قائم على المتطوعين فقط بس احنا مكملين''.
لم تحاول طبيبة الجلدية كسر سجن الجهل فقط، بل والخوف عند أمهات الأطفال الملتحقين بفصل رملة بولاق ''اجتمعنا مع الأمهات وفهمناهم إننا مش عايزين حاجة منهم ومش بنجمع تبرعات وعايزين ولادهم يتعلموا''، لم يؤتي ذلك أكله عند بعضهن ''طلعت إشاعات وقتها إننا هنخطف الأطفال''، حالة التوجس التي صاحبت الأمهات سببتها تجاربهم السيئة مع المؤسسات الخيرية أو الأزواج ''لكن مع الوقت لما لقوا إن الأطفال فعلًا بيتحسنوا سلوكيًا بدأت الثقة تتبني شوية''.
الأطفال أحوالهم لم تختلف عن الأمهات ''كتير منهم مفتقد فكرة الحنان من الأساس''، تتحدث عن الطفل ''يوسف'' ذو التسع سنوات، وجده الفريق نائمًا لجانب أحد القهاوي وحيدًا ''والده طفش وساب البيت وعنده 7 إخوات غيره ووالدته باعت كليتها عشان تصرف عليهم''، زاد الأمر مأساوية سرقة أموال الوالدة الناتجة عن العملية، فما كان مها إلا أخذ طفلتها الصغيرة وترك الآخرين ''يوسف كل ما بنقوله نفسك في إيه يقول عايز حد يأخدني بالحضن بس''، أما الأطفال الذين لا أسرة لهم ''بندور لهم على أسر بديلة بمقابل مادي''.
عقيدتها أن ''المرأة أساس الأسرة''، لذا تحمل عبء تحسين أحوالها قدر المستطاع، سواء من خلال التوعية، أو فصول مصر التحدي التي تؤسس أطفالًا من الجنسين لاستيعاب التعامل مع المجتمع الخارجي، تحاول واستهزائهم بما تفعله ''الست طاقتها كبيرة جدًا بس محتاجة توجيه صحيح''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: