(سهير - ميار - ...): خِتانهُن قتلهن
كتبت ـ هاجر حسني:
منذ عامين وفي نفس التوقيت تقريبا يونيو 2014، اتخذ أهل سهير الباتع قرارًا بإجراء عملية الختان لها، وفي قرية صغيرة تُدعى "منشية الإخوة" بمركز أجا، محافظة الدقهلية، بإحدى العيادات الخاصة، قضت الطفلة ذات الـ 13 ربيعاً آخر لحظاتها قبل أن تلقى مصرعها بجرعة بنج زائدة قبل إجراء العملية.
هذه الحادثة وغيرها لم تُثنِ الكثيرين عن اتخاذ خطوة ختان بناتهن، حتى في ظل حدوث حالات وفاة ونزيف وأضرار أخرى، تنتصر العادات في النهاية وتدفع الفتيات ثمن هذه القرارات الغير رشيدة، وهو ما تكرر خلال الأيام الماضية مع الطفلة ميار موسى "17 عاما"، والتي لقت مصرعها نتيجة إجراء عملية الختان لها بمستشفى السويس، وهو ما أدى لاتخاذ اللواء أحمد الهياتمى، محافظ السويس، قرارا بإغلاق المستشفى.
وعلقت منى عزت، مدير برنامج المرأة والعمل بمؤسسة المرأة الجديدة، على الواقعة قائلة إن هناك قوانين للختان ولكنها غير مُفعلة، ويتم تذكر هذه القوانين عندما تحدث كارثة ويبدأ الصحفي في الكتابة مثل وفاة الطفلة ميار، لافتة إلى أنها ليست الواقعة الأولى ولن تكون الأخيرة.
وأضافت عزت لمصراوي، أن الدولة متواطئة مع هذه العادات ومن يدفع ثمنها هن الفتيات، مشيرة إلى أن الدولة لا تحارب الأمر بجدية كافية، فتغيير هذه العادة يحتاج لإرادة وإجراءات رادعة من نقابة الأطباء، بحسب قولها.
ولفتت إلى أنه إذا أعلنت نقابة الأطباء عن خط ساخن يمكن الأهالي من الإبلاغ عن أي طبيب يوافق على إجراء الختان، سيكون كفيلاً بإبراز النقابة كطرف في التعاون مع المجتمع المدني للقضاء على هذه الجريمة، موضحة "في كل قرية بيبقى معروف من اللي بيعمل العمليات دي ولما بتنزل حملات للتوعية أو للتفتيش بينكروا وجود أشخاص بتعملها".
وعلى الرغم من أن الختان عادة ما يتم على يد سيدات في المناطق الريفية، إلا أنه أصبح يمارس من قبل أطباء في مستشفيات حكومية، فقالت الأمم المتحدة إن نسبة 82% من عمليات الختان في مصر تُجرى على أيدي كوادر طبية مدربة"، داعية الأمم المتحدة في مصر جميع العاملين في مجال الصحة إلى اتخاذ موقف قوي لوقف تحويل ختان الإناث إلى ممارسة طبية.
واعتبرت الأمم المتحدة في بيان لها، أن "مصر تشهد نتائج إيجابية في معركتها الطويلة لمكافحة ختان الإناث، حيث يُظهر المسح الديموغرافي والصحي لعام 2014 انخفاضاً في انتشار هذه الممارسة في الفئة العمرية (15-17 سنة) بنسبة أكثر من 13 في المائة مقارنةً بمسح عام 2008. ومع ذلك، لا يزال أمامنا طريق طويل للقضاء على هذه الممارسة الخطيرة التي تنتهك حقوق النساء والفتيات، ويمكن أن تكون لها عواقب بدنية ونفسية دائمة وأن تؤدي إلى إصابات وإلى الوفاة".
من جانبها، رأت عزة كامل، مدير مركز التواصل "أكت" أن عقوبات جريمة الختان غير رادعة، وفي ذات الوقت مازالت الثقافة الشعبية تسيطر على عقول الأهالي، وهو ما يتطلب العمل في اتجاهين أحدهما تطوير التشريعات، والآخر تغيير هذه الثقافات السائدة.
وقالت لمصراوي، إن الإجراء الصائب في حالة إجراء أي طبيب لعملية الختان هو شطبه من النقابة لأنه غير أمين على أرواح وأجساد البشر ويخالف قسمه الذي أقسمه بعدم إضرار أي شخص، بالإضافة إلى ضرورة وجود توعية بالمدارس والمجتمعات بخطورة هذه الجريمة على مستوى الدولة بالكامل.
وتابعت "وزارة الصحة لازم تلعب دور في الموضوع ده وكمان المؤسسة الدينية والإعلام والمدارس، لأن ده مبيحصلش بس في الأماكن الريفية ولكن كمان في الحضر".
وقال عادل رمضان المحامي بالمبادرة المصرية، إن الختان بالأساس جريمة ولا يعتبر مقتل الطفلة كنتيجة له قتلًا خطأ، لأن القتل الخطأ يكون عند تدخل الطبيب تدخلا مشروعًا يسمح به القانون وينتج عن ذلك وفاة شخص، أما إذا تعمد الطبيب إحداث جرح دون سبب مشروع، بل مُجرم إحداثه، كما في حالة الختان، ونتج عن ذلك وفاة، فإن ذلك يكون جريمة إحداث جرح أفضى إلى الموت".
وأضاف رمضان على أن النائب العام سبق وأصدر الكتاب الدوري رقم 20 لسنة 2008 بشأن جريمة الختان والذي أوضح فيه أن حالات الوفاة المرتبطة بالختان يكون الاتهام فيها بموجب المادة 236 من قانون العقوبات وهي جريمة الجرح المفضي إلى الموت وليس جريمة القتل الخطأ.
وتابع أن القانون بشكله الحالي، الذي يحاسب الأهالي بوصفهم شركاء في الجريمة نتج عنه أن أصبح عمليًّا من المستحيل إبلاغ الأهالي عن الحادثة في حالات المضاعفات الصحية الخطرة أو الحالات التي تتوفى فيها الطفلة خوفًا من العقوبة، ما يدفعهم إلى التستر على الوضع بالشكل الذي يعرض حياة وسلامة الطفلة للخطر في بعض الحالات.
وأوصت المبادرة المصرية بتعديل قانون العقوبات بشكل يسمح بإعفاء الأهالي -أو الشركاء في الجريمة وليس الفاعل الأصلي- من العقاب حال إسراعهم بالإبلاغ عن الجريمة كما هو الحال في العفو عن الجناة في جرائم أخرى حال الإبلاغ عنها.
فيديو قد يعجبك: