''صلاح جاهين'' ..رحلة إبداع مع ''عجبي'' و ''على اسم مصر''
كتبت - نوريهان سيف الدين:
''خرج ابن آدم من العدم قلت ياه، رجع ابن آدم للعدم قلت ياه، تراب بيحيا و حي بيصير تراب، الأصل هو الموت ولا الحياه ؟ عجبي'' لخصت هذه ''الرباعية'' حياة المبدع الراحل ''صلاح جاهين''، فرغم تعدد المواهب و الضحكات التي ملأت الدنيا، إلا أن نفسه ماتت مهمومة مكتئبة، و قضى حياته يفكر في فلسفة هذه الدنيا، و خلال تلك الرحلة كانت ''عجبي !!'' هي الرفيقة و التعليق المناسب.
''محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي جاهين'' المولود بحي ''شبرا'' في مثل هذا اليوم (25 ديسمبر 1930)، والده كان يعمل بسلك النيابة و القضاء و والدته ربة منزل، دخل كلية الفنون الجميلة حيث عشق الأول ''الرسم''، إلا أنه لم يكمل الدراسة بها و نقل أوراقه إلى ''الحقوق'' اقتداء بوالده.
تغلب حب الفن على ''جاهين''، و عمل ''رساما'' بمجلات ''روز اليوسف و صباح الخير''، و تطور الأمر فصار ''رسام كاريكاتير'' بجريدة ''الأهرام''، و كانت رسوماته ''طلقة في الصميم''، تابعها باعجاب و شغف قراء الأهرام، خاصة بعد فترة ''23 يوليو'' و هي التي فجرت مواهبه اعجابا بالثورة و انتهاج مبادئ الاشتراكية، حيث أنه كان ''يساري الهوى''، و كان ''عبد الناصر'' تميمة مميزة في رسومات ''جاهين''، إلا أن ''النكسة'' جاءت فكسرت ظهره، بعد أن ظل سنوات يتغنى بحلم العروبة و الجيش القوي و التغلب على أعداء مصر.
أغاني مع ''حليم و شادية'' و مطربي الستينات، وضعت اسم ''جاهين'' كأحد نجوم الصف الأول في الشعر الغنائي، و توجت بأغنية لكوكب الشرق ''أم كلثوم'' كان اسمها ''راجعين بقوة السلاح''، و صادفت الأقدار أن تغنيها ''الست'' قبيل حرب يونيو، و هو ما ضاعف الألم النفسي لـ''جاهين'' غير مصدقا للنكسة و هزيمة الجيش، و ادخله في دوامة الاكتئاب و الانعزال.
''جاهين و السندريلا'' .. قصة حب جمعت بين موهبتين، فهي الرقيقة و متعددة المواهب، و هو الأخ الأكبر و الصديق المقرب و المرشد الأمين لها، و قدما معا تاجا مرصعا بالأعمال المميزة، أبرزها ''خلي بالك من زوزو، أميرة حبي أنا، حكايات هو و هي، و غيرها''.
''الليلة الكبيرة يا عمي و العالم كتيرة، ماليين الشوادر يابا من الريف و البنادر'' .. ابداع سطره ''جاهين'' و لحنه ''سيد مكاوي''، و هو الذي وضع ''فن الموالد الشعبية'' جنبا إلى جنب مع ''الماريونت و العرائس''، و خرج ''اوبريت الليلة الكبيرة'' لتتغنى به أجيالا بعد أجيال.
''على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء، أنا مصر عندي أحب و أجمل الأشياء، بحبها بعنف، و برقة، و على استحياء، و اكرهها و ألعن أبوها وقت الداء، أحبها قوية مالكة الدنيا شرق و غرب، و احبها مرمية كسيرة حرب'' .. اغنية افرز فيها ''جاهين'' عشقه لمصر، و صارت رمزا للحب ''الجاهيني'' تجاه مصر مهما تغير بها الحال.
''فوازير رمضان'' هي الأخرى علامة في تاريخ ''جاهين''، فمن خلال الاذاعة و على أثير ''البرنامج العام''، قدم ''جاهين'' لأعوام طويلة ''فوازير رمضان'' بصوت الإذاعية القديرة ''آمال فهمي''، و هي المسيرة التي استكملها نجله ''بهاء جاهين'' من بعده.
توفي ''جاهين'' في 21 ابريل 1986، بعد فترة صراع مع المرض و السمنة و الحزن، و كانت ''السندريلا'' و زوجته الثانية ''منى قطان'' ههما أخر من كان معه قبل لقاء ربه، و رحل ''الشاعر و الرسام و الممثل'''' تاركا ''عجبي'' كأيقونة شعرية زجلية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: