"أزمة تيجراي".. هل خرجت الأوضاع في إثيوبيا عن السيطرة؟
كتبت – إيمان محمود
في الرابع من نوفمبر الجاري، أعلنت الحكومة الإثيوبية بدء عملية عسكرية محدودة لإعادة السيطرة على إقليم تيجراي الواضع شمالي البلاد، بعد أن أمر آبي أحمد رئيس الوزراء، بشن ضربات جوية وإرسال قوات برية إلى الإقليم الذي يشهد توترات ازدادت حدتها خلال الفترة الماضية.
وقال رئيس إقليم تيجراي، إن الضربات الجوية التي شنتها قوات الحكومة الاتحادية أدت إلى مقتل عدد لم يحدده من المدنيين في الأيام القليلة الماضية، وتعهد الدفاع عن شعبه حتى تدرك السلطات الاتحادية أنه "لا يمكن إخضاعنا بسكينهم"، بحسب وكالة "رويترز".
وتحدثت قوات الأمن ووسائل الإعلامي الحكومية عن مقتل المئات في الولاية الجبلية التي يعيش بها أكثر من خمسة ملايين حيث تقصف الطائرات الاتحادية مستودعات الأسلحة فيما يحارب الجنود على الأرض.
وترى صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن هذه الخطوة كانت بمثابة "صدمة"، من ناحية لأن رئيس الوزراء حصل على جائزة نوبل للسلام العام الماضي بعد أن عقد اتفاق سلام ينهي الصراع بين بلاده وإريتريا، بل أيضًا لأنه "حطّم الغرض من رئاسته للحكومة"، بحسب تعبير الصحيفة.
وأوضحت أنه عندما وصل آبي أحمد إلى السُلطة في عام 2018، وعد بتوجيه إثيوبيا إلى حقبة جديدة من السلام والازدهار والمصالحة الوطنية، لكن في 4 نوفمبر، أرسل الجيش إلى تيجراي، وهي واحدة من 10 مناطق شبه ذاتية الحكم في البلاد ويقطنها ما يقرب من 6 في المائة من السكان، واتهم قادتها -الذين تشاجر معهم بشكل متزايد- بمهاجمة موقع دفاع حكومي ومحاولة سرقة المعدات العسكرية.
وفي الأيام التي تلت ذلك، فرض آبي أحمد حالة طوارئ لمدة ستة أشهر على تيجراي، وأعلن أن الهيئة التشريعية باطلة ووافق على بديل مؤقت. مع احتدام القتال، وتم إغلاق شبكات الإنترنت والهاتف ورد أن المئات لقوا مصرعهم.
واليوم الجمعة، أعلن آبي تعيين رئيسًا جديدًا للإقليم، قائلاً في تغريدة عبر موقع "تويتر": "تم تعيين مولو نيجا في منصب الرئيس التنفيذي لإقليم تيجراي".
وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي:" سيقوم الرئيس التنفيذي بتعيين رؤساء الأجهزة التنفيذية بالإقليم من الأحزاب السياسية العاملة بشكل قانوني في المنطقة".
وتصف نيويورك تايمز الوضع بأنه "مأساة"، محذرة: "إثيوبيا تقف على أعتاب حرب أهلية، مسببة الدمار للبلاد بأكملها والمنطقة الأوسع. في حين أن الوضع متقلب وغير مؤكد، فإن هذا واضح تمامًا: لقد انتهى مشروع آبي السياسي، لتجميع الأمة في عملية التحوّل الديمقراطي. ويجب إلقاء الكثير من اللوم عليه".
وحذرت ميشيل باشليه المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، من أن الوضع في إقليم تيجراى قد يخرج عن السيطرة تماما إذا واصلت القوات الإقليمية في الإقليم وقوات الحكومة الإثيوبية السير على طريق الصراع وسيؤدي إلى خسائر فادحة ودمار كبير فضلا عن نزوح جماعي داخل إثيوبيا وعبر الحدود إلى الدول المجاورة.
وأعربت المفوضة الأممية، في بيان لها اليوم الجمعة، عن قلقها المتزايد تجاه الوضع المتدهور بسرعة في منطقة تيجراى الإثيوبية وذلك وسط تقارير عن عمليات قتل جماعي في بلدة ماي كادرا، داعية إلى اجراء تحقيق كامل في المزاعم بشأن عمليات قتل جماعي في منطقة ماى كادرا جنوب غرب تيجراى والتي أبلغت عنها منظمة العفو الدولية ولم يتم التحقق منها بشكل كامل.
وكانت العفو الدولية أصدرت تقريرًا، أمس الخميس، قالت فيه "يمكن أن نؤكد أن عشرات، ومن المرجح مئات، من الناس طعنوا أو قطعوا حتى الموت في بلدة ماي كاديرا جنوب غربي منطقة تيجراي الإثيوبية في ليلة 9 نوفمبر".
وأضافت المنظمة: "تأكدنا من وقوع مذبحة قُتل فيها عدد كبير جدا من المدنيين هم على ما يبدو من عمال اليومية وليس لهم أي صلة بالهجوم العسكري الدائر حاليا".
من جانبها، حذّرت المفوضية الأوروبية من كارثة إنسانية، وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، جانيز ليناركيتش، في تصريحات لصحف شبكة "دويتشلاند" الألمانية الصادرة اليوم الجمعة: "التصعيد العسكري في إثيوبيا يهدد استقرار البلاد بأكملها والمنطقة.. خطر انتشار العنف حقيقي للغاية، أخشى أن تكون لهذه الأزمة عواقب إنسانية وخيمة على البلد بأسره".
ودعا ليناركيتش الحكومة الإثيوبية إلى السماح لمنظمات الإغاثة بالوصول إلى إقليم تيجراي، وقال: "هناك حاجة ماسة للوصول السريع وغير المشروط إلى هناك".
تولى آبي أحمد رئاسة حكومة إثيوبيا بعد سنوات من الاحتجاجات المستمرة المناهضة للحكومة، والمشاكل الاقتصادية والاضطرابات الواسعة النطاق، نزح ما لا يقل عن مليون شخص داخليًا في عام 2017، وفقًا للأمم المتحدة، حيث اهتزت البلاد بسبب احتجاجات جماعتين عرقيتين أورومو وأمهرة، اللتين تشكلان معًا ما يقرب من ثلثي السكان.
وبحسب "نيويورك تايمز" فإن آبي أحمد قدّم نفسه بأنه "المُصلِح، ووعد بسيل من التغييرات، لكنه بالغ في ذلك، وكان خطأه الأساسي الأول هو تهميش جبهة تحرير شعب تيجراي، التي كانت على مدى عقود أقوى قوة سياسية في البلاد، في السلام الذي توسط فيه بين إثيوبيا وإريتريا".
وقالت الصحيفة: "سواء تصاعد النزاع إلى حرب أهلية أم لا، فإنها ستترك بصمة لا تُمحى في السياسة الإثيوبية، وستصبح البلاد أكثر انقسامًا، والأهم هو "سحق آمال التحوّل الديمقراطي، إذ تتعارض حرية التعبير والحريات المدنية والإجراءات القانونية الواجبة مع التحول إلى العسكرة والقمع".
وحذّرت من العواقب الوخيمة وامتداد الصراع إلى إريتريا والسودان وجيبوتي، بعد سقوط المدنيين والهجمات العشوائية في الإقليم ذو التاريخ الطويل مع مقاومة الدولة المركزية.
فيديو قد يعجبك: