إعلان

اغتيال ابنة مُلهم بوتين.. تصفية حسابات أم معاقبة مشاغبين وحرب عصابات قديمة؟

12:14 م الثلاثاء 23 أغسطس 2022

داريا دوجينا ووالدها الفيلوسف دوجين

كتبت- هدى الشيمي:

أعاد حادث مقتل الصحفية الروسية داريا دوجينا، السبت الماضي، العديد من الذكريات إلى المواطنين حول العالم المتعلقة بما كانت عليه روسيا في التسعينيات، عندما كان رجال العصابات يحسمون الخلافات من خلال عمليات القتل المتعاقد عليها واستخدام السيارات المفخخة للتخلص ممن يتسببون في مشاكل.

قُتلت داريا دوجينا، 29 عامًا، السبت الماضي، إثر انفجار سيارة كانت تقلها بالقرب من العاصمة الروسية موسكو، وذكرت التحقيقات الأولية إن المركبة كان مُثبت بها عبوة ناسفة، حسبما نقلت وكالة تاس الإخبارية.

غير أن بعض التقارير الإعلامية أفادت بأن والدها الفيلسوف الروسي ألكسندر دوجين كان المستهدف الرئيسي من العملية، لكنه لم يستقل السيارة نفسها.

من هي داريا دوجينا؟

١

داريا دوجين ابنة ألكسندر دوجين، كاتب روسي يميني متطرف ومثالي، ويُنسب إليه الفضل في كونه المهندس المعماري أو "المرشد الروحي" لغزو روسيا لأوكرانيا. يُزعم أنه يتمتع بنفوذ كبير على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكثيراً ما يوصف بأنه "عقل بوتين" أو "مُلهم الرئيس الروسي".

ولدت دوجينا عام 1992 ودرست الفلسفة في جامعة موسكو الحكومية، وفقًا لوكالة تاس.

وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على دوجينا، في مارس الماضي، لمساهمتها في مقال على موقع United World International (UWI) يشير إلى أن أوكرانيا "ستهلك" إذا تم قبولها في الناتو.

٢_2"عقود من الوفيات المشبوهة"

على مدار أكثر من عقدين من الزمن حكم فيها بوتين روسيا، انتهت حياة العديد من المعارضين الروس البارزين بأبشع الطرق.

وأحد أول وأبرز هذه الحالات كان مقتل الصحفية الاستقصائية آنا بوليتكوفسكايا، والتي قُتلت على درج مبنى شقتها، في عيد ميلاد بوتين، وفق سي إن إن.

تبع وفاة بوليتكوفسكايا العديد من الاعتقالات ووجهت الإدانات لكثيرين، غير أن زملاءها يصرون على أن المسؤولين الحقيقيين عن مقتلها لم يقدموا إلى العدالة حتى الآن.

وكان هناك تسميم ألكسندر ليتفينينكو، العميل السابق لجهاز الأمن الفيدرالي، الذي كان واحدا من أبرز منتقدي بوتين.

٣_1

توفي ليتفينينكو عام ٢٠٠٦، بعد تناوله كوبا من الشاي يحتوى على جرعة كبيرة من البولونيوم المشع، وألقى- في رسالة كتبها قبل وفاته- باللوم على الرئيس الروسي.

وفي عام ٢٠١٥، اهتز المجتمع الروسي باغتيال السياسي بوريس نيمتسوف، والذي طالما انتقد بوتين صراحة لتورطه في الحرب في منطقة دونباس الأوكرانية، وقتل على مرأى ومسمع الكرملين.

وقبل عامين، نجا المعارض أليكسي نافالني، من التسمم بغاز الأعصاب، ويتهم أجهزة الأمن الروسية بمحاولة التخلص منه.

وهناك تشابه بين تفجير سيارة دوجينا وعمليات القتل الغامضة التي راح ضحيتها عدد من القادة الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دونباس في السنوات التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع هذا العام، من بينها تفجير المقهى الذي قُتل فيه القائد الانفصالي ألكسندر زاخارتشينكو، والتي اتهم الروس الجواسيس الأوكرانيين والمخربين بتنفيذها.

٤_3

"التخلص من المشاغبين"

غير أن بعض المراقبين، حسب سي إن إن، يقولون إن عمليات القتل ما هي إلا وسيلة تلجأ إليها أجهزة الأمن الروسية للتخلص من بعض الانفصاليين الذين يتسببون في المشاكل، أو يصعب السيطرة عليهم.

هناك تفسير مُحتمل آخر، وهو أن الاغتيالات كانت مرتبطة بالفعل بنزاعات تجارية تمت تسويتها على طريقة العصابات الكلاسيكية.

حتى الآن، لم يُكشف عن هوية منفذ الهجوم، ولكن الكرملين، حسب سي إن إن، استغل الفرصة من أجل إلقاء اللوم على جهة خارجية، وهي أوكرانيا، ويزعم جهاز الأمن الفيدرالي إن القوات الأوكرانية الخاصة وراء مقتلها.

كانت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قالت عبر "تيليجرام" أمس الأحد: "إذا ثبت تورط السلطات الأوكرانية في مقتل داريا دوجينا، ابنة المفكر الروسي الشهير ألكسندر دوجينا، سيكون ذلك إشارة إلى انتهاج كييف سياسة إرهاب الدولة".

5

ونفت أوكرانيا تورطها في مقتل دوجينا، ونفى مستشار رئيس أوكرانيا ميخايلو بودولياك تورط بلاده في اغتيال ابنة الفيلسوف الروسي، مشيرًا، حسب بيان حصل مصراوي على نسخة منه، إلى أنها تصفية حسابات سياسية داخلية في روسيا، لا علاقة لكييف بها.

وأضاف بودولياك أنه لا يمكن أن يؤثر هذا الحدث على مجرى الحرب الروسية-الأوكرانية مباشرة، ولكن يمكن أن يؤثر ذلك على الرأي العام داخل روسيا من أجل تحضير الجمهور للتجنيد العام.

واعتبر المسؤول الأوكراني مثل هذه الاتهامات ضد كييف لا أساس لها من الصحة، وهي جزء من حرب المعلومات تسعى موسكو من خلالها الى زيادة درجة الكراهية تجاه الأوكرانيين.

بغض النظر عمن يقف وراء القتل، أو ما إذا كانت دوجينا أو والدها هو الهدف الحقيقي، قالت سي إن إن إن تفجير سيارتها بعبوة ناسفة يمكن أن يمثل تحولًا في نمط عمليات القتل السياسي الروسي في العصر الحديث.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان