أمنية ''زاهر'' في أول أيام العام الجديد: ''نفسي ألاقي حتة دافية أنام فيها''
كتبت - شيماء الليثي:
حينما امتلأت شوارع القاهرة بالمحتفلين بالعام الجديد مرتدين ملابس ''بابا نويل'' و''الطراطير الحمراء''، ومطلقين أمنياتهم مع ''البلالين'' في الهواء كى تأتى لهم الأيام القادمة بما تمنوا، استيقظ هو من نومه على ''بلاط'' محطة مترو أنور السادات بعد أن ركله أحد العاملين بها فقام منتفضا هو وزملائه المتعبون فارين إلى الخارج .
جلس على أحد الأرصفة بينما جسده ترعشه برودة الطقس، يراقب المرح على وجوه المارة دون أن يعلم أن سببه أو ما الذى تعنيه معنى كلمة ''الكريسماس''، وإذا ما أجابه أحدهم بأنه احتفال بالعام الجديد يكون تساؤله ''على كده بأه دى بقت سنة كام ؟''.
''زاهر'' الطفل ذو الأحد عشر عاما والذى يقبع بالشارع منذ عدة سنين لا يعلم عددها، ربما مر عامين أو ثلاثة منذ أن هدده والده بطرده من المنزل ''لو فضلت شقى كده وما بتسمعش الكلام بيقى تمشى من البيت أحسن وما ترجعش تانى''.. هكذا يحكى ''زاهر'' مسترجعا معاملة والده له؛ إذ كان يتعرض له بكافة أشكال الإهانة التي أودت به إلى الفرار من المنزل .
ويعتبر الطفل الملكوم أن السبب فيما وصل إليه الآن والده ''أنا كده ما هربتش.. هو طردنى''، وبنبرة مرارة استرسل '' أبويا كان بيضربنى كل يوم وما حدش بيحوش عنى، كل حاجة كنت بعملها ما كانتش بتعجبه، وكان بيخلينى أجيب طلبات كتير واشتغل عنده فى محل الملابس لحد ما تعبت''.
حين علم ''زاهر'' صاحب الوجه الوسيم والملابس الرثة أن الناس تطلق أمنياتها فيما يسمى بـ ''الكريسماس'' كانت أمنيته ''نفسى أدفى .. الجو برد أوى ومش بلاقى حتة دافية أنام فيها أو لبس يدفينى''.
امتزجت كلماته بدموع تصطنع التماسك لكنها تأبى من فرط طفولته ألا تسيل عندما تذكر والدته التى طالما دفعت عنه بطش أبيه، لكن بوفاتها تزوج والده بأخرى ''مرات أبويا كانت بتضربنى وبتقول لأبويا يضربنى''.. قالها فيما فاضت عيناه بالبكاء، معلنا عن أمنية أخرى خرجت وسط تنهيدات ودموع ''مش عايز أرجع البيت تانى أبدا.. ولا أشوف أبويا ومرات أبويا .. الشارع عندى أهوّن''.
فيديو قد يعجبك: