عبدالمنعم القناوي.. حينما يتحول أبطال الحرب إلى "ذكرى موسمية"
كتب- محمد مهدي وأماني بهجت:
منزل صغير بمساكن الملك فيصل بمدينة السويس الباسلة، يتحول في هذا التوقيت فقط من كل عام-ذكرى نصر أكتوبر- إلى وجهة وسائل الإعلام من إذاعة وتليفزيون ووكالات أنباء عالمية ومحلية، فقاطنه الحاج "عبدالمنعم القناوي" أحد أهم رموز المقاومة الشعبية بالسويس ومدن القنال كافة.
في أول أيام شهر أكتوبر ينهى الفدائي الأشهر بمدينة السويس عمله كسائق لميكروباص، يجلس داخل غرفة بسيطة بمنزله يستقبل عدد من وسائل الإعلام، بجانبه هاتفه الذي لا يتوقف عن الرنين "موسم بتيجي فيه كل الجرايد والإعلام، مبيفتكروناش غير في أكتوبر" يقولها "القناوي" بأسى عن تحول أكتوبر وأبطاله إلى موسم وسلعة يتذكرها الجميع في عيد النصر فقط.
يقف "القناوي" أمام الكاميرات متحدثا من ذاكرته عن بطولاته، حيث قضى شبابه في الإعداد لعمليات متعددة ضد العدو الصهيوني مغتصب الأرض كعضو بـ "منظمة سيناء" التي بدأت نشاطها بمدن القنال عقب 1976 وتوسعت في سيناء وكبدت العدو خسائر فادحة، لكن ثمة حزن يُغلف كلماته.
العملية الأولى لـ "القناوي" قابعة في ذاكرته بكافة تفاصيلها، عندما خرج ضمن 12 فدائيا من منطقة بشمال مدينة السويس، وقاموا بعبور القناة والاشتباك مع دورية متحركة تابعة لقوات العدو الإسرائيلي، ونجاحهم في العودة بأسير إسرائيلي بعد أن رفعوا العلم المصري لأول مرة منذ النكسة ليرفرف شرق القناة.
"أنا حاسس بإحباط شديد" يلفظها بمرارة وصدق، فعندما انتصر الوطن على العدو الإسرائيلي، اعتقد "القناوي" وزملاءه من الفدائيين، أن البلاد ماضية في طريقها نحو المجد، لكن هذا لم يحدث-بحسب قوله- وتربع على حُكم البلاد الرئيس الأسبق "مبارك" الذي أفسد البلاد وأهمل الانتصارات واختزلها في الضربة الجوية لتهميش دور أبطالها الحقيقين أمثال الشهيد "إبراهيم الرفاعي" الذي ما لبث أن ذكر اسمه حتى امتلأت عيناه بالدموع.
بين الحين والآخر ينظر "القناوي" إلى عكازين وضعهما بجواره، تعود ملكيتهما لابنه "محمد" الشاب الوحيد بين شقيقاته البنات-3-، الذي تعرض لحادث أليم "خريج كلية آداب عبري، راح يدور على لقمة عيش في شرم الشيخ وحصل اللي حصل" يتهدج صوته، لا يزال يذكر التاريخ والحدث كأنه وقع الأمس "في 23 يوليو 2005 حصلت التفجيرات الإرهابية في شرم الشيخ وفقد ابني رجله".
لم تتكفل الدولة بعلاج ابنه، وحال الروتين بينه والحصول سريعا على عكازين له يتكأ عليهما بعد بتر أحد قدميه "متعودتش أقول أنا فلاني الفلاني.. محدش بيهتم من أساسه" يتساءل "القناوي" هل لا يرى أحد من المسؤولين أبطال أكتوبر في وسائل الإعلام في ذكرى النصر ليتحرك من أجل تقديم أبسط ما يمكن تلبيته لهؤلاء.
لا يريد "القناوي" أن يُفهم حديثه كمطالبة بمقابل لدوره في الانتصار فخدمة الوطن واجبة على كل فرد كما يرى، مؤكدًا أن الزمن لو عاد به سيُكرر اختياراته "ولو حصل أي حاجة لمصر دلوقتي كلنا هنقوم ندافع عنها، مش هنسمح لحد يقف ضد بلدنا" يذكرها بتصميم الحزن الذي يكسو ملامحه.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: