مخابئ ومعلومة مسربة.. كيف تفادت أمريكا وقوع ضحايا في انتقام إيران؟
كتبت- رنا أسامة:
بينما لا يزال من غير المؤكّد وقوع ضحايا جراء الهجوم الصاروخي الإيراني، كشف مصدر عراقي مسؤول أن معلومات تسرّبت من قاعدة "عين الأسد" الجوية ناحية البغدادي بقضاء "هيت"- على بُعد 40 كيلومترًا من القاعدة الأمريكية بمحافظة الأنبار، قبل ساعات من الهجوم، تُفيد بأن "القوات الإيرانية تنوي استهداف مبنى القاعدة بالصواريخ".
وقال المصدر الذي عرّفته قناة "السومرية نيوز" بأنه "مسؤول في محافظة الأنبار"، إن هذه المعلومات "دفعت القوات الأمريكية لاتخاذ إجراءات عاجلة للحد من وقوع إصابات في صفوف قواتها والقوات الأخرى المتمركزة بنفس المبنى".
إجراءات تفادي الضرر
تمثّلت الإجراءات التي اتخذتها القوات الأمريكية داخل مبنى "عين الأسد" قُبيل استهدافها، بحسب المصدر، في دعوة كافة الجنود إلى الدخول "لمخابئ مُحصّنة" بشكل دقيق لا يمكن اختراقها بمختلف الأسلحة.
كما أخلت القوات الأمريكية كافة مدرجات المطار بمبنى القاعدة الجوية، وأوعزت إلى طياريها بالتوجه إلى خارج المحافظة، وإبقاء طائرات أخرى فوق مبنى المطار لاستهداف الصواريخ الإيرانية قبل وصولها إلى المبنى
وتابع المصدر الذي لم تُسمه القناة العراقية: "المضادات الأمريكية التي تعمل بشكل أوتوماتيكي وبدقة متناهية كان لها دور كبير في إسقاط العديد من الصواريخ (الإيرانية)"، مُشيرًا إلى أن "هذه المعلومات وما تبعها من إجراءات ساهم في الحدّ من خسائر القوات الأمريكية".
و"عين الأسد" ثاني كبرى القواعد العراقية ذات الأهمية الاستراتيجية والعسكرية الكبرى، حيث استخدمها التحالف لقتال داعش في العراق. وتضم مطارًا عسكريًا مزودًا بمقاتلات ومروحيات، إلى جانب قوة من الدفاعات الجوية وبرج للمراقبة الجوية مُجهز بالرادارات. ويتمركز بها حاليًا الفرقة السابعة من الجيش العراقي.
في السياق ذاته، رجّحت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن إيران لم تهدف من ضرباتها الصاروخية إلحاق خسائر بشرية في صفوف القوات الأمريكية، وذلك لأنها تعلم أنه في الساعات الأولى من الصباح، عادة ما تكون القوات الأمريكية نائمة، فيما تنخفض فرص إلحاق خسائر كبيرة في صفوف القوات الأمريكية.
وقالت الشبكة الأمريكية في تقرير نشرته على موقعها بالعربية، الأربعاء، إن هذه الرؤية تتعزّز بالنظر إلى أن طهران على دراية كافية بنظام الدفاع الجوي الأمريكي، والمُتوقع أن يكون في حالة تأهب قُصوى.
واعتبرت أن "الهجمات الصاروخية لا معنى لها إذا كان هدف طهران هو إيذاء القوات الأمريكية بأعداد كبيرة"، وهو الأمر الذي توعّد به مسؤولون إيرانيون فور استهداف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وقتله في غارة أمريكية قبل أيام، بناء على أوامر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قُرب مطار بغداد الدولي.
ومع ذلك، رأت الشبكة الأمريكية أن الأمر يبدو منطقيًا فيما يتعلق بتنفيذ أمر المرشد الأعلى خامنئي بالرد صراحة على الأهداف العسكرية الأمريكية ردًا على مقتل سليماني.
كانت إيران أعلنت سقوط ما لا يقل عن 80 أمريكيًا جراء الهجوم الذي استهدف قاعدة "عين الأسد" بالأنبار والقاعدة العسكرية بمطار أربيل. الأمر الذي نفاه البنتاجون، مُعلنًا أن الضحايا يقتصرون حتى الآن على العراقيين فقط، فيما أكدت كردستان العراق عدم تسجيل أي خسائر مادية أو بشرية جراء القصف.
3 تفسيرات
في حين لا تزال دوافع إيران غامضة إزاء الهجوم في ظل التضارب الصارخ في تصريحات المسؤولين في طهران وواشنطن وبغداد، وضعت شبكة "سي إن إن" 3 تفسيرات مُحتملة.
توقّعت الشبكة الأمريكية في أول تفسيراتها أن "يكون خامنئي ليس على دراية بما يمكن أن يحققه جيشه، ويبالغ في فعالية الضربات، التي فشلت بعد ذلك. وربما سيكون ذلك مفاجئًا خاصة في ظل ما يثار عن معرفته العسكرية".
وانطوى التفسير الثاني على احتمالية "أن تعبر تلك الهجمات عن انتصار تيار الاعتدال في إيران"، لا سيّما وأن "ضرب أهداف عسكرية في الليل بعدد صغير من الصواريخ - قد يسهل ما يريده الطرفان في النهاية. وسيكون هذا منطقيًا، نظرًا لعدم امتلاك طهران أو لا واشنطن الرغبة في قتال طويل"، وفق الـ"سي إن إن".
أما التفسير الثالث فرجّح أن يكون "محاولة إيرانية لوضع الولايات المتحدة في إحساس زائف بالأمن - بأن إيران ضعيفة عسكريًا وفعلت ما هو أسوأ - في حين يتم العمل على استجابة غير متكافئة وأكثر صرامة". ويتطلب ذلك الكثير من الفطنة الاستراتيجية من حكومة إيران التي تعاني انقسامًا بين الأجنحة المتشددة والأجنحة المعتدلة، ويعني أن طهران كانت مطمئنة نسبيًا إلى أنه لن تتم إصابة أي أمريكي في هذا الهجوم الصاروخي، بحسب الشبكة.
وفي الوقت ذاته، حذّرت الشبكة من أن الهجمات في العراق، ورغم أنها في نطاق الرد الإيراني على مقتل سليماني، قد تحمل معها خطرًا آخر، وهو "أن تعتقد إدارة ترامب أن أداءها المتهور خلال الأسبوع الماضي قد أتى ثماره، وأن إيران قد هُزمت".
الأمر الذي من شأنه أن يخاطر بمزيد من العمل غير العقلاني من قِبل واشنطن، ربما ليس فقط تجاه إيران ولكن أيضًا ضد أعداء آخرين. كما أنه يجعل إيران تبدو ضعيفة، بما قد يُشجّع خصوم طهران الإقليميين الآخرين، وفق توقعات الـ"سي إن إن".
فيديو قد يعجبك: