إعلان

''رشا وآية وعزة وخديجة''.. انكسار النفس تحت وطأة ''السلطة''

07:58 م الأحد 27 أكتوبر 2013

كتبت - دعاء الفولي:

تشابكت أيديهن، وارتفعت أصواتهن المعترضة ليبلغ مداها عنان السماء، لم يعبئن باحتمالات الإهانة، سواء من السلطة التي ضربت وسحلت وسجنت بعضهن من قبل، أو من المجتمع الذي يتحول أحيانًا ليصبح لسان حاله ''إيه اللي وداها هناك''، وطالما أن في الأنفس رمق، ستبقى كلمة ''لا'' للظلم هي سبيلهن الوحيد، للخروج من براثن السلطة وشِباك المجتمع.

''كشوف العذرية، أحداث محمد محمود، مجلس الوزراء''، وأحداث أخرى كثيرة، باسمها تم انتهاك كرامة بعض المصريات اللاتي وضعتهن الظروف في موقع الحوادث؛ لتصبح أقلهن جرحًا هي من قتلتها رصاصة بهدوء، ثم تتفاقم الجروح لتصل لمنتهاها الجسدي والنفسي، جروحًا لا تسبب موت، لكنها لا تترك مكانًا للحياة.

كشوف العذرية

كان ذلك في الحادي عشر من مارس عام 2011، عندما دخلت قوات الجيش ميدان التحرير ليلاً للقبض على المعتصمين به، بينهم 18 فتاة، وترحيلهم إلى النيابة العسكرية بالحي العاشر في مدينة نصر.

''رشا عبد الرحمن''، أحد المقبوض عليهن في فض اعتصام مارس، وإحدى الشاهدات على قضية شغلت الرأي العام فترة طويلة ''كشوف العذرية''؛ حيث أفادت شهادة ''رشا'' بالمعاملة السيئة داخل النيابة سواء جسديًا أو لفظيًا، بالإضافة لإجراء كشف عذرية لها ولزميلاتها من قبل طبيب يدعى ''أحمد أنور'' دون وجه حق، حسب قولها.

بعد تأجيلات عدة للقضية، حصل الطبيب على براءة، بسبب تناقض أقوال الشهود، وهو ما لم تكن ''رشا'' وزميلاتها يتوقعنه، وبالأخص ''سميرة إبراهيم''، التي قامت بتفجير القضية، والعنف معهن من البداية.

ذات الرداء الأحمر

تساقط القتلى والرصاص الحي والضرب والاعتقال، أشياء لم تمنعها من الوقوف قريبًا من تلك الفتاة، التي تم سحلها على مرأى العالم، تقدمت منها ببطء شديد وحذر، انحنت قليلاً للأسفل لتحاول مساعدة الفتاة الملقاة أرضًا بلا حراك، فجاءتها ضربة على الرأس لم يعد العالم بعدها كما كان من قبل.

لم يتوقف الأمر على مجرد ضربة فوق الرأس؛ فـ''عزة هلال''، التي حاولت إنقاذ فتاة تم سحلها بميدان التحرير، من قبل بعض جنود الجيش، أثناء فض اعتصام مجلس الوزراء في ديسمبر 2012، تلقت سلسلة من الركلات والضربات في أنحاء متفرقة بالجسد، أفقدتها الوعي في الحال.

لم تُشف ''عزة'' من الضربات الجسدية إلا عقب الأحداث بعام تقريبًا؛ حيث أصابها الضرب بكسر في قاع الجمجمة، وكدمات عديدة في الجانب الأيسر من جسدها، وتضررت ذاكراتها بشكل شبه دائم مما حدث.

الطريق إلى ''س 28''

روايتها ليست مختلفة كثيرًا؛ فأحداث العباسية التي تم حبسها وزملائها فيها، جعلتها تواجه قدرًا لا بأس به من العنف والإهانة بداية من وجودها داخل مسجد النور وحتى ذهابها إلى النيابة للتحقيق معها.

بدأت أحداث العباسية يوم الجمعة 2 مايو عام 2012، عندما هاجم مسلحون مجموعة من المعتصمين بالقرب من وزارة الدفاع، وتدخل الجيش فيما بينهم بمدرعات على أرض ميدان العباسية قريبًا من مسجد النور، وتفاقم الأمر عندما حاول أحد المعتصمين القفز على السلك الشائك الموجود بالقرب من وزارة الدفاع، لينتهي اليوم بسقوط 11 قتيلاً واعتقال العشرات، وفرض حظر تجوال ليلي على العباسية.

''آية كمال''، طبيبة قذفتها الظروف داخل ميدان العباسية، وبتلقائية تحركت لتنقذ المصابين قدر استطاعتها.

''كان في ضرب برة، اضطرينا ندخل مسجد النور وطلع كمين''.. قالتها ''آية''، مضيفة أن عدد قوات الشرطة والجيش خارج المسجد كانت كبيرة تحاصره ومن فيه، بعد دقائق قليلة دخلت القوات المسجد للقبض على الموجودين فيه، طبقًا لشهادتها، ليتم ترحيلهم لوحدة ''س28''، وهي وحدة تابعة للنيابات العسكرية بالحي العاشر بمدينة نصر.

أثناء الترحيل كانت المعاملة يُرثى لها، فلم تتوقف الـ''شتيمة، ضرب، اعتداء جسدي، كل الأشياء السيئة كان بيتم معاملتنا بيها ''، هكذا وصفت ''آية'' ما حدث لها، إذ تم نقلهم في البداية بعربات تابعة للجيش، ثم وضعهم بعربة ترحيلات بأعداد كبيرة، لم يستطع معظمهم التنفس فيها خاصة مع وجود إصابات كثيرة بينهم.

تم الإفراج عن ''آية'' وزملائها البنات اليوم الثاني عقب اعتقالهن، ولم يُفرج عن الرجال، إلا بعد ذلك بفترة.

14 يوما في الجنايات

بعد ساعات من الكر والفر، امتلأ ميدان رمسيس ببقايا مشهد لم يختلف كثيرًا عن يوم جمعة الغضب عام 2011، وصادف أنه يوم جمعة أيضًا، لكنه يوافق السادس عشر من أغسطس عام 2013؛ فمع المظاهرات الغاضبة التي خرجت في الشوارع عقب فض اعتصام ''رابعة والنهضة''، تحول الميدان لساحة حرب.

''خديجة إسماعيل''، إحدى المتظاهرات يوم الجمعة، والتي ما إن انتهت المظاهرات ومع اقتراب موعد الحظر، حاولت العودة لمنزلها مع شقيقيها، وبعد محاولات فاشلة للهروب من كمائن البلطجية، قاموا بتسليم أنفسهم إلى كمين يتبع الجيش، قريبًا من غمرة، على أمل العودة لبيوتهم عقب التفتيش.

لسوء حظ ''خديجة'' ذات التسعة عشر عامًا لم تعد ومن معها للمنزل، بل تم ترحيل النساء وهي منهم إلى قسم ''الوايلي''، وهناك كان الوضع أكثر حرجًا؛ فطبقًا لكلامها، تم زجها في زنزانة مع مسجونات جنائيات، عديدات منهن أتين القسم بتهم منافية للآداب، ورغم أن التحقيقات لم تكن قد بدأت بعد، لكن السباب والشتائم انهالت عليها من قبل العساكر والسيدات داخل السجن، حسب قولها.

14 يومًا قضتهم ''خديجة'' داخل القسم، بتهم عديدة لم يتم التحقيق فيها بعد، مثل تدمير منشآت عامة وقتل ظابط جيش، ورغم الإفراج عنها إلا أن القضية قيد التحقيق، ولازال الألم الأكبر لخديجة هو المعاملة داخل السجن، وعدم السماح لها برؤية أهلها ولا المحامي المختص بالدفاع عنها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان