إعلان

حوادث الكنائس المصرية.. سنوات من ''الغدر''

11:31 م الثلاثاء 22 أكتوبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نوريهان سيف الدين:

 

''نار تحت الرماد'' تشتعل بين الوقت والآخر، ''بركان'' تخيف هزاته العنيفة سكان المدينة، وتجعلهم في ترقب لثورته، ودعوات لا تنقطع أن تمر تلك الارتجاجات في سلام، وما بين الوقت والأخر، والاهتزازة البركانية والأخرى، صلوات ودعوات من شعب مصر ألا تندلع أحداث ''فتنة طائفية''، ويوصم طرف بالعار وتهمة الانتقام من طرف آخر.

 

وقع حادث مؤسف، منذ أيام قليلة، تحول فيه ''عُرس'' إلى مأتم جماعي، وبدلاً من ''الزغاريد'' شقت الآهات عنان الليل، ولأول مرة و في تحد كبير، خرجت الأهالي تتحدى ''حظر التجول'' لتتجمع أمام ''كنيسة الوراق''، بعد قيام مجهولون بإطلاق النار على المتواجدين أمام الكنيسة، الذين حضروا حفل ''إكليل''.

 

الحادث ليس الأول من نوعه من قائمة حوادث تستهدف ''الكنائس'' في مصر؛ فهناك قائمة طويلة لمثل هذه الأحداث شهدتها البلاد، و التي فشلت محاولات علاجها من الجذور، لتخرج فقط مؤتمرات ''الهلال والصليب''، بينما ضحايا الأحداث ينزفون دمًا، وآخرون متهمون بالتربص لهم ومحاولة الفتك بهم.

 

''ناصر والبابا''.. انسجام الدولة والكنيسة

 

انسجام تام ساد في العلاقات بين الكنيسة المصرية في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر، الكنيسة التي اعتلى كرسي بابويتها في هذا الوقت البابا ''كيرلس السادس''، شهدت في 24 يوليو 1965 وضع حجر أساس الكاتدرائية الجديدة للأقباط بحضور ''ناصر''، الذى أمر بصرف 100 ألف جنيه مساهمة من الدولة في البناء، وفي 25 يونيو 1968 قام ''عبد الناصر'' مع قداسة البابا بافتتاحها، وقد حضر الافتتاح الإمبراطور ''هيلا سلاسى'' إمبراطور أثيوبيا وممثلى مختلف الكنائس.

 

الخانكة.. شرارة البداية

رحل ''ناصر والبابا كيرلس''، وجاء ''السادات'' على رأس الدولة، و''البابا شنودة الثالث'' على رأس الكنيسة المصرية؛ حادث حرق كنيسة ''الخانكة'' بالقليوبية عام 1972 فى عصر ''السادات''؛ كانت من الشرارات الأولى لحدوث ما يسمى بـ''الفتنة الطائفية''، وقد بدأت المشكلة عندما حاول بعض الأقباط تحويل منزلهم بـ''الخانكة'' إلى كنيسة، مما أدى إلى مواجهات مع المسلمين.

 

وأسرع البابا شنودة الثالث (بابا الأقباط الأرثوذكس)، وأرسل وفدًا كنسيًا لإقامة الشعائر الكنسية فى المنزل محل النزاع؛ كنوع من التحدى للرئيس الراحل؛ حيث كانت العلاقة متوترة بينهما آنذاك، وانتهى الأمر بلجنة تقصي حقائق شكلها البرلمان برئاسة الدكتور جمال العطيفى، زارت أماكن الأحداث، والتقى مع الشيخ محمد الفحام، شيخ الأزهر في ذلك الوقت، والبابا شنودة الثالث، وأصدرت تقريرًا في نهاية عملها استطاع احتواء الأزمة بسلام.

 

الزاوية الحمراء.. ''نفي البابا'' و''أسطورة الـ40 يوم''

في العام الأخير لحكم ''السادات''، وقعت صدامات دامية بحي ''الزاوية الحمراء''، راح ضحيته أكثر من 100 مواطن أغلبهم من الأقباط، وألقي القبض على عدد كبير من الأهالي والمشتبه بتورطهم في ترويع الآمنين، كما توجهت أصابع الاتهام لوزير الداخلية آنذاك ''النبوي إسماعيل''، بتنفيذ خطة حصار لأهالي ''الزاوية'' أدت لزيادة أعداد الضحايا.

 

''خناقة بين الجيران بسبب الغسيل''.. تحولت لحرب شوارع وأعمال سلب ونهب لمتاجر مملوكة لأقباط بالمنطقة، ساعد عليها خطاب ديني متشدد، والتهاب للمشهد السياسي عقب زيارة ''السادات'' للقدس وتوقيعه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، مما زاد من كراهية الجماعات الإسلامية له والسعي للإطاحة به.

 

وتفاقم الأمر فوصل لـ''عزل'' البابا شنودة، ونفيه للإسكندرية فيما يعرف بـ''اعتقالات سبتمبر''، ولم يعود إلا بعد أيام قليلة من اغتيال السادات، وهي النبوءة التي سرت في أوساط الأقباط، بأن الانتقام سينزل على من اضطهدهم خلال ''40 يوم''.

 

''الكشح''.. وزيارة ''بابا الفاتيكان''

خلال سنوات تولي ''مبارك'' للحكم، تحولت قضايا التوتر الطائفي لجهاز أمن الدولة، وكان من بين تلك القضايا ''قرية الكشح بصعيد مصر''، والتي تقطنها غالبية من الأقباط، قتل أحدهم وتوزع الاتهام بين أفراد مسلمين وأخرين أقباط، لكن قوات الأمن ألقت القبض على أكثر من ألف مسيحي، واستخدمت وسائل التعذيب لإجبارهم على اعترافات محددة مسبقًا.

 

الانفجار جاء على مرحلتين، الأولى عام 1999 والثانية عام 2000 والتي سقط فيها 21 قتيلاً بينهم مسلم واحد وعشرون قبطيًا في ليلة رأس السنة، بمشادة بين تاجر قبطي ومشتري مسلم من أهل القرية، قتل بعدها أكثر من 20 قبطي، وجرح ما يزيد عن 30 آخرين من مسلمي وأقباط القرية.

 

وأدى التسليط الإعلامي ونداءات الاستغاثة بأن قام ''بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني'' بزيارة مصر، خاصة بعد توجيه الاتهامات من قبل جماعات حقوق الإنسان بحق ''الشرطة'' لضلوعها في اعتقال مواطنين أقباط وتعذيبهم وإجبارهم على الاعتراف بتهم لم يرتكبوها، إلا أن الأمر انتهى بتبرئة الضباط، وتحويل اسم القرية إلى ''دار السلام'' لطمس ذكرى المذبحة هناك.

 

''الراهب المشلوح''.. وفضائح ''الصحافة الصفراء''

في ربيع 2001، أفردت صحيفة ''النبأ'' موضوعًا مصورًا عن ''الراهب برسوم المحروقي'' وهو يمارس الجنس مع سيدات من أجل العلاج والإنجاب - كما ذكرت الصحيفة آنذاك - وتحول الموضوع من ''فرقعة صحفية'' تعتمد على الابتذال وإثارة الغرائز، إلى استخدام صور مخلة بالآداب والإساءة للأديان وإثارة الفتنة، وخرجت التصريحات متتالية من نقابة الصحفيين والكنيسة والدير و الأزهر، وأيضًا تحدث عنها الرئيس السابق ''مبارك'' ضمن حواره الصحفي في مجلة ''المصور'' حينها.

 

أكثر من 25 بلاغًا للنائب العام بجنح ضد مالك الصحيفة، وقرارات فورية بمصادرة الأعداد وجمعها من السوق، احتجاجات بداخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ورشق للجنود بالحجارة نجم عنها مصابين من قوات الأمن وبعض المتظاهرين بالكاتدرائية، أما صاحب المشكلة ''الراهب المشلوح''؛ فألقت ''أمن الدولة'' القبض عليه، ووقف ترخيص ''صحيفة النبأ'' لمالكها ''ممدوح مهران''، لتعود بعدها مجددًا تحت اسم ''النبأ الوطني''.

 

وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة.. لغز لم يكتشف بعد

موجة أخرى من الاحتجاجات، لكنها هذه المرة جاءت من المسلمين بادعاء إخفاء فتيات وسيدات داخل الأديرة بعد أن أشهرن إسلامهن، ورغم تعدد الحالات، إلا أن ''كاميليا شحاتة - زوجة القس سمعان تادرس، كاهن دير مواس بالمنيا''، و''وفاء قسطنطين- زوجة كاهن دير أبو المطامير''، هما الأشهر في قائمة ''معتقلات الأديرة'' و''مطالب الأخوة في الإسلام''.

 

الاختفاء المفاجئ للسيدتين، بعد ظهور صورة منسوبة لـ''كاميليا شحاتة'' ترتدي الحجاب، وفيديو تعلن فيه اعتناقها للإسلام، حرك عدد غفير من المواطنين لمطالبة الكنيسة بإطلاق سراحهما، وفي المقابل تحرك شعب الكنيسة ليطالب بالدفاع عن السيدات المسيحيات من تحولهن عن دياناتهن، وإلى الآن لم يكتشف سر ''كاميليا ووفاء'' وأين تختفيان.

 

''القديسين''.. دماء ''أجراس'' رأس العام

''الميلاد'' كان موعد لأعمال العنف والدماء على أبواب الكنائس؛ فبعد حادث إطلاق النار على كنيسة ''نجع حمادي'' في ليلة الميلاد 2010، عقب القداس، وتفجير ''كنيسة سيدة النجاة'' بالعراق، أعلنت ''الداخلية'' أن ''القاعدة'' تتوعد الأمن المصري، وبعد 20 دقيقة فقط من ميلاد عام 2011، انفجرت ثلاثة سيارات مفخخة أمام ''كنيسة القديسين'' بسيدي بشر بالإسكندرية، قتل فيها 24 ممن حضروا القداس وأصيب آخرون، وألقت قوات الأمن القبض على عدد من المشتبه بهم، أشهرهم كان ''سيد بلال'' الذي لقى حتفه إثر التعذيب في ''أمن الدولة'' لإجباره على الاعتراف، حسب قول أسرته.

 

بعد أقل من شهر واحد، سقط ''نظام مبارك''، وبكشف وثائق مهربة من ''أمن الدولة'' تبين ضلوع النظام الأمني في عملية التفجير بهدف زعزعة الاستقرار العام وإحكام القبضة الأمنية، لكن ''القديسين'' لم تكن الأولى في الاحتجاجات وإثارة البلبلة الطائفية، فقبلها ''أحداث مارجرجس'' بمحرم بك، إثر عرض مسرحية ''كنت أعمى والآن أبصرت'' عن شاب مسيحي اعتنق الإسلام، ثم عاد للمسيحية، ليكشف رحلته العقائدية بها، وتخرج فيها مظاهرات لمسلمي الإسكندرية لما اعتبروه ''إساءة للإسلام''.

 

''الهلال والصليب'' بعد ثورة 25 يناير.. و''ماسبيرو'' أبرز الأحداث

بعد تجلي آيات ''ثورة يناير'' واختفاء لهجة التفرقة، عادت من جديد بعض أعمال العنف الطائفي، كان أبرزها أحداث إمبابة وكنيسة مارمينا، كما تم تفجير ''الكنيسة المصرية بمصراتة'' بليبيا، وحرقت كنيسة مارجرجس بحدائق القبة بالقاهرة، ومحاولة تفجير كنيسة برفح المصرية ليلة ميلاد عام 2013.

 

لكن ''أحداث ماسبيرو'' في أكتوبر 2011 كانت الأقوى، وحركت الرأي العام بعد خروج مظاهرات ''أحداث كنيسة الماريناب بأسوان''، لتتصدى لها قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي، ويسقط فيها أكثر من 30 قتيل ويصاب 3 من أفراد الأمن في فض اعتصام ''إئتلاف شباب ماسبيرو'' بالقاهرة.

 

30 يونيو.. والبداية مع ''دلجا''

شهدت عروس الصعيد ''المنيا'' لأكثر من مرة أحداث عنف متبادل بين مواطنين مسلمين ومسيحيين، وكان من أشهر أحداث العنف بالمنيا حوادث ''منقطين وبني واللمس ومغاغة وسمالوط''، إضافة إلى أحداث طائفية أخرى في البحر الأحمر، بسبب سور أحد الأديرة الذي وقع وأرادت الكنيسة بنائه بدون الرجوع للجهات الأمنية كما هو متبع.

 

وعقب تظاهرات 30 يونيو التي انتهت بعزل الرئيس السابق مرسي، اندلعت أعمال تخريب وعنف خاصة بمحيط بعض الكنائس المصرية، كان أبرزها حريق ''كنيسة دلجا''، والتي تولت القوات المسلحة إعادة بنائها كما فعلت مع ''القديسين'' من قبل، ورغم الدمار والتخريب، إلا أن القداس نقل من داخلها وحضره مئات المصلين.

 

''كنيسة الوراق''.. من عُرس إلى مآتم

ومنذ يومين، قام مسلحون بإطلاق النار على حفل عُرس خارج ''كنيسة الوراق''، أسفر عن مقتل أربعة أشخاص من بينهم طفلة تدعى ''مريم'' وتبلغ من العمر حوالي 8 سنوات، وأكثر من 18 مصابًا، و توجهت أصابع الاتهام إلى ''جماعة أنصار بيت المقدس''، بحسب ما أعلنته الجهات الأمنية في اليوم التالي من وقوع الحادث.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان