إعلان

في العام الجديد.. أمنيات جيران النيل ''رزق واسع'' و''بلد كويسة''

11:19 ص الخميس 02 يناير 2014

في العام الجديد.. أمنيات جيران النيل ''رزق واسع''

كتبت - دعاء الفولي:

جلسوا في حلقة داخل مركب صغير، تعبث أيديهم بشِباك صيد، يُعيدون ترتيبها مرة أخرى بعد يوم العمل، كانت أحد الأغاني تنبعث من هاتف محمول بجانبهم؛ أغنية شعبية ذات إيقاع سريع جعلتهم يتضاحكون، بينما يتحرك حولهم أولاد صغار، بحرية تامة يتقافزون بين مركب وأخرى ضمن عدة مراكب تقف بجانب بعضها، وتغسل النساء بعض الأطباق في مياه النيل وتساعد البنات أمهاتهن.

كورنيش منطقة المعادي؛ حيث ترتفع العمارات الشاهقة المُطلِة على النيل، بينما يجاوره سُكان آخرون، لا يقطنون العمارات ولا مأوى لهم، إلا مراكب متهالكة عائمة على سطح المياه، تم إلقاء مراسيها في الشط الطيني للنهر لثبيتها، هم عائلة واحدة، مكونة مع عدة إخوة يعملون بمهنة الصيد منذ رأوا أباءهم وأجدادهم فيها، فلم يتركوها حتى وإن ضاقت الأحوال.

''وإن هبّت الريح قلت لمركبي سيري، وأنا أصبر صبر الخشب تحت المناشيري''، كلمات من أغاني الصيادين، جسدت ملامح ''سيد''؛ الصياد الذي قارب شعره على اكتمال البياض، رغم أن عمره بالكاد أربعين عاما، جاء والده من المنوفية قبل ولادته واستقر بذلك المكان، فلم يبرحه من بعده لأنه لا يجد مكان آخر ليسكن فيه مع أسرته المكونة من خمسة أفراد غيره.

''احنا منسيين من الحكومة ومن الناس'' قال سيد، مؤكدا أن الاهتمام بهم ضعيف منذ جاءوا لذلك المكان، رغم تلقيهم وعودا بحال أفضل.

يخرج ''سيد'' يوميا مع إخوته قبيل الفجر ليصطادوا ويعودون في حوالي العاشرة أو الحادية عشر صباحا، ورغم وجود أنواع مختلفة من السمك في ذلك الفرع من النيل إلا أن ''السمك قلّ جدا'' على حد قوله، مضيفا أن ذلك دفعه للخروج ليلا أحيانا طمعا في رزق أكثر.

الشتاء والنوم على ضفاف النيل في العراء أمران لا يجب أن يجتمعا سويا، يضطر ''سيد'' وأسرته لمعايشتهما يوميا، لا يعرف كيف يمر عليه الليل فوق مركب تُحركها أخف موجة تأتي، يملك وأولاده أغطية للحماية من البرد، ورغم قلة عددها فهي تُدفيء، ف''على قد الغطا ربنا بيبعت الستْر'' على حد تعبيره.

أمنيات السنة الجديدة ليست فقط الحصول على مأوى، بل يتمنى ''سيد'' أن ''البلد تبقى كويسة''.

''يارب وانت اللي عالم.. تخرب ديار كل ظالم.. مهو مين من الفقر سالم''، هي لم تسلم من شقاء البحث عن الرزق أيضا، رغم كونها زوجة سيد، ولا تخرج للصيد معه، لكن يأتي عملها بعد عوته عندما تأخذ ما اصطاده لبيعه في سوق مصر القديمة، بعد زواجهما منذ أكثر من 18 عاما.

ابتسامة لا تفارقها أبدا، هي انتصار، وتحاول أن تحصل على نصيب من اسمها، تأخذ بيد زوجها قدر المستطاع، حتى أنها تعلمت كل ما يتطلبه الأمر كي تخرج للصيد، تساعد أحيانا في ترتيب الشباك، تُجدف بالمركب مع ولديها الصغار لمسافات صغيرة لإحضار بعض المياه للشرب من مرسى المراكب الموجودة بجانبهم، وتخرج يوميا لإحضار حاجيات الأسرة من طعام وغيره.

''السمك أسعاره رخصت والبيع قلّ''، قالت انتصار، فهي تبيع طبقا لأسعار السوق، وسواء بدأت يومها وفي جعبتها الكثير أو القليل فلا يمكنها رفع السعر من نفسها، وهناك بعض الأيام التي لا يرجع فيها سيد بشيء فلا تخرج من الأساس.

أكثر ما يُزعج انتصار هو الخوف مع اقتراب وقت النوم، فهي ''بنام وانا خايفة المركب تمشي ولا حاجة تخبطنا''، ورغم ذلك لم تستطع وزوجها بناء بيت ولو من الطين على ضفاف النهر للسكن فيه لأنه ''مينفعش.. ممنوع'' على حد قولها.

أمنيات السيدة الثلاثينية لعام 2014 عديدة عكس زوجها؛ أولها ''نفسي بنتي الكبيرة تتجوز.. بقالها أربع سنين مخطوبة مش عارفين نجوزها''، فضيق الحال منع الأب والأم من توفير نفقات مادية كافية لحمدية الابنة ذات الثمانية عشر عاما، خاصة وأن خطيبها لا يختلف حاله عنهما كثيرا رغم عدم عمله كصياد.

''نفسي السمك يكتر في النيل''، قالتها انتصار ضاحكة، رغم جديّة الطلب في زيادة الرزق مع العام الجديد. وبجانب الأم جلست حمدية الابنة الكبرى لا تريد سوى شيء واحد قالته بعد تردد ''عايزة السنة الجديدة تبقى حلوة''، ومع صعوبة الظروف فهي ''انا بحب العيشة هنا جنب النيل''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمةمصراويللرسائل القصيرةللاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان