كواشي مهاجم شارلي إيبدو.. كيف تحول عاشق الراب إلى إرهابي؟
كتب- محمد مهدي:
كيف يمكن أن يتحول مراهق مولع بأغاني الراب والفتيات والمخدرات، إلى أحد المشتبه فيهما بالهجوم على صحيفة ''شارلي إبدو'' الفرنسية الساخرة وقتل 12 شخصا، وإصابة 11 آخرين، فضلا عن احتجاز رهينة فيما بعد داخل شركة بشمال شرق فرنسا؟ قد تُفسر سيرته السر وراء التغير الذي طرأ على ''شريف كواشي'' خلال سنوات قليلة وجعله الصيد الذي تلهث وراءه الشرطة الفرنسية.
يتيم
لم ينعم ''شريف كواشي'' بحياة هانئة في طفولته، عقب مولده في أواخر عام 1982 في حي بسيط شرق باريس لأبوين جزائريين، حيث غادرا الحياة بعدها بسنوات قليلة، ليُضطر إلى لانتقال برفقة أشقائه إلى دار أيتام بمدينة رين.. هناك قضى قسطا من الزمن، قبل أن يحصل على شهادة في التربية الرياضية ويعود مُجددا إلى باريس مدينة النور.
كَبر الطفل اليتيم، أصبح لزاما عليه أن يحصل سريعا على عمل يكفيه شَر الحاجة، فعمل عامل توصيل بيتزا لفترة ثم تركها لينجرف إلى تجارة المخدرات، التي أدمن تعاطيها فيما بَعد، وقتها لم يظهر على الشاب العاشق للفتيات والمهتم بمظهره من ملابس وقصة شعر وساعة ثمينة لا تفارق يده، أي ميول نحو التشدد.
نقطة تحول
نقطة تحول هامة في تاريخ الشاب الفرنسي ذو الأصول الجزائرية، عندما التقى ذات يوم في عام 2003، بـ ''فريد بنيتو'' ذو الأفكار الدينية المتطرفة، فترك ''كواشي'' حياته القديمة وحِلمه بأنه يصبح نِجم راب، وانغمس في التعاليم التي يتلقاها خلال الدروس الدينية على يد معلمه الجديد داخل أحد المساجد بشمال شرق باريس.
أقنعه ''فريد بنيتو'' الذي يكبره بعام واحد بأن يُطلق لحيته، أخبره أن النصوص الدينية تثبت فوائد الهجمات الانتحارية، وأنه من الجيد أن يموت شهيدا، ثم ضمه إلى شبكة يتزعمها تعمل على تجنيد الشباب في تنظيم ''القاعدة'' وأطلق عليه لقب ''أبوحسن''.
محاكمة
في الشهر الأول من عام 2005 افتضح أمر ''كواشي''، ألقت السلطات الفرنسية القبض عليه أثناء محاولته السفر إلى سوريا والتي كان ينوي أن ينطلق منها إلى العراق للانضمام إلى القاعدة، وبدأت محاكمته التي شهدت مفاجآت أبرزها وصف محاميه ''فينسنت أوليفير'' له أنه ''شاب تافه'' تورط في فعل لا يعلم قدره بعد أن اختلط بأشخاص سيئين.
''كواشي'' اعترف خلال المحاكمة أنه تدرب داخل التنظيم الذي يتزعمه ''بينتو'' على القتال، تم تهيئته جسديا فضلا عن تعلمه كيفية استخدام الأسلحة ومنها البندقية ''الكلاشينكوف''، وأدرك أن الانتحاريين في عداد الشهداء كما لقنه معلمه.
السجن
حُكم عليه في عام 2008 بالسجن 3 سنوات، قضى منهم نصف المدة فقط، لكن يبدو أن السجن لم يلغِ الأفكار المتطرفة التي زُرعت في عقل ''كواشي'' بل أثقلته بنوايا أكثر سوءً، محاميه قال في تصريحات صحفية إن فترة السجن ربما حولت موكله إلى قنبلة موقوتة، حيث أصبح منعزلا، لا يتحدث كثيرا، وأطلق لحيته من جديد.
كان يمكن أن ينتهي ذِكر ''كواشي'' في عام 2010، عندما أُلقي القبض عليه مرة أخرى على خلفية اتهامه بانتمائه لجماعة متطرفة تُخطط لهروب إسماعيل بلقاسم، مدبر هجوم نُفذ في شبكة المترو بباريس في عام 1995، لكن أدلة إدانته التي ضمت خطب لأعضاء في تنظيم القاعدة وجدتها السلطات داخل منزله لم تكن كافية.
مطاردة وموت
ظهر الأربعاء الماضي، هاجم شخصين مسلحين صحيفة ''شارلي إيبدو''، وقتلا 12 شخصا فضلا عن 11 مصابا، وهتفا ''انتقمنا للرسول، الله أكبر'' ثم فرا هاربين، فيما أعلنت السلطات الفرنسية أن ''شريف كواشي'' وشقيقه ''سعيد'' يشتبه في أنهما منفذا الحادث، بعد أن ترك الأخير بطاقة هويته في السيارة التي فرا بها.
أثناء محاولات السلطات الفرنسية الوصول إلى الأخوين المشتبه في تنفيذهما لهجوم شارلي إيبدو، وردت إليها معلومات بتواجدهما، اليوم الجمعة، داخل شركة ببلدة ''دامارتان جويل'' شمال شرق باريس، وأنهما يحتجزان رهينة، وبالتواصل معهما أعلنا إنهما يريدان ''الشهادة''.
في تلك الأثناء احتجز مسلح اخر يدعى أمدي كوليبالي عدد من الرهائن في سوق للأطعمة اليهودية في بلدة واقعة شرق باريس وهدد بقتل الرهائن حال اقتحام الشرطة المبنى الذي يتحصن فيه شريف وسعيد كواشي.
بعد ساعات من واقعة الاحتجاز قامت القوات الخاصة الفرنسية، بمداهمة المكانين الذي يتواجد داخله الأخوين كواشي والمسلح الثالث، وقتلتهم. وايضا قتل أربعة من الرهائن، بحسب وكالة فرانس برس.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: