إعلان

عام في الحكم.. مرسي والدستور

05:23 م الإثنين 24 يونيو 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد أبو ليلة:

''أنا عاوز الشعب يثور ضدي لو ما احترمتش الدستور والقانون''.. ربما أصبحت تلك الكلمات مجال سخرية من البعض، بسبب ما ألت إليه الأحوال بعد عام قضاها الرئيس محمد مرسي في قصر الرئاسة، فهذه الكلمات التي تعبر عن مدى ثورية قائلها، خرجت من لسان مرسي عبر أحدى المحطات الفضائية قبل أيام من فوزه بانتخابات الرئاسة، وربما كانت سبب من أسباب وصوله إلى كرسي الحكم.

ومن يتابع تطورات الأوضاع، وخاصة قرارات الرئيس والقوانين التي يشرعها مجلس الشورى الحالي، سيجد أن بعض هذه القوانين رفضتها المحكمة الدستورية العليا بدعوى مخالفتها للدستور الجديد.

وحسبما يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة في تصريحات لمصراوي من قبل، فإن مجلس الشورى ذو الأغلبية الإخوانية تحول إلى ''آلة سريعة، لصناعة قوانين مضروبة تثير جدل''، مضيفا أن الإخوان يسعون لإصدار تشريعات تساعد على ''تصفية'' خصومهم السياسيين، وإحكام قبضتهم على كل مفاصل السلطة في مصر، بالمخالفة للدستور الذي وضعوه أنفسهم وتم تمريره على جثث الشهداء في أحداث الاتحادية، كما قال.

وخلال السطور القادمة سنرصد عدد من مواد الدستور الجديد التي يردد المعارضين لمرسي أن مجلس الشورى ومرسي نفسه يخالفها وأسفرت عن وجود عدد من المؤسسات الغير دستورية كمنصب النائب العام ووزارة الإعلام، مما يجعل كل القرارات التي اتخذتها تلك المؤسسات مطعون في شرعيتها.

وكي يصبح الرصد دقيق لابد من التنويه أنه خلال عام منذ تولي الرئيس مرسي منصبه، حكمت البلاد ثلاثة إعلانات دستورية مكملة قبل إقرار الدستور الجديد، وبعض مواد هذه الإعلانات كانت مخالفة أيضا لباقي مواد الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011.

''فوضى'' إعلان 21 نوفمبر

أصدر الرئيس مرسي إعلانا دستوريا مكملا في 11 من أغسطس لعام 2012، عزل بموجبه المجلس العسكري عن إدارة شئون البلاد، بعدها أصدر مرسي إعلان 21 نوفمبر المكمل من العام نفسه، والذي كانت مواده السبعة متناقضة مع إعلان مارس 2011.

حيث نصت المادة الأولي من إعلان مرسي في 21 نوفمبر المنشور في الجريدة الرسمية، على إعادة المحاكمات في قتل المتظاهرين، وهذا يتناقض مع المادة 19 من إعلان مارس 2011 الذي كانت تحكم به البلاد وقتها، حيث نصت على أنه لا عقوبة ولا إعادة للمحاكمات إلا بحكم قضائي.

كما نصت المادة الثالثة من إعلان نوفمبر على عزل النائب العام وتعيين نائب عام جديد باختيار رئيس الجمهورية، وهذا كان يتناقض مع المادة 47 من إعلان مارس، والتي تنص على أن القضاة مستقلون وغير قابلين للعزل لا يجوز أي تدخل في السلطة القضائية.

وفي المادة الثانية من إعلان نوفمبر تم تحصين قرارات رئيس الجمهورية من أي طعن عليها أمام القضاء وخاصة مجلس الدولة، وهذا يختلف مع المادة 48 من إعلان مارس والذي ينص على استقلال مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة، كما يختلف مع المادة 21 من إعلان مارس أيضا والتي تحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.

إضافة أن المادة الخامسة من إعلان نوفمبر والتي تقول أنه ''لا يجوز لأي جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور''، وهذا ما لم يكن يتفق مع نص المادة 49 من إعلان مارس والتي تؤكد أن المحكمة الدستورية العليا هي هيئة قضائية مستقلة وغير مقبول التدخل في اختصاصاتها من أي جهة. (مع العلم أن المحكمة الدستورية كانت تنظر حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية في ذلك الوقت).

كما أن المادة 40 من إعلان مارس 2011، تؤكد أنه جائز حل مجلس الشورى والمختص في ذلك محكمة النقض، لكنه طبقا للمادة الخامسة من إعلان نوفمبر كان غير مقبول حل مجلس الشورى.

وبعد ذلك في 8 ديسمبر أصدر مرسي إعلانا دستوريا مكملا أخرا ألغى بموجبه إعلان نوفمبر لكنه أبقى على تحصين قراراته وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، ( وهذا أيضا يخالف بعض مواد الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011).

قوانين غير دستورية

وحسب قرارات المحكمة الدستورية العليا الأخيرة فإن معظم القوانين التي يشرعها مجلس الشورى ''مخالفة للدستور الجديد نفسه''، حيث طالبت المحكمة الدستورية مجلس الشورى أكثر من مرة بتشريع قوانين تتناسب مع الدستور، والتي كان أخرها قانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية، حيث وصفته المحكمة الدستورية العليا في حكمها أنه غير دستوري.

فقد أقرت المحكمة الدستورية العليا بأحقية رجال الشرطة والجيش بالتصويت في الانتخابات، وقد استندت في حكمها للمادة 55 من الدستور الجديد.

ويقول الفقيه الدستوري محمد نور فرحات في تصريحات لمصراوي، أن حكم المحكمة الدستورية هو تطبيق صحيح لنص المادة ٥٥ من الدستور الجديد الذي شرعه الإخوان والتي لا يجوز معها حرمان المواطن من مباشرة حقوقه السياسية، على حد وصفه.

وتابع فرحات: هكذا تنكشف كل يوم ثغرات الدستور الجديد الذى وضع في عجلة دون تأني أو دراسة كافية، ودون النظر إلى النتائج السياسية التي ستترتب على إعطاء حق التصويت لهذه الكتلة العسكرية والنظامية الضخمة أثار مهمة لأنها ستلقى في نهر الانتخابات بكتلة تصويتية صلبة ذات طابع منضبط.

بينما يرى الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي أن تعيين مرسي 90 عضوا بمجلس الشورى كان مخالفا للدستور الجديد لأنه ينص على تعيين رئيس الجمهورية 10 أعضاء فقط، كما أن قرار التعيين الخاص بتكملة ثلث الأعضاء في مجلس الشورى تم بعد الاستفتاء، وهذا يخالف أيضا للدستور، لأن النص الدستوري يقول ''في تشكيله الحالي'' وهذا يعني أن تشكليه الحالي وقت أن ذهب الناخب للأدلاء بصوته، حسبما قال الإسلامبولي.

ولعل ما يزيد بعض التساؤلات أنه في المادة الرابعة من الدستور الجديد تنص على أخذ رأي هيئة كبار علماء الأزهر الشريف في كل الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وحينما برزت قضية الصكوك الإسلامية على الساحة، قام مجلس الشورى بأخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر في تلك الصكوك، لكن الأزهر رفض مشروع القانون، باعتباره مخالف، ومع ذلك أصر مجلس الشورى على إصدار القانون دون رأي الأزهر.

17 مادة دستورية ''مهملة''

وفي تصريحات عن رأيه في عدد من مواد الدستور أكد الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي لمصراوي أن الباب الرابع من الدستور الجديد والخاص بباب الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية تم إهماله بالكامل.

وقال الإسلامبولي إنه لم يصدر حتى الأن قانون ينظم المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد والتي نصت عليها المادة 204 من الدستور، رغم أهمية هذه المسألة ومدى تعلقها بالفساد، مضيفا أنه لم يتم تشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي، حسب نص المادة 207 من الدستور، والذي يتم أخذ رأيه من مجلس الشورى في المسائل المتعلقة بالقوانين.

''وأيضا عدم إنشاء المفوضية الوطنية للانتخابات، طبقا للمادة 208، وهي المفروض أن تكون معنية بالعملية الانتخابية وتشرف عليها بكافة أنواعها، وأيضا عدم إنشاء الهيئة العليا لحفظ التراث، والهيئة العليا لشئون الأوقاف، كل هذه الهيئات كان ينبغي أن يصدر قرار بالعمل بها، لأنها ضرورة، التي كان ينبغي على مجلس الشورى أن يفعله''، هكذا يقول الإسلامبولي.

التعديل الوزاري الأخير

في الوقت نفسه، أقام المحامي محمد حامد أول دعوى قضائية تطالب ببطلان وإلغاء قرار تعيين 9 وزراء جدد في التعديلات الوزارية الأخيرة، أمام محكمة القضاء الإداري، واختصم فيها الرئيس محمد مرسى، والدكتور هشام قنديل، مطالباً بوقف هذه التعديلات حتى انتخابات مجلس النواب.

وقد أكد حامد في تصريحات لمصراوي أن التعديل الوزاري الأخير يخالف المادة 139 من الدستور التي ذكرت أن يختار رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء ويكلفه بتشكيل حكومة وعرض برنامجها على مجلس النواب خلال 30 يوماً على الأكثر، وألا يحل رئيس الجمهورية مجلس النواب ويدعو لانتخاب مجلس جديد خلال 60 يوماً من تاريخ صدور قرار الحل.

وتابع: محكمة القضاء الإداري أصدرت حكماً بوقف انتخاب مجلس النواب لأجل غير مسمى، ومن ثم فإن قرار الرئيس بتكليف قنديل بتشكيل حكومة جديدة، يعد باطلاً ويخالف صحيح الدستور.

لكن جمال جبريل عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى وأحد من قاموا بوضع الدستور الجديد أكد في تصريحات مسجلة معنا أن التعديل الوزاري الأخير شرعي، ويحدث في كل دساتير العالم، وتساءل مستنكر: ''يعني هنعمل أيه؟ هنعيش من غير حكومة لحد ما مجلس النواب يجيي؟، وجود الحكومة ضروري لحد ما ينتخب مجلس النواب، الدنيا كلها بتمشي كده''.

وزير الإعلام ''غير دستوري''

وأثناء البحث في مواد الدستور وتحديدا في المواد 215، في الباب الرابع الخاص بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية والتي تنص على تولي المجلس الوطني للإعلام تنظيم شئون البث المسموع والمرئي وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقيمة، وفي المادة 216 تقوم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام بإدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة.

حيث يعلق عصام الإسلامبولي على ذلك قائلا: المفروض أن كلتا المادتين خاصة بالصحافة والإعلام والمفروض أن الهيئة الوطنية للإعلام تكون مسئولة عن إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية للدولة، في حين أن الحكومة شكلت وزارة لوزير ليست له اختصاصات دستورية وهو وزير الإعلام، وأي شخص صدر له قرار من وزير الإعلام يقدر يطعن عليه في أي وقت باعتباره غير دستوري، فهذا القرار صادر ممن لا يملك اختصاصاته''.

بينما أكد أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة محمود خليل في تصريحات مسجلة معنا أن وزير الإعلام يسعي لأخونة الإعلام، مضيفا: ''يحاول أخونة ماسبيرو والإعلام المصري ولكن من خلال بعض النوافذ الإعلامية التي لا ينشغل بها الرأي العام كثيرا''.

وتابع: ''الدليل على ذلك الاستمرار في أخونة إذاعة القرآن الكريم، على أساس أنها إذاعة تتوجه إلى الرأي العام المصري في القرى والريف والكثير من المصريين يفضلونها، وفي الوقت نفسه لا تشغل بال الكثير من المحللين رغم أهميتها الشديدة''.

في السياق ذاته، يتابع جمال جبريل عضو اللجنة التشريعية بالشورى: ''وزير الإعلام وجوده شرعي ودستوري وقرارته صحيحة، وهناك قانون يحدد عمل وزير الإعلام وصحيح أنه من المفروض بقدر الإمكان أن يتم التسريع في تطبيق مواد الدستور لكن الوضع الأن غير منتظم لأن المشرع الحالي هو مجلس الشورى وهذا المجلس حاليا المسألة بالنسبة له كبيرة جدا ولا اعتقد أنه يستطيع تشريع قوانين كافية لتطبيق مواد الدستور، المسألة تحتاج لدراسات كثيرة''.

النائب العام ''باطل''

تنص المادة 173 من الدستور على أن تعيين النائب العام لا يتم إلا بعد اختيار مجلس القضاء الأعلى عدد من القضاة ثم يعين أحدهم رئيس الجمهورية، حيث يقول عصام الإسلامبولي أن النائب العام ''باطل وغير دستوري وجوده في منصبه''.

يتابع: ''طبقا للمادة 77 من قانون السلطة القضائية وللمادة 173 من الدستور، لا يجوز تعيين النائب العام بهذه الطريقة التي شاهدناها لأنه يعد اعتداء صارخ على القضاء''.

كما قال: ''موضوع النائب العام ليس الاعتداء الوحيد على السلطة القضائية لكن هناك مخالفة جسيمة ارتكبها الإخوان في الدستور في المادة 234 فيما يتعلق بحق التقاضي في الجنايات على درجتين أعطاهم مهلة سنة، وهذا هو الباب الذي جهزوه لإلغاء خدمة القضاة فوق الستين عام، وبعدين يطلبوا عمل قانون جديد بحجة أن هناك نقص في القضاة، بأني أعمل محاكم على درجتين في الجنايات واحتاج لقضاة جدد، ثم يقومون بفتح مسابقات يدخل فيها قوائم عن حزب الحرية والعدالة ويقوموا بأخونة القضاة من هذا الباب''.

بينما أوضح جمال جبريل ''عضو تشريعية الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور'' أن الدستور الجديد يقول أن القوانين الموجودة حاليا تبقى سارية إلى أن تتغير، طبقا لقوانين جديدة.

وأشار إلى أنه ''من غير الممكن في لحظة تتغير لأن الدستور يعتبر منهج حياة فلابد من وقت كاف لتطبيق مواده، نحن نحتاج تفعيل الدستور''.

وتابع ''كل ما نيجي نفعل مواد الدستور، الدنيا تتقلب علينا ويقولو بيعينو ناس تبعهم جربنا أن نشرع قانون للسلطة القضائية الدنيا اتقلبت، الحل في انتخاب مجلس نواب جديد وهو الذي بموجبه يفعل مواد الدستور''.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان