إعلان

''أنور السادات''.. محطة في انتظار ''النور''

09:09 م الأحد 29 سبتمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - إشراق أحمد:

19 عامًا اعتاد ''أحمد شحاتة'' أن يستقل مترو الأنفاق يوميًا، من حلوان؛ حيث يسكن وحتى مقر عمله بمجمع التحرير؛ فالمترو بالنسبة له ''أساسي''.

يستقل الرجل القطار منتظرًا المحطة التي يقصدها طيلة هذه السنوات ''أنو السادات''، والتي تبعد خطوات عن مقر عمله؛ فإذا بالأخبار التي عرفها باليوم السابق مؤكدة ''المحطة مغلقة''، يمر القطار سريعًا على اللافتة ورصيف المحطة الخالي إلا من تلك المقاعد، لا أثر لبشر وسط الظلام الذي لا يظهر فيه ضوء إشارات ماكينات دخول وخروج الركاب، لا يتوقف القطار وتظل الأبواب مغلقة حتى المحطة التالية ''جمال عبد الناصر''.

أكثر من شهر مضى على تحول مسار ''أحمد'' إلى محطة مترو أنفاق ''الإسعاف'' التي تبعد أمتارًا عن مكان عمله بعد أن كانت خطوات تفصله عن رصيف محطة ''التحرير''، الأمر الذي جعله يستيقظ مبكرًا عن ميعاده المعتاد حتى يستطيع النزول من منزله '' ساعة بدري'' ليتمكن من الوصول إلى مقر عمله بميعاده.

فمنذ قرار غلق محطة السادات في 16 أغسطس الماضي لدواعٍ أمنية كما صرحت الجهات المسؤولة، وتضرر ''أحمد'' ماديًا وجسمانيًا ''بنزل عند الإسعاف مبلاقيش حاجة أركبها، يعني بقى في مواصلة تانية''، على حد قوله.

ومع أنها ليست المرة الأولى التي تُغلق فيها المحطة، إلا أنها الأشد في نظر ''أحمد'': ''حتى أيام الثورة والضرب مشوفناش الفترة دي''؛ فهو يتفق مع وجود دواعٍ أمنية، لكن يرى أن هناك حل وسط غير إغلاق ركن حيوي يعتمد عليه الكثير من الموظفين والمترددين على ميدان التحرير لقضاء مصالحهم ''يقفلوا كل المداخل ويخلوا واحد بس، وشددوا عليه الرقابة والتفتيش، إذا كانوا خايفين ده كويس إنهم عايزين يحافظوا على الناس، لكن الموظفين في منهم تعبانين وعندهم بلاوي يرحموا الناس شوية''.

''التحرير'' و''الشهداء'' هما محطتان الربط الوحيدتان بين خطي المترو ''شبرا والجيزة''، وغلق المحطة سبب تكدس وزحام غير مسبوق بمحطة ''الشهداء'' في جميع الأوقات يشتد وقت الذروة.

وما كان بالركاب غير الاستسلام للأمر الواقع الذي يظهر أحيانًا في الاكتفاء بتعليق مصحوبًا بابتسامة مثل ''ماجدة'': ''اللي قفله يفتحه، اللي شبكنا يخلصنا''، والصبر الذي ينفذ في بعض الأحيان ويتحول إلى غضب يظهر في الانفعال بين بعض الركاب؛ فعلى الرصيف يمكنك أن تستمع لصياح وسط الزحام.

و''أحمد'' ليس الوحيد الذي يشعر بالضرر جراء غلق المحطة؛ فمثله الكثير خاصة من موظفي ''المُجمع''، ''شيماء'' و''سمر'' من شباب الموظفين بـ''مُجمع التحرير'' لكن لا يختلف حالهم كثيرًا؛ فالزحام المعتاد بمحطة ''الشهداء'' وجهتهم الأساسية من وإلى منزلهم الواقع بشبرا الخيمة، زاد مع غلق محطة ''السادات''، وكذلك الوقت الذي زاد بمعدل ساعة عن المعتاد استغراقه.

فليس أمامهم إلا استقلال ''تاكسي'' من محطة مترو ''محمد نجيب'' أو السير إلى ميدان ''عبد المنعم رياض'' لاستقلال ''ميكروباص'' أو ''أتوبيس'' كما تفعل ''شيماء''.

وعلى الرغم من الماديات والوقت اللذان تضاعفا ''كنت باخد ساعة دلوقتي على حسب بقى، والماديات بقت أكتر من الضعف''، إلا أن ''شيماء'' ترى إذا كان إعادة فتح المحطة ''في ضرر لنا على أساس لو في عبوة ناسفة خلاص''، على عكس ''سمر'' التي قاطعتها بضرورة فتح المحطة ''ضرر في إيه اللي عايز ينسف هينسف في أي مكان''.

والبعض لا يغادره التساؤل عن سبب غلق المحطة خاصة أثناء اضطراره للسير ''إيه المانع في فتح المحطة هو قفلها كده بيأمن المترو''؛ هكذا قال ''ماجد''، الرجل الخمسيني، القاطن بالعباسية والذي يضطر للسير إلى باب اللوق، إذا لم يجد ما يستقله، لكن ذلك يمثل عبء مادي إلى جانب الجسدي ''هو الموظف هيجيب منين جنية زيادة''.

''مترو...مترو''.. بجوار الرصيف المجاور لساحة ''مجمع التحرير''، وتمثال ''عمر مكرم'' أخذ ينادي مكررًا تلك الكلمة، ''أحمد علي''، سائق تاكسي، الوسيلة التي أصبح يقبل عليها عدد ليس قليل من الموظفين ومرتادي التحرير، لعدم تواجد وسيلة أخرى تقلهم إلى أقرب ''مترو'' أو إلى مكان يمكنهم منه استقلال وسيلة تصل بهم لمنازلهم أو وجهتهم، خاصة وأنه لا بديل غير السير على الأقدام لمترو ''سعد زغلول'' أو ميدان عبد المنعم رياض.

''علي'' يرى أن تركيز وجهة السائقين للمترو تأتي مساعدة لحاجة الناس ''إحنا بنسعفهم عربيات التاكسي كانت موجودة بس للمشاوير البعيدة دلوقتي بقت للمترو أكتر، هم اللي بيطلبوها، وإحنا بنساعدهم''.

سائق ''التاكسي'' الذي لا يكل من النداء أضاف أن الناس تخشى ركوب المترو وتفضل استمرار غلقه، بسبب كثرة الأخبار عن المتفجرات التي تم إبطال مفعولها و''الركوب من بره أحسن''، لكنه لا ينكر أن '' في ناس اشتكت عشان الفلوس مش بياخدوا رواتب كويسة وبيصرفوها على المواصلات، يدفع كل يوم 8 أو 10 جنيه غصب عنه هو بياخد كام لكل ده''.

''الفترة دي تأمين''.. هكذا قال ''أبو كريم''، سائق آخر، وقف بانتظار راكب، عن قرار غلق محطة مترو ''التحرير''، معتبرًا أن رغم أضراره على البعض لكنه شر لابد منه لحماية المواطنين.

وعلى الرغم من بدء عمله بمنطقة التحرير منذ 6 أشهر إلا أنه ركز وجهته على المترو سواء ''سعد زغلول'' أو ''محمد نجيب''، بينما قبل ذلك كان يعتمد على ''المشاوير البعيدة والخاصة''.

بعض سائقي عربات ''التاكسي'' يقوم بنقل الركاب ''بالنفر'' من الموظفين الذين يجدون في المشاركة تخفيف من عبء ''الأجرة''، وقال أبو كريم'': ''هنعمل إيه بس مضطرين عشان الحال يمشي''.

بقايا كلمات، وإعلانات ورقية وكذلك أسلاك شائكة، هي كل ما تجده جانب درجات ''السُلّم'' التي تقود لأبواب المحطة المغلقة، التي ينتظر الكثير فتحها خاصة بعد بدء العام الدراسي، دون توقف عن المناشدة لعل الإجابة تتغير عن ''دواعٍ أَمنية''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان