تحقيق - المنيا: من أحرق الكنائس؟ (فيديو وصور)
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
كتب - عزة جرجس ومحمد أبو ليلة:
في الساعات الأولى من صباح يوم السادس عشر من أغسطس، قامت قوات الأمن بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، الفض أعقبه اندلاع أعمال عنف في محافظات الجمهورية، نال الصعيد جزءً كبيرا منها، بينما كان للمنيا نصيب الأسد، حيث تم حرق ما يزيد عن سبع عشرة كنيسة بالإضافة للاعتداء على ممتلكات الأقباط.
الاتهامات صوبت باتجاه الإخوان تارة، وباتجاه الداخلية تارة أخرى. الإسلاميون قالوا أنهم لم يعتدوا على الكنائس وأن الداخلية هي من فعلت ذلك وألصقت التهمة بهم وذلك للإيحاء بأنهم إرهابيون، إلا أن الصور الواردة لحطام الكنائس والمباني المحرقة تشير إلى وجود عبارات منددة بالقوات المسلحة وبابا الأقباط تواضروس الثاني على جدران المباني المهدمة.
المنيا يتواجد بها عدد كبير من الأقباط يصل إلى مليون وفقا لبعض التقارير، وعلى الطرف الآخر تعتبر معقل للجماعات الإسلامية، حيث شهدت في تسعينيات القرن الماضي هجمة شرسة من قبل مسلحين أودت بحياة المئات، في هذا التحقيق حاول مصراوي نقل صورة من على أرض الواقع للتعرف على أحول المنيا في الوقت الذي تتأهب فيه مصر للدخول لمرحلة ما بعد 30 يونيو.
مشقة الطريق
أن تستقل وسيلة مواصلات من القاهرة لعروس الصعيد، لم يكن بالأمر اليسير، في ظل توقف حركة القطارات منذ أكثر من أسبوعين، فالزحام على موقف الصعيد بالمنيب كان كبيرا نظرا لكون ''الميكروباص'' وسيلة المواصلات الوحيدة، السائقون رفعوا الأجرة لخمسين جنيها بعدما كانت 30 فقط. قيل لنا أنه في الأسبوع الأول من الحظر وصلت الأجرة لتسعين جنيها.
الطريق الذي يخترق الصحراء استغرق ثلاث ساعات، قبل أن تستقبلنا لافتة كبيرة كتب عليها ''مرحبا بكم في عروس الصعيد''، وعلى هامش اللافتة عبارات ''مصر إسلامية'' و ''السيسي خائن'' بدا جليا أنه استقبال من نوع خاص.
كنائس مكتسية بالسواد
التجول في شوارع المنيا يرسم صورة كاملة الجوانب للعنف الذي حل بها، إلا أن هذه الصورة لا تفصح عن متهمين بعينهم، مبنى بنك شهير تعرض للتحطيم، وكنائس متناثرة بطول المنيا وعرضها مكتسية بالسواد من أثار حريق أتى عليها بالكامل، فيما هدمت ونهبت مدارس وملاجئ قبطية، و أثار لطلقات رصاص حي تخترق أعمدة الكهرباء.
الكل يتحدث عن ميدان ''صيدناوي''، تلك المنطقة التي شهدت أكبر أعمال عنف لقربها من اعتصام جماعة الإخوان المسلمين. مدرسة الأقباط الابتدائية، تطل باستحياء على الميدان، بنوافذ متفحمة، وعبارات لأنصار مرسي على جدرانها .
بجوارها متجرا للدرجات، يجلس على بابه الحاج إسماعيل، يبدو في عقده السادس، رفض تصويره كحال أغلب أهالي المنيا الذين لا يحبون الظهور أمام الكاميرات، ثم سرد بعد ذلك مشاهدته لما حدث للمدرسة التي يرتادها أطفال المنطقة، قائلا :''ملثمون اعتلوا مبنى إحدى البنايات وقاموا بإطلاق النار وبعدها اقتحموا المدرسة''، مؤكدا ''اللي عمل كده غريب عنا''.
دور البلطجية
في شارع محمود حسين، يوجد متجرا محترقا، قال لنا ''منتصر'' صاحب ورشة لصناعة الأحذية تجاور المتجر الذي يملكه قبطي، إن ''بلطجية قاموا بحرقه بعد فض اعتصام رابعة العدوية، مشيرا إلى أن مربع ميدان صيدناوي به العديد من محال الأقباط والمدارس والكنائس، ومتفقا مع رواية الحج إسماعيل، حول أن ملثمين شاركوا في الاعتداءات.
ويتابع منتصر: ''الشرطة ''متقاعسة'' أمنت مكانها وتركتنا مذعورين''، لافتا إلى أن أحدا منهم لم يجرؤا على النظر من نوافذ بيوتهم.
وحول عبارات ''إسلامية.. إسلامية'' التي على جدران المنشآت المحترقة قال :''كتبها الإخوان بعد 30 يونيو، وبعد فض اعتصام رابعة قاموا بحرقها''، مشيرا إلى أن الإسلاميين والخارجين على القانون يتمركزون بالجهة القبلية من المدينة.
''الناحية القبلية''
في الناحية القبلية من المنيا، ينخفض مستوى المعيشة، وتنشط الجماعات الإسلامية حيث يسيطرون على المساجد الرئيسية بها، وتشمل منطقة أبو هلال قبلي، المنيا قبلي، عزبة المصاص، السبع، وأبو طبنجة. وبشهادة بعض الأهالي أكدوا أن من يذهب لهذه المناطق قد يتعرض للسرقة و التحرش.
ملجأ تحول لأنقاض
ملجأ ''أمين باشا إبراهيم'' للأطفال، في شارع ميدان بالاس آتت النيران عليه بالكامل، كان يأوي 70 طفلا، سلمتهم إدارة الملجأ لأقاربهم بعد 30 يونيو خوفا من التعرض لهم، وكان تخوفهم في محله، فما أن فضت الشرطة اعتصام ''رابعة'' حتى تم حرق الملجأ.
يتكون الملجأ من مبنى سبعة طوابق وفيلا تعود لثلاثينيات القرن الماضي. صاحبها ثري قبطي كان وراء تأسيس الملجأ.
''كله للخير ومسيرها نتهي''، كلمات للبابا شنودة الثالث، كتبها الأقباط على بقايا الملجأ. ''ماجد'' اسم مستعار لأحد أصحاب المحال المقابلة للملجأ وقد تم حرق محله أيضا، قال أن هناك علامات(x) كانوا يعّلمون بها محلات الأقباط أثناء تظاهراتهم لحرقها فيما بعد، مشيرا إلى أن الصيدلية المجاورة قاموا أيضا بحرقها.
يقول ''ماجد'': ''خسائري وصلت لـ 250 ألف جنيه، وهذه الصيدلية وصلت خسائرها لأكثر من ثلاثة ملايين جنيه، والنقابة عوضته بـ 800 جنيه فقط''.
وأثناء تجولنا بالمنطقة، كانت علامات (x) لازالت موجودة على بعض المتاجر، وأكد لنا أكثر من شخص الرواية السابقة، حول أن الإخوان أثناء تظاهرهم قاموا برسمها للاستدلال على محال الأقباط فيما بعد وحرقها.
تقاعس
في شارع جانبي من ميدان ''بالاس'' كان هناك محل بقالة، الوحيد الذي فتح أبوابه في هذا الشارع، حيث أن معظم المحال كانت مغلقة بعد أنباء عن تظاهرات كبيرة لأنصار ''مرسي'' في الميدان.
وحيد ووالده القبطي لم يغلقا محلهم قط أثناء التظاهرات التي شهدتها المنيا الفترة الماضية، وذلك لأن كل المنطقة تعرفهم جيدا وأنهم لديهم سمعة طيبة لدى جميع الأطراف، يقول وحيد وهو يشير بيده إلى محال قريبه بينما ''الصليب'' باديا في رسغه، :''قاموا بنهب هذا المتجر وذاك، أما أنا فلم يجرؤ أحد على الاقتراب مني وأنا أعمل الآن رغم التهديدات التي أعلنوا عنها''.
وحيد، الذي يبدو أنه في العقد الثالث من عمره، يقول أن الداخلية تتحمل الجزء الأكبر مما حدث من حرق ونهب لممتلكات الأقباط، مضيفا ''لما عزلوا مرسي يوم 30 يونيو كانوا يؤمنوا كل المنيا ولم تحدث مثل هذه الاعتداءات، أما يوم فض الاعتصامين كانوا يعرفون جيدا أنه ستكون هناك أحداث شغب، ولم يفعلوا شيئا''.
وقال إنه أجرى اتصالا بأحد رجال الشرطة – لم يذكر اسمه – فرد عليه ''احموا أنفسكم''.
'' الإخوان قاموا بتكسير بعض المحال وأبواب الكنائس، وكان هناك بلطجية يقومون بنهبها بعد ذلك.. كل لما تقبل (تتجه إلى الوجه القبلي من المحافظة) هناك ناس فقيرة ومناطق شعبية، يجدون فرصة وسط المظاهرات للسرقة''، يضيف وحيد.
يقاطعه والده، الطاعن في السن ويضيف: ''مظاهرات الإخوان كان يدخل فيها ناس من ''قبلي'' ليس لهم في السياسة وأيضا بلطجية، يعني ثلاثة أطراف''.
''متشددون أحرقوا الكنائس''
في مطرانية المنيا، الكائنة بشارع التجارة، انتظرنا بغرفة الاستقبال بها إلى جانب أقباط جاءوا لـ''أخذ بركة سيدنا'' دقائق و جاء رجل ذو لحية كثيفة بيضاء، ويرتدي بجلباب أسود و بعنقه صليب، فأسرع المتواجدون لتقبيل يده، كان هو إذا الأنبا مكاريوس، الأسقف العام، لمحافظة المنيا تصافحنا ودخلنا معه إلى قاعة فسيحة، قال لنا أنه استقبل فيها ممثلي حزب الحرية والعدالة، بعد فوز الدكتور مرسي بالرئاسة وأكدوا له أنه لا نية لأخونة الدولة أو الجور على حقوق الأقباط''.
ويقول ''مكاريوس'' أن القضية ليست حرق الكنائس، مسترسلا :''قضيتنا ليست في الخسائر المادية التأثير النفسي للأحداث سيئ جدا و خطر على الدولة كلها مسلمين ومسيحيين، هناك فريق بحث لدينا لازال يجمع ويحدد الخسائر التي لحقت بنا، والحقيقة أن أكثر من تأثروا نفسيا هم الأطفال، وقد جمعتهم بعد وقائع حرق الكنائس والملاجىء كي نوضح لهم أن ما قام به فئة من المتشددين وأن ما حدث لا يمثل المسلمين لكي نخلق روح التسامح''.
ويؤكد مكاريوس على أن بعضا من المتشددين في تظاهرات الإخوان قاموا بحرق الكنائس ومنشآت الأقباط، وأيضا بلطجية كانوا بينهم.
وفتا ''هناك أناس من البلطجية تواجدوا ا في الأحداث. كانوا رأس حربة في الحريق تم استخدامهم وتوظيفهم في هذا الحدث لكن الأحداث كانت منظمة وفي توقيت واحد ومن بدأ بالهتاف والحرق كان من أنصار الاخوان وبعض المتشددين''.
والجماعة تتبرأ
محاولة نقل الرأي الآخر كانت بمثابة مجازفة، أمير الجماعة الإسلامية، الشيخ رجب حسن، يقطن بمنطقة ''قبلي'' التي حذرنا العديد من الأهالي من الذهاب إليها، على مشارف المنطقة يطل القناصة من الشرفات، أشاروا لنا أن نسلك طريقا آخر وإلا قاموا بإطلاق النار علينا.
مصادفة التقينا بأحد الشيوخ كان في طريقة لمنطقة ''أبو طبنجة'' بالقرب من مسجد الرحمن الذي يتواجد به أمير الجماعة، ذهبنا معه وفي الطريق حدثنا عن أن الإخوان يختلفون كثيرا عن الجماعة الإسلامية التي تتصف بالعنف بعض الشيء، وصلنا أخيرا لمقر الجماعة الإسلامية المقابل لمسجد الرحمن، انتظرنا لدقائق قبل لقاء أمير الجماعة الذي قال لنا أن من أحرق الكنائس هم ''بلطجية''.
ويرى الشيخ رجب: ''في أي أحداث يتسلل البلطجية ويحدثوا بعض النكايات والأشياء التي تعكر الصفو، لكننا لم ندعُ في أي مرة لحرق كنيسة أو ممتلكات عامة أو خاصة هذا أسلوب دنيء لا يليق بنا'' مؤكدا أن إرهاب التسعينيات لن يعود من جديد وأنهم ملتزمون بالسلمية ''الأقباط يعيشون دائما هنا في سلام، والجماعة رعت الكثير من جلسات الصلح العرفية بين مسلمين وأقباط''.
والشرطة تبرر
على كورنيش النيل، تبدو الأجواء أكثر هدوءً، ولم يلاحظ أي إشارات على أن أعمال عنف مورست بهذه الناحية التي بها مبنى عام المحافظة ومديرية الأمن وفنادق سياحية لأثرياء المدينة، ذهبنا لمدير أمن المنيا اللواء عبد العزيز أبو قورة، الذي أكد أن ''الشرطة لم تقصر''.
قال مدير الأمن ''الاعتداء على الكنائس ومراكز الشرطة والمحاكم كان في توقيت واحد.. الشرطة بتحمي أماكنها بالعافية ولم تستطع تلبية الحاجة الأمنية للمواطن لأن الاعتداء كان ممنهجا''.
''البلطجي بيركب أي موجة منذ 25 يناير لكن المسئول الأول عن الاحداث الإخوان''، هكذا أوضح مدير الأمن لافتا إلى أن الفترة القادمة ستشهد القبض على كثير من المتهمين الذين قاموا بالاعتداءات الأخيرة.
فيديو قد يعجبك: