112 عاما على ميلاد ''ملك العود''.. أسرار الأمير ''فريد الأطرش''
كتبت - نوريهان سيف الدين:
عاش حياة الأمراء، لم لا وهو سليل ''آل الأطرش'' مقاومي الاحتلال العثماني والفرنسي، والده هو ''الأمير فهد الأطرش'' أمير جبل الدروز، وأمه هي السيدة ''علياء المنذر'' معلمته الأولى و صاحبة الدور الأبرز في حياته.
الأمير ''فريد فهد فرحان إسماعيل الأطرش''، ''ملك العود'' دون منازع ونجم بارز في سماء الغناء، المولود في 19 أكتوبر 1910 بجبل الدروز ''جبل العرب'' بسوريا، لم يرى الطفل ''فريد'' والده نظرا لهروبه ومقاومته الاستعمار الفرنسي والحكم العثماني، حتى أن أخته الصغرى وتوأم روحه ''آمال - أسمهان'' شاء قدرها أن تولد على متن سفينة بعد أن هرب أبوها وأمها من بطش الاستعمار هناك.
وتستمر رحلة هروب العائلة، وتأتي الأم بصحبة ''فؤاد و فريد و آمال'' إلى القدس، ثم تستقل القطار المتجه لمصر وهي لا تعرف إلى أين تتجه، وعلى الحدود يسألوها عن ''أوراق ثبوت الهوية'' ولا تجد ما يثبت أنها ''من بيت أمراء الدروز''، وتطلب الاتصال بالزعيم ''سعد زغلول'' ويأمر باستضافتهم حتى القاهرة.
تتحول حياة الأمراء من رغد العيش إلى ''غرفتين صغيرتين'' بحي الظاهر، ويلتحق الأبناء بالقسم المجاني بمدرسة ''الفرير الفرنسية'' بحي ''الخرنفش''، وتخشى الأم من ''لقب الأطرش'' المزعج للفرنسيين فتغير لقب أبنائها إلى ''كوسا''، وينكشف بعد سنوات فتطردهم المدرسة، ويلتحقوا بـ''مدرسة البطريركية'' للروم الكاثوليك.
تعمل الأم بأحد الأديرة، ويعمل ''فؤاد و فريد'' في محلات الخبازة، ويبقى ''العود'' هو رفيق الأسرة ومسلي وحدتهم، وتتعلم ''آمال و فريد'' أصول الغناء و العود'' من ''الأم علياء''، ويدرس ''فريد'' بمعهد الموسيقى'' أصول العزف والنوتة الموسيقية، وتتعرف الأسرة على الملحن ''فريد غصن'' صاحب الأصول الدرزية، ويأخذ بيد ''فريد'' إلى عالم الغناء.
يعمل ''فريد'' في بداية حياته في ملهى ''ماري منصور'' ثم بالملهى الأشهر بشارع عماد الدين ''بديعة مصابني''، ويذيع صيته، ويتقدم لامتحان الإذاعة كمطرب، و من سوء حظه يصاب ''بزكام'' يمنعه الغناء، وبعد توسلات للإذاعي والموسيقار ''مدحت عاصم'' يقبل في امتحان ''عازفي العود'' ويبهر لجنة المستمعين.
بعد عام يعاود ''فريد'' التقدم ويجتاز الاختبار، ويحس أنه ''يولد من جديد'' وكان أول مبلغ يتقاضاه من الإذاعة المصرية هو ''جنيه و نصف'' للحفلة الواحدة، و يقدم ألحان ''من يوم ما حبك فؤادي'' ثم ''ياريتني طير و أنا أطير حواليكي'' الذي يحقق له نجاحا كبيرا.
يدخل ''فريد'' عالم السينما لأول مرة عام 1940 مع أخته ''أسمهان'' في فيلم ''انتصار الشباب'' إنتاج ''ستوديو مصر''، ويقدم للسينما حوالي 31 فيلما كن فيها ''البطل'' دائما، ويدخل عالم ''الإنتاج بفيلم ''حبيب العمر'' الذي صور قصة حياته الحقيقية وجنى أرباحا طائلة آنذاك.
يجدد الملحن ''فريد'' من الموسيقى العربية، ويدخل ''الأوبريت'' بصورته الناضجة الحالية في أول أفلامه، كما يدخل ألحان ''التانجو والفالس''، وآلات العزف الغربية ''الكلارنيت والأورج والجيتار''، كما أنه صاحب الفضل في ''المقدمة الموسيقية الطويلة'' في أغانيه مثل ''الربيع'' و ''بنادي عليك''.
يعيش ''فريد'' حياة الأمراء، ويعرف عنه السخاء والكرم، وتحكي المجلات أن بعد ثورة يوليو وإعلان فتح باب التبرعات لتسليح الجيش، التقى ''فريد'' برئيس الوزراء وقتها ''جمال عبد الناصر'' وأعطاه ''شيك'' بمبلغ 10 آلاف جنيه.
يعيش ''فريد'' قصص حب بدون زواج، وكانت أول قصة حب للراقصة ''سامية جمال''، ويبدع فريد في ألحان ترقص عليها مثل ''الفراشة''، إلا أنها تبتعد عنه بعد سنوات، وتظهر في حياته آخر ملكات مصر ''ناريمان'' وكانت قد حصلت على الطلاق من ''فاروق'' وعادت من مصر، ويتقرب لها ''فريد'' ويغني ''نورا نورا'' ويكونا حديث المجلات، إلا أن والدتها ''أصيلة هانم'' تخرج لتكذب الخبر، وتقول أنه مجرد مطرب وإن كان يبحث عن الشهرة فليبتعد عن بنات العائلات الكريمة، و يصاب ''فريد'' بعدها بأول ''ذبحة صدرية''.
عام 56 يتعرف ''فريد'' على ''الدلوعة شادية'' أثناء تصوير فيلم ''ودعت حبك''، ويتبادلان الإعجاب، ويأتي الفيلم الثاني والأخير ''أنت حبيبي'' إخراج يوسف شاهين 1957، ويبتعدا بعد أن قدما أشهر ''دويتو'' غنائي ''يا سلام على حبي وحبك''.
ويعيش فريد بدون زواج نظرا لتقاليد عائلته الصارمة التي تمنعه من الزواج خارج إطار ''أميرات الجبل''، ويبقى وحيدا إلا من بعض الأصدقاء، ويجني ثمار مجده الفني بـ15 وسام وقلادة ونيشان، ومنحه الرئيس ''عبد الناصر'' وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في مارس 1970، وحصل على ''قلادة الجمهورية اللبنانية'' عام 1974 .
ويعتبر ''فريد الأطرش'' أول فنان عربي تمنحه فرنسا ''وسام الخلود'' عام 75 بعد وفاته، وتنشر أعماله في الموسوعات العالمية، وهو الفنان الوحيد الحاصل على ''أربع جنسيات'' عربية هي المصرية والسورية واللبنانية والسودانية.
عرف عنه حب الخيل ولعب الورق، و''المهلبية'' كانت أشهر أكلاته، وتمنى التلحين لـ''أم كلثوم'' و''حليم'' و ''عبد الوهاب''، كما تمنى الوقوف أمام ''السندريلا''، إلا أن وفاته بأزمة قلبية في 26 ديسمبر 1975 لم تمهله القدر لتحقيق أمنياته.
فيديو قد يعجبك: