ما بعد قرار ''نقل الباعة الجائلين''.. ''غضب'' و''استسلام'' و''قلق''
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
لم يكن ''عمرو محمد'' يومًا معارضًا للسلطة، بشكل أو بآخر كان يتعاون مع الشرطة المتمثلة في ضباط قسم السيدة زينب، لم يخالف تعليماتهم؛ فاكتسب ثقة لديهم، مع كل تفتيش يحدث في محيط منطقة القسم، كان هو مرسالهم إلى الباعة الموجودين هناك أن يلملموا حاجاتهم ولو بشكل مؤقت، انقلب الأمر سريعًا على البائع الأربعيني، قبل أن يدري جاءت حملة إلى منطقة السيدة زينب منذ أيام لإزالة إشغالات الباعة، غير أنه لم يلعب دور المُنظم هذه المرة ''خدوا حاجاتي من غير ما أفهم فيه إيه''، لا يعارض وزملائه الانتقال إلى أماكن اخرى، لكنهم يرفضون الانتقال قبل تجهيز أماكن بديلة.
منذ 17 يومًا تقريبًا، بدأت حملة رسمية من قبل محفاظة القاهرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين بأكثر الأماكن ازدحامًا في القاهرة الكبرى، شارع 26 يوليو، منطقة الوكالة إلى ميدان رمسيس وحتى السيدة زينب وما يُشبهها، بين الاستسلام والترحيب كان الباعة، معظمهم لا يُعارض القرار، بل يرونه خطوة جيدة ''أهو نقف في أماكن نضيفة'' على حد قول بعضهم، إلا أنه بعد صدور القرار، أصاب التنفيذ بعضهم بتلف في البضاعة، والذين لم ينالهم التلف، ينتظرون على الحافة، خوفًا من ضياع ''أكل العيش'' بأي وقت.
''شيخ البياعين''، هكذا حاله، أم الاسم ف''وحيد ألومنيا'' كما يناديه الأصدقاء، وعيه بالحياة بدأ أمام مسجد السيدة زينب بائعًا، بعد أب وأخ وأم عملوا بنفس المهنة، على رصيف المسجد المتسع يبيع الملابس منذ 30 عامًا عندما كان في الخامسة عشر، علاقته بالضباط ''زي الفل'' على حد تعبيره، قبل الثورة اقتصر الأمر على بعض مخالفات، تنتهي بغرامة مالية أو تنظيف القسم ''بدل الفلوس''، وكذلك الحال بعدها، في الحملة الأخيرة التي بدأتها الشرطة اختلف الأمر ''لقيناهم نازلين بياخدوا الحاجات.. بنقولهم طب قولولنا وهنشيل براحة فأخدونا''، في القسم على حسب رواية ''ألومنيا'' و''عمرو'' قام الضباط بعمل فيش وتشبيه لمن تم القبض عليه ''واللي معليهوش حاجة كان بيخرج بعد ليلة بيقضيها في القسم''، إلا أن الأول طلب من الضباط بين الحين والاخر أن يعرف مصير بضاعته، فلم يأتيه رد.
عشرة آلاف جنيه ثمن البضاعة التي تم التحفظ عليها حين جاءت الحملة ''رجعنا جزء منها إمبارح واتبقى الجزء الأكبر مش لاقيينه''، يقولها ''ألومنيا'' بصوت مرتفع غاضبًا، إيجار شهري يدفعه كل بائع للدولة مقابل مكان ملائم هو ما يطلبه الرجل الأربعيني، حتى لو تطلب الأمر وجود ساعات عمل مُحددة ''والدولة تحدد الإيجار اللي هي عايزاه 300 أو 400 جنيه في الشهر طالما هنقف بكرامتنا''.
''أنا عايز آكل عيش في أي حتة.. المهم مترميش في الشارع''، قال ''عمرو''، كبائع للحقائب الحريمي يرتكز على رصيف مواجه للمسجد ''إحنا واقفين على الرصيف مش في نص الطريق''، يصف ضباط القسم القريب منه ''ناس محترمة وكويسة ومكنتش المعاملة بينا وحشة قبل كدة''، في نفس ''الفرشة'' يشاركه أخوه الأكبر ''بدر''، يقول: ''أخويا عنده سبع عيال بيأكلهم وأنا عندي أربعة. عايزين الحكومة تحس بينا.. إحنا متعلمين ومعانا شهادات''، ''جراج'' كبير يقع قريبًا من منطق السيدة، يشير ''عمرو'' إلى مكانه، آملًا أن يتم نقلهم إليه ''مش عايزين مشاكل ولا بنحب البلطجة.. بس معندناش شغلانات تانية''.
جانب السلم المؤدي لمحطة مترو ''سعد زغلول'' يفرد ''حسين محمود'' بضاعته المكونة من ''إكسسوار حريمي''، مواعيد عمله ترتبط بالموظفين في المنطقة ''لما بياخدوا أجازة بناخد وبنمشي بعد ما بيروحوا''، تفاصيل الحملة الشرطية التي مرت بمنطقة السيدة زينب تكررت معهم، مع بعض اختلافات بسيطة؛ فبعضهم تم اتهامه بسرقة الكهرباء من المنطقة ''واحنا بنشتغل الصبح بس لأن دي منطقة وزارات..هنسرق كهرباء ازاي؟''، 17 عام جمعت البائع بالمنطقة، لم يعانِ فيها كثيرًا، فالإشغلات بها ليست ضخمة، لكن تركه إياها وانتقاله لمكان آخر غير مرفوض بالنسبة له أو لزملائه ''بس ميودوناش أماكن معزولة''.
رغم وجوده بأكثر منطقة تحوي باعة جائلين بوسط البلد، إلا أن حالة من الثقة نالت من ''أحمد محمد''، بائع الكتب الأربعيني الذي يفرد بضاعته جانب مترو ''جمال عبد الناصر''، وجود نقابة للباعة الجائلين يرأسها جعلتها الوسيط مع الحكومة خاصة فيما يتعلق بوسط البلد، تعليمات ومفاوضات لنقلهم لأرض ''بابور التلج'' أو''الترجمان''، يسمع ''محمد'' كثير منها ولا تعنيه ''أنا على الرصيف وببيع كتب هما جايين لبتوع الهدوم''، على عكس الكثير من الباعة ''مش عايز أتحرك من مكاني.. اتعرفت هنا والناس بتجيلي ومش بعمل مشاكل''، قلق يساوره رغم الثقة المُعلنة، مُضيفًا أن الباعة – في اعتقاده- لن يتحركوا قبل انتهاء شهر رمضان ''عشان هما جابوا بضاعة لرمضان فطلبوا إن الحكومة تستنى عليهم لحد ما الشهر يخلص وبعدين ينفذوا القرار.. ربنا يحلها ساعتها''
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: