بعد قرار أردوغان.. تاريخ "آيا صوفيا" من الكاتدرائية إلى المسجد
كتب - محمد عطايا:
في العام 532، أمر الإمبراطور جستنيان، ببناء كنيسة كبيرة، تكون فريدة في طرازها وخارجة عن المألوف، فكلف المهندسين آنذاك بتشييد "آيا صوفيا"، أحد أكثر المعالم التاريخية تميزًا وعراقة.
استغرق بناء الكنيسة 5 سنوات، وتم افتتاحها رسميًا عام 537م؛ لتصبح رمزًا مسيحيًا جديدًا، قبل أن تتحول إلى مسجد إبان الفتح العثماني للقسطنطينية.
بعد مئات السنين، تحول المسجد إلى متحفٍ في عهد مصطفى كمال أتاتورك، إلا أن الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان أعاد فكرة تحويلها إلى مسجد مرة أخرى في مارس العام الماضي، إلى أن حقق ما أراد اليوم.
ووقع أردوغان، قرارًا رئاسيًا بشأن تحويل إدارة شؤون متحف "آيا صوفيا" إلى رئاسة الشؤون الدينية، وذلك بعد قرار المحكمة الإدارية العليا الذي يعمل على تحويل "آيا صوفيا" إلى مسجدٍ.
وذكرت وكالة الأناضول الرسمية التركية، أن الجريدة الرسمية التركية، نشرت الجمعة، قرارًا رئاسيًا بشأن افتتاح "آيا صوفيا" للعبادة وتحويل إدارتها إلى رئاسة الشؤون الدينية.
وذكرت أن الغرفة العاشرة في المحكمة الإدارية العليا، ألغت قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934 بتحويل مسجد "آيا صوفيا" إلى متحفٍ.
وأشارت إلى انتقال إدارة "آيا صوفيا" إلى رئاسة الشؤون الدينية التركية بناء على المادة 35 من القانون رقم 633 المتعلقة بمهام رئاسة الشؤون الدينية.
وقال أردوغان، الجمعة، إن أول صلاة ستقام بمسجد "آيا صوفيا" ستكون يوم 24 يوليو، وصرح الرئيس التركي بأن "صوفيا" أصبح مسجدًا بعد 86 عامًا كمتحفٍ.
أول صلاة في "آيا صوفيا"
غزا السلطان العثماني، محمد الفاتح ابن السلطان مراد الثاني، في العام 1453، القسطنطينية، ولم يكن هناك حينها "جامع" ليصلوا فيه صلاة الجمعة، التي تلت الفتح، فلم يسعفه الوقت لتشييد جامعٍ جديدٍ في هذه المدة الزمنية الضئيلة، فأمر السلطان بتحويل "آيا صوفيا" إلى جامعٍ، ثم بعد ذلك اشتراها بالمال، وأمر كذلك بتغطية رسومات الموزاييك الموجودة بداخلها ولم يأمر بإزالتها، حفاظًا على مشاعر المسيحيين، وما زالت الرسومات موجودة بداخلها إلى الآن.
وبعد أن ظل "آيا صوفيا" مسجدًا على مدار 481 عامًا تقام فيه الصلوات، أمر مصطفى كمال أتاتورك الذي أنهى حكم الدولة العثمانية، وأعلن قيام جمهورية علمانية في تركيا بإغلاق المسجد وإعلان حظر إقامة الشعائر الدينية في مسجد "آيا صوفيا" عام 1931، ثم أعقبه بقرار تحويله إلى متحف عام 1935م يضم آثارًا إسلامية ومسيحية.
ومنذ العام 1935 أصبح متحفًا، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط.
وظل "آيا صوفيا" مسجدًا حتى بداية القرن العشرين، وحول أتاتورك المبنى إلى متحف حتى الآن، حيث يخشى العلمانيون الأتراك أي تحركات لأسلمة المبنى أو إعادة استخدامه مسجدًا مرة أخرى، وذلك بعد أن كان "آيا صوفيا" كاتدرائية للمسيحيين على مدى 900 عام، ثم أحد أعظم مساجد المسلمين على مر 500 سنة.
معارضة دولية
روسيا
في أول رد فعل دولي على قرار مجلس الدولة التركي فتح الطريق أمام إعادة كاتدرائية "آيا صوفيا" السابقة في إسطنبول إلى مسجد، وإبطال وضعها الحالي كمتحف، فنقلت وكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس" عن المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليغويدا قوله: "نلاحظ أنه لم يتم الإصغاء إلى مخاوف ملايين المسيحيين"، ولم تلقَ مخاوفها اهتمامًا، وقُضي بعدم قانونية تحويل مسجد "آيا صوفيا" في إسطنبول لمتحف، وفقا لمرسوم حكومي يرجع لثلاثينيات القرن العشرين، وقالت الكنيسة الروسية إن القرار قد يثير انقسامات أكبر.
اليونان
من جانبها، اعتبرت الحكومة اليونانية الجمعة أنّ قرار القضاء التركي الذي يفتح الطريق أمام تحويل كنيسة "آيا صوفيا" في إسطنبول إلى مسجد، "استفزازًا للعالم المتحضر"، وأنّ النزعة "القومية التي يبديها الرئيس (التركي) أردوغان تعيد بلاده ستة قرون إلى الوراء".
اليونسكو
دعت اليونسكو "السلطات التركية لفتح حوار دون تأخير؛ لتجنب العودة للوراء فيما يتعلق بالقيمة العالمية لذلك الإرث الاستثنائي؛ والذي سيخضع الحفاظ عليه لمراجعة من لجنة التراث العالمي في جلستها المقبلة".
فيديو قد يعجبك: