''الأحمدان''.. من ''أبو زعبل'' إلى ''عتاقة'' والاسم ''معتقل سياسي''
كتبت - دعاء الفولي وإشراق أحمد:
تفصل بينهما عشرات الكيلو مترات، والوطن واحد، كما اسمهم، والوظيفة التي شغلوها بعد مؤهلهم التعليمي ''مهندس''، واللقب الذي حملوه بعد أول مولود ''أب''، والوصف الذي أُطلق عليهم بعد قيدهم في الكشوف التي أُلقى بمن فيها من أسماء خلف قضبان حديدية '' سجين''، ورغم أن الأول بشمال البلاد والثاني بوسطها مع أن جنوبها شهد مولده، والقضبان ليست جديدة على الأول؛ فكانت حجر الاختلاف إلى جانب ظروف كل منهما إلا أن خيط التشابه بينهما يعود مع كلمة ''معتقل''.
''أحمد مراد''.. ''معتقل'' قيد الطلب
بصوت متهدج يهدأ من الدمع حينا ليحكي تفاصيل الاعتقال؛ تحدثت ''هبة درويش'' عن زوجها ''أحمد مراد'' ذو الثلاثة والأربعين عامًا والمُعتقل بسجن ''عتّاقة'' بالسويس ''كان يوم الجمعة اللي بعد أربعاء الفض، وكنا في شاليه بتاعنا في العين السخنة، لقينا حوالي 14 عربية جيش وشرطة وفي ضباط كتير جدًا دخلوا الشاليه وكسروا الأبواب كلها وخدوا أحمد''.
''أسلحة نارية'' و''حرق كنيسة''.. هي عينة من التهم التي وُجهت لـ''مراد''؛ فهو على حد قول زوجته ''توجه له تهم كمان إنه حرق مدرسة وإنه بيصرف على اعتصام رابعة''، موضحًة أنه عندما تعاملت النيابة مع الأحراز التي وجدوها في منزلهم لم يكن من ضمنها ''أسلحة نارية''، كما أضافت أن القوة التي قبضت على زوجها ''مسابوش حاجة، خدوا كل حاجة من البيت أربع لاب توب والموبايلات، ورفعوا علينا الرشاشات، وولادنا الأربعة البنات اتفزعوا من المنظر، كانت حاجة مش آدمية''.
يأتي ذلك الاعتقال لتكون المرة الثالثة التي يؤخذ فيها ''مراد'' إلى الاحتجاز كسجين سياسي ''دي مش أول مرة أحمد يعتقل، أول مرة كان في كلية هندسة أتاخد شهرين، وتاني مرة في عهد مبارك أتاخد 6 شهور، وفضل قاعد في السجن في المرتين من غير تُهم، يتجدد له حبس كل 15 يومًا أو كل 45 يومًا من غير ما نفهم ليه، لحد ما قرروا يخرجوه''، حسبما قالت '' هبة''.
أكثر ما يزعج زوجة ''مراد'' إلى جانب كونه مُعتقل هو ''أحمد موجود في السجن مع جنائيين، والمفروض إن السياسيين يبقوا لوحدهم، موجود في أوضة مساحتها 3×3 متر وفيها 220 واحد جنائي منهم أربعة سياسيين فقط، لا بيعرفوا يناموا ولا يقوموا من ضيق المكان، غير المضايقات اللي جوه، حتى مفيش مراعاة لكونه إنسان، ساعة المحاكمة الأولى فضلت إيده محطوطة في الكلابش جوه قاعة المحكمة حوالي خمس ساعات من غير ما يفكوها''.
''هبة'' تعتبر أن نزول ''مراد'' للاعتصام في ''رابعة'' لم يكن تهمة تستلزم الاعتقال، خاصة وإنه مهندس يمتلك شركة مقاولات تأثرت بشدة باعتقاله وتأثر معها ثلاثون موظف يعملون لديه، على حد تعبيرها.
التجديد هو المصير حتى الآن لقضية ''مراد''؛ فقد تم تجديد 15 يومًا أخرى له الخميس الماضي، لتبقى قضاياه معلقة حتى يتم البت فيها.
''أحمد عبد المولى''.. سنة أولى اعتقال والتهمة ''مجهولة''
ومن الشمال إلى الجنوب، أصبح اسم ''أحمد'' أيضًا بين كشوف المحتجزين، ليضاف إلى وصف ''مهندس ري''؛ 35 عامًا هي عمر ابن محافظة سوهاج، طفلان وزوجة إلى جانب والدان شقَّهُم فراقه، هم كل ما تركه '' أحمد عبد المولى عبد الرحمن'' قبل رحيله.
طلب مقدم للحصول على إجازة كان فارق في حياة ''أحمد'' الذي وفد إلى القاهرة لتخليص بعض الأوراق، ومعها الإطلاع بمرأى العين على ما يجري باعتصام '' رابعة العدوية''، حيث كان من المؤيدين للشرعية لكنه ليس منتمي لجماعة الإخوان على حد قول '' وليد''، فإذا بالمرة الأولى التي يشارك في مظاهرات أو اعتصام، يقع '' أسير'' الاحتجاز بتهمة غير معلومة حتى الآن.
مساء يوم الاثنين كانت زيارة ''أحمد'' الأولى لميدان ''رابعة العدوية'' بالقاهرة، بينما تنتظر أسرته بسوهاج عودته الخميس، كما كان مقرر، لكن ذلك لم يحدث، حيث قامت قوات الأمن بفض الاعتصام صباح الأربعاء.
لم يعبأ الأهل بالأبناء إلا مع هاتف، عصر الأربعاء، من قبل أشخاص استنتجت العائلة أنهم يعرفون ''أحمد''، أخبروهم أنه تم اعتقال والد الطفلين والابن الأصغر للعائلة، ليتأكد الخبر ببحثهم على صفحات الانترنت خاصة '' فيس بوك''، والجرائد التي نشرت أسماء من تم القبض عليهم خلال الأحداث فإذا باسم ''أحمد عبد المولى'' قيد الكشوف.
''أحمد إنسان عادي في حاله مالوش أصلًا في المظاهرات والاعتصام، إنسان بسيط متدين ومهندس في شركة الري بسوهاج''.. قالها ابن العم مضيفًا أن كل ما عرفوه منذ خبر احتجاز '' أحمد''، أنه '' راح قسم أول مدينة نصر وأترحل على سجن أبو زعبل''، أما التهمة فغير معروفة؛ حيث لم يتمكن الأخ الأكبر لـ''أحمد'' وكذلك المحامي المستعان به من رؤيته ومعرفة سبب الاحتجاز حتى الآن.
زوجة في حالة يرثى لها وأولاد صغار، وأم بسيطة ووالد'' راجل فلاح مش متعلم مش عارف يعمل إيه''، وإنذارات متوالية بالفصل من شركة الري التي يعمل بها '' أحمد'' منذ ما يقرب من 10 سنوات وفقًا لعقد مؤقت كحال الكثير، لم يتم تثبيته فيها إلا منذ عام فقط، فبعد تحمل عناء سنوات مقابل مرتب زهيد، بات يتحطم كل ذلك مع تلك الإنذارات التي تتوالى لمنزل '' أحمد'' رغم إعلام الشركة بأنه قيد الاعتقال الأمني '' خايفين عليه وعلى شغله كل شوية تيجي إنذارات بالفصل نقولهم ده معتقل مفيش فايدة'' .
رؤية المهندس ابن سوهاج المحتجز بالقاهرة، ومعرفة التهم الموجهة إليه، أمل صغير لأهل '' أحمد'' المنتظرين لأية أنباء عنه بسوهاج، والسائحين وراءه بالقاهرة لتحقيق ذلك، بينما الأمل الأكبر في الإفراج عن ''أحمد''، حسبما قال ابن عمه ''وليد'' موجهًا ندائه لكل من يهم الأمر موقنًا أن ''اللي يخاف هو اللي ارتكب جريمة لكن أحمد طيب جدًا مالوش في المظاهرات الوحيد اللي في العيلة ميدخلش في مشاكل وفي حاله دايما، ياريت يفرجوا عنه هو معلمش حاجة لا قتل ولا سرق لو عمل حاجة يتعاملوا بالقانون لكن هو معملش حاجة لا عمره عرف طريق سلاح ولا يعرف يدبح فرخة حتى''.
فيديو قد يعجبك: