"الإسكندرية مهد علم الفلك".. أول فيلم وثائقي مصري بتقنية "القبة السماوية"
كتبت- إشراق أحمد:
صورة نصف كروية، عميقة الأبعاد، تطل منها ملامح مدينة الإسكندرية، وتاريخ مكتبتها، تفاصيل دقيقة ومختصرة عن علم الفلك، وضعها فريق عمل قسم القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية في فيلم وثائقي، انتقلوا به من العرض بتلك الكرة السوداء التي أخذوا تسمية قسمهم منها، إلى قاعة نادي العلوم بجريدة الأهرام، لمشاركة الحضور بمشاهدة أول إنتاج مصري بتقنية "القبة السماوية".
في رحلة لـ25 دقيقة هي مدة عرض فيلم "الإسكندرية مهد علم الفلك"، يصاحبها موسيقى تشبه طابع المدينة الساحلية قديما، الذي يأتي صوت الراوي مستهلا الحديث عنه، لينتقل إلى صرحها المقام منذ 288 قبل الميلاد؛ المكتبة القديمة التي تتسع لأكثر من 8 ملايين كتاب، وظلت مركزا للدراسة ونشر المعرفة، لم تفن رغم انهيارها عام 391 ميلاديا، وهنا تتجلى صورة مكتبة الإسكندرية الجديدة، باعتبارها "تسترجع روح المكتبة القديمة"، ومجدها في كونها أول مكتبة رقمية في القرن الـ21، حتي بنائها، فتظهر قاعة المكتبة بصورة ثلاثية الأبعاد، متناسقة مع الصوت المتحدث عن فتوحات الجدار المحاكية للأرفف القديمة، التي كانت تستخدم لحفظ البرديات.
ما كان الحديث عن المكتبة، إلا لتأكيد أن الإسكندرية مهدا للعلم، والتقاء لعلوم الشرق والغرب، كما ذكر الفيلم أن المكتبة كانت امتداد المعرفة العلمية التي تمثلت في "الموسيوم" – المركز العلمي في عهد البطالمة-، فهو أهم مركز علمي حقيقي في العالم القديم، وأول معهد أبحاث في تاريخ الانسان، منه حقق العلماء منذ أكثر من 100 عام قبل الميلاد، اكتشافات غير مسبوقة عن الكون.
7 علماء للفلك تناولهم الفيلم، الذي كتبه عمر فكري رئيس مركز القبة السماوية العلمي، قدم تعريف مبسط لأصحاب التأثير الأكبر في علم الفلك، وتعد هذه الكتابة التي تضمنها الفيلم من أصعب أنواع الكتابة حسب قول شيماء الشريف أخصائي الأنشطة الفرانكفونية بمكتبة الإسكندرية، أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة الإسكندرية، والمشاركة في إعداد الفيلم، مفسرة ذلك "لأن المطلوب كتابة معلومة علمية تاريخية موثقة صحيحة ودقيقة ومختصرة بلغة مقبولة لغير المتخصص".
يأتي باكورة إنتاج قسم القبة السماوية العلمي، بعد قرابة 13 عام، كان يتم فيهم شراء الأفلام، أو شراء الرخصة لعرضها لمدة عام، وهو أمر مكلف، خاصة وأن منتجي هذه النوعية من الأفلام محدود للغاية يتمركز في دول أوربا وأمريكا وبعض دول شرق أسيا مثل الصين واليابان، رغم وجود مئات القبب السماوية في العالم حسب أيمن السيد نائب مدير قسم القبة السماوية العلمي-ولهذا اتجه التفكير للدخول في هذا المجال، ليخرج نتاج بسواعد مصرية خالصة، خاصة وأن الفئة المستهدفة بشكل كبير هي ما بين 4 -16 عام.
وجوه العلماء تظهر مع سرد المعلومات عن انجازاتهم، بصورة جرافيكية لا تختلف عن طريقة عرض الفيلم بتقنية "full dome" –القبة السماوية- حسب قول "السيد"، واستغرق تصميم الوجه الواحد قرابة الثلاثة أسابيع، لتظهر تفاصيلها، كأنما تراها العين عبر عدسة، وتعيش معها وهى تحيط بها أثناء مشاهدتها بسماء قاعة القبة السماوية في المكتبة.
من"أريستارخوس السارموسي" أول من نادى بمركزية الشمس، مرورًا بـ"إيراتوستنيس" العالم المتشعب، ثالث مدير لمكتبة الإسكندرية القديمة، الذي برهن رياضيا على كروية الأرض، وتنبأ بإمكانية الدوران حول الأرض، فكان دافعا للبحارة ليقوموا بمغامراتهم لاستكشافها جغرافيا في القرن 15، و"هيبارخوس" واضع أطلس النجوم المشتمل على أكثر من 800 نجم، وأخيرا "كلاوديوس بطليموس" الذي انتقل من الصعيد إلى الإسكندرية، وقدم مؤلف ضخم عُرف عند الفلكيين باسم "الكتاب الكبير.. المجسطي"، و"هيباتيا" ابنة العالم "فيون السكندري"، التي لها مؤلفات في الرياضيات، ظلت تمر الدقائق الأخيرة من الفيلم.
لـ"الإسكندرية مهد علم الفلك" مرجعان رئيسيين كما تقول أخصائي الأنشطة الفرانكنوفنية، وهما فاروق الباز عالم الفضاء المصري، ومصطفى العبادي؛ صاحب فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكتاب "مكتبة الإسكندرية القديمة.. سيرتها ومصيرها" الذي يعد المرجع الرئيس عن المكتبة.
بدأت تجربة "الإسكندرية مهد علم الفلك" في 2010، ويقول "السيد" عن الفترة التي تم استغراقها لخروج الفيلم "مش مجرد لإنتاجه لكن لتعلم فريق العمل التقنية"، فبهذا الفيلم يعد الفريق القائم عليه، هو الوحيد في العالم الذي ينتج أفلام قبة سماوية باللغة العربية.
كان هناك تجربة عام 2005 لإنتاج أفلام علمية بتقنية حديثة، بالمشاركة مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا في الإسكندرية، حملت اسم "سماء الإسكندرية"، وقد تم الانتهاء منه عام 2008 " لكن لم يُعرض للجمهور لأن التقنية التي تم صناعته بها كانت انتهت في الوقت، فعملنا على تطوير نظام عرض الأفلام، وهو الموجود حاليا ويسمى "DG star"، وهو نظام عرض على نصف كرة بالكامل" حسب قول "السيد"، الذي أضاف أنه جاري التحضير لإنتاج فيلمين خلال العامين القادمين، الأول عن اكتشافات علماء العرب والمسلمين، والآخر عن كوكب بلوتو.
تكلف الفيلم -المنتظر عرضه للجمهور في ديسمبر القادم- قرابة 160 ألف جنية، ويعد ذو تكلفة زهيدة مقارنة بغيره من الأعمال، وواجه فريق العمل عدد من الصعوبات، منها طول تاريخ المكتبة البالغ 700 عام، تم خلالها العديد من الاكتشافات العلمية، "حصل تنقيح للمحتوى مئات المرات" تقولها المشاركة في إعداد الفيلم، متحدثة عن عدد المرات التي تم تغيير أولوية العلماء الذين تناولهم الفيلم، والعودة إلى المراجع لتجنب الوقوع في أخطاء، ومع ذلك تؤكد "شيماء" على الحاجة لمثل هذا الأفلام "اللي بتقدم المختصر المفيد".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: