إعلان

الاخوان مكي.. قصة الصعود والهبوط (تحليل)

01:44 ص الإثنين 29 أبريل 2013

كتب- محمد أبو ليلة:

الحكاية بدأت في شهر أغسطس الماضي وتحديدا يوم 12 من الشهر نفسه حينما أصدر الرئيس محمد مرسي قرار جمهوري بتعين المستشار محمود مكي نائبا له، عدد كبير من المعارضين لمرسي والإخوان استقبلوا هذا الخبر ''كأن شيئا لم يكن''، فهم يعتبرون ''مكي'' من القضاة الشرفاء الذين طالبوا باستقلال القضاء وقت حكم مبارك ولا يحملون له نوعا من العداء.

لكن الأيام مرت بسرعة وأصدر مرسي إعلانا دستوريا في نوفمبر الماضي، كان سببا لموجة من الاحتجاجات ضده، وبدأ اسم ''محمود مكي'' يتردد بقوة في الوسط المعارض باعتباره قاضي وساعد مرسي في إصدار إعلان دستوري وصفوه بـ''الديكتاتوري''.

وخلال تلك الأحداث ظهر نائب الرئيس في مؤتمر صحفي يطالب المعارضين ب''احترام الشرعية وإلا فالبقاء للأقوى''، هذه الكلمات كانت كافية لغضب المعارضين من مكي، حيث اعتبروا تلك الكلمات تهديدا واضحا باستخدام القوة لفض مظاهراتهم، وأصبحت الانتقادات تطال ''مكي'' بشكل كبير ممن وقفوا معه في السابق ضد مبارك.

وعلى الجانب الأخر وقبل أيام من تعيين محمود مكي نائب للرئيس تم اختيار شقيقه الأكبر ''أحمد مكي'' القاضي السابق، وزيرا للعدل، كانت بدايته هو الأخر بدون صدامات، ولكن سرعان ما انقلب عليه عدد كبير من المعارضين، بعدما أعلن في الذكرى الثانية للثورة أن وفاة عضو التيار الشعبي محمد الجندي كانت نتيجة لحادثة سيارة، لكن معارضوه كانوا يصرون أن الجندي تم تعذيبه وقتله، مما جعل غضبهم من وزير العدل يزداد يوما بعد يوم.

مرت أيام كثيرة وقدم محمود مكي استقالته من منصب نائب الرئيس، كما تقدم شقيقه أحمد مكي باستقالته من منصب وزير العدل(ولا تزال قيد البحث)، لكن الحال اختلف على ''الاخوان مكي''، قبل السياسية وبعدها، وهذا ما يجعلنا نتابع بنظرة تحليلية أسباب هذا الاختلاف حينما يتحول القاضي إلى سياسي، وهل حقا سيقلل ذلك من شعبيته؟

مكي في القضاء
برز نجم القاضي محمود مكي في عام 2005، حينما كان نائب لرئيس محكمة النقض وكان عضوا بدائرة المستشار حسام الغرياني التي أصدرت حكما شهيرا ببطلان الانتخابات في دائرة الزيتون التابعة لرئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق زكريا عزمي.

ثم كان في طليعة القضاة الذين انتقدوا تزوير الانتخابات البرلمانية لعام 2005، وفي ذلك الوقت أحاله وزير العدل الأسبق محمود أبو الليل مع القاضي هشام البسطويسي إلى مجلس الصلاحية للتحقيق معهما بسبب كشفهما تزوير الانتخابات.

وقتها قام محمود مكي وغيره من القضاة أمثال شقيقه أحمد مكي وزكريا عبد العزيز وهشام البسطويسي بتكوين ما سمي بتيار الاستقلال، هذا ما جعله يتمتع باحترام شديد داخل الوسط القضائي وخارجه، وفي هذا الصدد قال عنه المستشار أشرف زهران نائب رئيس محكمة الاستئناف، ''المستشار محمود مكي هو قاضي جليل وتاريخه مشرف''.

وبالبحث أكثر عن تاريخ ''محمود مكي'' صاحب الـ(59 عام)، سنجد أنه بدأ حياته المهنية ضابطًا بقوات الأمن المركزي لمدة ثلاث سنوات ثم بمديرية أمن الاسكندرية، بعدما تخرج من أكاديمية الشرطة، ثم بعد ذلك التحق بالعمل في النيابة العامة المصرية وكيلا للنائب العام وتدرج في الوظائف القضائية، إلى أن أصبح نائبا لرئيس محكمة النقض.

وعلى الجانب الأخر، هناك شقيقه القاضي أحمد مكي صاحب الـ(72) عام، ظهر على الساحة القضائية مبكرا، وتحديدا في عام 1986 حينما وقف بجانب المستشار حسام الغرياني في مؤتمر العدالة الأول لنادي القضاة، للمطالبة فيه بفصل السلطة التنفيذية عن المحاكم نهائيا.

لمن لا يعرف ف''أحمد مكي'' بدأ حياته المهنية معاون بالنيابة العامة بعد تخرجه من كلية الحقوق وتدرج في المناصب إلى أن أصبح مستشارا في محكمة النقض عام 1985، ثم نائبا لرئيس نفس المحكمة عام 1989، وأصبح رئيسا لمحكمة القيم وعضو بمجلس القضاء الأعلى، وكان من القضاة الذين كونوا تيار استقلال القضاء مع شقيقه الأصغر.

وبعد الثورة بعدة شهور أحيل ''أحمد مكي'' للتقاعد بعد بلوغه السن القانونية، وعقب إحالته للتقاعد كلفه المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق برئاسة لجنة تتولى دراسة وإعداد مقترحات لتعديل قانون السلطة القضائية ووضع مشروع قانون جديد.

مكي في السياسة
بعد أن أصبح الاخوان ''مكي'' في منصب سياسي منذ أغسطس الماضي، ظهرت مجموعة من الأحداث والقرارات كان أبرزها الإعلان الدستوري لشهر نوفمبر وأزمة النائب العام، بالإضافة للاستفتاء على الدستور وكان لكل من الاخوان مكي دورا في تلك الأحداث حسب المنصب السياسي لكل منهما.

فمحمود مكي نائب الرئيس أخذ يدعو القوى السياسية لجلسات حوار وطني، بعد أزمة الإعلان الدستوري، وأصبح هو المسئول عن الاتصال بقيادات القوى السياسية المؤيدة والمعارضة لنظام مرسي، في محاولة منه لتقارب الآراء والأفكار.

وكان له دورا في مساعدة مرسي على إصدار الإعلان الدستوري الجديد الذي ألغى إعلان نوفمبر، كما كان له دور سياسي في معاونة مرسي على مراجعة وصياغة القرارات الضرورية للاستفتاء على الدستور الجديد، إلى أن جاء يوم 22 من ديسمبر الماضي وتقدم ''محمود مكي''، باستقالته من منصب نائب الرئيس، قائلا أن كونه قاضي لا يتناسب مع عمله السياسي بالرئاسة.

أما أحمد مكي فمنذ توليه مسئولية وزارة العدل، حمل على عاتقه تنفيذ عدة خطوات لتطوير الوزارة على الصعيد الفني، حيث أكد لنا أحد المسئولين داخل وزارة العدل أن المستشار أحمد مكي وضع أربع محاور أساسية لتطوير الوزارة، حيث أوشك على الانتهاء من تحديث وتطوير العمل في الوزارة بالوصول إلى أرشيف إلكتروني والمحاكم الإلكترونية.

أما الخطوة الثانية التي بدأها وزير العدل كانت على صعيد مشاكل المساعدة القانونية عن طريق إنشاء مكاتب محاماة تمول من الوزارة، لمساعدة الفقراء في قضايا الأسرة والنفقات الزوجية والقضايا العمالية، وذلك بحسب مصدر بالوزارة طلب عدم ذكر اسمه.

وأوضح أن الوزارة بدأت في الإعداد لمؤتمر عن العدالة الانتقالية لحل الإشكالية بين الشعب والسلطة في جرائم قتل الثوار وإهدار المال العام، بالإضافة إلى محاولة عقد مؤتمر العدالة الانتقالية الثاني.

الأداء مرتبك
وعلى الجانب الأخر يحلل الدكتور عمرو هاشم ربيع أستاذ العلوم السياسية والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الأداء السياسي للاخوان ''أحمد ومحمود''، قائلا: المستشار أحمد مكي أداءه السياسي كان قائم على تبرير كل شيء يفعله النظام.

وتابع ربيع :''لكن يبدو أنه فضل انتمائه المهني على انتماءه الوظيفي حينما رفض المساس بالقضاء، حيث وجد من المهم أن يترك ذكرى طيبة لدى الناس أفضل من أن يظل مرتبط بالسلطة، فهو ببساطة وجد المركب تغرق فقال أنقذ نفسي منها''.

بينما يرى المستشار أشرف زهران نائب رئيس محكمة استئناف الإسكندرية وأحد قيادات تيار الاستقلال، أن أداء ''أحمد مكي'' على الصعيد الفني كان مرضيا في أسلوب العمل في الوزارة، موضحا أنه تحمل صدامات مع الرأي العام بسبب قضايا خلافية تعلقت بالحكومة.

زهران أضاف أيضا أن هناك عدة مواقف اتخذها ''مكي'' دفاعا عن الحكومة ولا سيما في مشروعات القوانين، مضيفا أن هذه القوانين من شأنها أن تنقل مصر نقلا حضاريا مثل قانون حرية تداول المعلومات وحماية الشهود.

وتابع: لكنى أحسب أن موقف مكي برفض خفض سن القضاة، قد وضع حدا للشكوك التي كانت تثار حول أنه يعمل طبقا لأجندة إخوانية، فلو كان هذا الأمر صحيحا لرضي بالقانون وظل في موقعه ولكن الرجل أعلن رفضه صراحة وقدم استقالته بل أنه اشترط حتى يبقي في موقعه أن يتم سحب هذا القانون.

وعن الأداء السياسي لنائب الرئيس السابق ''محمود مكي''، يقول الخبير السياسي عمرو هاشم ربيع إن محمود مكي في الأربعة شهور التي تولى فيها منصب ناب الرئيس كان على عكس شقيقه أحمد، حيث كان يحاول أن يظهر كشخصية وسطية تجيد فن الوساطة بين القوى السياسية والرغبة في الوفاق.

وأضاف ''لكن ارتباط مكتب الإرشاد، بمرسي كان أقوى من أن يستمع لآراء نائبه مكي، ولذلك حينما أصبح الدستور ينص على عدم وجود منصب لنائب الرئيس كان ذلك بمثابة ''طوق النجاة'' لمحمود مكي، وظهر ذلك بشكل كبير حينما عرض عليه منصب سفير مصر بالفاتيكان بعد استقالته، رفض تماما هذا المنصب''.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان