لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الشتيمة عند المصريين.. زي ''اللبانة'' وضد ''السياسة'' وعشان ''الهزار''

11:08 ص الإثنين 31 مارس 2014

الشتيمة عند المصريين.. زي ''اللبانة'' وضد ''السياس

كتبت - دعاء الفولي:
بين تفاصيل الحياة اليومية، يطفو على السطح ما يغضب، تصريحات سياسية مستفزة، شخص يُقتل في لمجرد مروره بجانب اشتباكات ليس طرفًا فيها، ظروف دولة تتغير في ثوان معدودة، لن تهرب من منغصات الحياة ولو كنت في برج مشيد، كلما زادت الأعباء، زاد التوتر، وتطور التعامل معه، ففي البداية سكوت، ثم سباب بسيط، حتى السب بألفاظ خارجة طبقًا لأعراف المجتمع، لتصبح ''الشتيمة'' هي البطل. تنتشر كالنار في الهشيم، سواء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق ''هاشتاج'' يسب أحد مرشحي الرئاسة، أو الجماعات، أو يتنابز بها خصوم السياسة، في النهاية النتيجة واحدة مفادها أن كل الطرق تؤدي إلى الشتيمة.

''الموضوع متعلق بدفاعي عن نفسي في الأصل إني بعمل كدة عشان الناس يخافوا مني''، قال ''أحمد النجار''، بدأت الفكرة معه منذ المدرسة الثانوية ''لكن الموضوع كان جوة المدرسة فقط بعيدًا عن البيت أو الشارع''، عقب دخوله كلية الإعلام، ازدادت حدة السباب نفسها ''الأمر تحول من مجرد دفاع إلى أسلوب حياة ومجتمع الجامعة بيحفز دة''.

السياسة سيدة الموقف أحيانًا في استخدام ''النجار'' للسباب، بالإضافة للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلد ''وكتير من المصريين بقوا بيستخدموا الشتيمة بشكل عادي عن الأول''، فإذا كانت النكت تستخدم قديمًا لإخراج الطاقة السلبية فقد حلت محلها السباب في الوقت الحالي ''حتى وقت الهزار بقوا بيهزروا بالشتيمة ولو مش بغرض الإهانة''.

''حسين الحاج''، الذي يعمل بمهنة الترجمة، يرى أن الشتيمة موجودة منذ فترة طويلة، حتى قبل اندماج الطبقات الاجتماعية بشكل أكبر ''كان كل طبقة ليها كلمات معينة بتشتم بيها تتلاءم مع مستواها''، والآن أصبحت الطبقات تحصل على نسبة أكبر من الألفاظ الخارجة من الطبقات الأخرى، ''ممكن تلاقي ولد ساكن في منطقة شعبية مثلًا بيشتم بالأجنبي أو العكس''، الانخراط من خلال الإنترنت ومواقع التواصل جعل الأمر أيسر كثيرًا.

الأسرة على حد قول ''الحاج'' لم تعد تمنع الخروج عن الحدود، فالأب قد يتلفظ بالسباب أمام الأطفال، وحتى إن منعهم عن قوله فسيثبت في ذهنهم للأبد ''العيلة مبقتش ليها دور مؤسسي قوي زي الأول حتى في الطبقات المحافظة زي الطبقة الوسطى''.

المهنة لم تغيره كثيرًا، الضغط النفسي الذي يلاقيه منذ عشرين عامًا لم يتراجع، يتفاقم يومًا بعد الآخر، بين السائقين الذين يستضعفونه، والزبائن الذين يعاملونه كمواطن درجة ثانية، وحتى من ينظمون الحال بموقف ميكروباصات المطبعة ويحصلون على ''كارتة'' جراء كل دور، السباب المتداول جزء من حياته يتلفظ به، كلمات مثل ''زي الزفت''، ''نهار أسود''، لكن لم تتطور الألفاظ عن ذلك بالنسبة ل''محمد عبد العزيز''.

يحارب ''البذاءة'' بالهدوء قدر المستطاع ''الاحترام بييجي بالتدريب أنا بحاول أتفادى استخدام الشتيمة زي اللبانة''، أما ردود أفعاله مع الذين يتجاوزون فتكون بطيئة ''بفكر قبل ما أرد عشان كدة اللي في الموقف بيحترموني لأني مبغلطش في حد منهم''، تلك السياسة هي ما يطبق الرجل الأربعيني في منزله، حتى وإن خرج الأمر أحيانًا عن السيطرة ''أنا عارف إن الناس في الشارع مش هيستحملوني لو شتمت، إنما البيت هيستحملوني لو اتعصبت''، لا يعتقد أن هناك ارتباطًا بين كونه سائق وبين استخدام الألفاظ المهينة ''اة بيبقى فيه ضغط وقلة أدب في الشارع لكن دة لا يمنع إن الناس ممكن تسيطر على لسانها''.

ما يحدده المجتمع لا يعنيها بشيء، ففي النهاية الألفاظ الخاطئة أو المقبولة نسبية، طبقًا لما تراه ''سمر علي''، ''الشتيمة تعبير زي أي تعبير آخر تصنيفها من المجتمع اللي بيحلل ويحرم ويعيب على مزاجه مش أزمتي''، ما كان من قبل لفظًا عاديًا، يتحول فيما بعد إلى لفظ لا يجوز نطقه ''وعندك بعض ألفاظ مفهاش مشكلة في مناطق معينة زي إسكندرية بس في القاهرة متصحش''.

مع الوالدة تحاول طالبة كلية التجارة، توضيح وجهة نظرها ''لما بشتم وأنا قاعدة مع والدتي بتقولي عيب''، تشرح الابنة لها أن الموقف أكبر من السباب نفسه، ''بقولها إن عقولنا لازم تستوعب إن اللفظ مفهوش أزمة وإن الموقف اللي بيخليني أشتم بيبقى أصعب كتير''.

قال الدكتور ''يسري عبد المحسن''، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن السباب كَثُرت بسبب ظروف البلد السيئة، السياسية أولها، أما الذين لم يكونوا يلجئوا للشتيمة كرد فعل عادي، فقد فعلوا ذلك بسبب المجتمع ''الشتيمة بالعدوى، لما الإنسان بيشوف إن دة طبيعي بيحس إنه هيكون منبوذ لو مبقاش زيهم''، عدوانية المجتمع أصبحت تدفع للشتيمة ''والعدوانية بقت بتتصدر للناس من خلال الإعلام بالأساس''، مشاهد الموت والقتل في الأخبار، الأفلام التي تبتعد عن الحدود الأخلاقية اللفظية، كلها أشياء أصبح معها اللفظ الخارج أمرًا مقبولًا في الوسائل الرسمية.

انتشار السباب ليس طارئًا على الشخصية المصرية، على حد قول ''عبد المحسن''، ''هو أصبح بيحس إنه لو مشتمش مش هيأخد حقه خاصة مع ضياع حقوق كتير ليه قبل كدة''، يفعل ذلك بمعزل عن النشأة أو المستوى الاجتماعي أو التعليمي ''بيبقى مقتنع إن الشتيمة مبتقللش من قدره''.

''السياسة هي السبب''، قال الدكتور ''محمد هاشم بحري''، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، يعتقد أن التوتر الذي سببته للمصريين منذ ثلاث سنوات كانت نتيجته الطبيعية تطور طرق التعامل معه ''العدوان الخارجي المتمثل في الشتيمة بينتج عن التوتر والغضب ودول أكتر حاجتين بيتعرض ليهم المواطن حاليًا''، ليست السياسة فقط؛ بل يُضاف لها ''أكل العيش''. وستستمر الحالة كذلك إلى أن تتغير البلد للأهدأ ''قبل الثورة والزحمة مكناش وصلنا للمرحلة دي ولسة مع الانتخابات الجاية الوضع هيبقى أصعب''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان