مصور سوري يروي الساعات الأولى للعدوان التركي على سوريا (صور)
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتبت- هدى الشيمي:
كان المصور الصحفي السوري إيفان حسيب بدوّار الشهداء، بالطرف الجنوبي من مدينة رأس العين السورية، عندما طالعت عيناه خطوطا بيضاء في سماء المدينة الواقعة بالقرب من خط الحدود مع تركيا.
سرعان من تحولت تلك الخطوط إلى غيمة سوداء. وقتها تيقن حسيب أن تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن عدوان على شمال شرق سوريا، باتت أمرًا واقعًا.
أعلن أردوغان شن هجوم عسكري على مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا يوم الأربعاء بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من نقاط حدودية كانت تقف عائقا أمام العدوان التركي.
كان قرار ترامب بمثابة طعنة في ظهر قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، التي كانت الحليف الرئيس للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
بعد وقت قصير، سمع حسيب أصوات تفجير مدويّ، عرف فيما بعد أنه نجم عن استهداف طائرات تركية للصوامع والمناطق التابعة قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية المتمركزة في هذه المنطقة.
أدى العدوان، الذي دخل يومه الرابع السبت، إن نزوح ما يقرب من 200 ألف شخص في مناطق سيطرة الأكراد، ومقتل مئات المدنيين وسط انتقادات إقليمة ودولية واسعة وتهديدات بعقوبات على أنقرة التي تزعم أنها تحارب الإرهاب وتسعى لإنشاء ما تسميه "منطقة آمنة" لتوطين 3.5 مليون لاجئ سوري تستضيفهم تركيا.
"لا للعدوان التركي"
يروي حسيب، لمصراوي، تفاصيل ما وقع في المنطقة خلال الأيام الثلاثة الماضي. قبل ساعات من انطلاق العدوان التركي على الأراضي السورية خرج الأهالي في تظاهرة للتنديد بتهديدات أنقرة، انطلقت في الساعة الثانية ظهرًا بالتوقيت المحلي، وتوجهت إلى المنطقة الحدودية التي تطل على الحدود والمؤسسات التركية.
شارك الآلاف في المظاهرات المنددة للعدوان التركي، وفقًا لحسيب. ووقفوا على بعد كيلومتر من الحدود، رافعين شعارات مُنددة بالعملية العسكرية.
قال المصور السوري: "اعتصم البعض في المنطقة ومكثوا في الخيام التي نصبتها الإدارة الذاتية الكردية، كشكل من أشكال الرفض السلمي للتهديدات التركية. مع حلول الساعة 3:30 ظهرا بدأ الأهالي في العودة إلى منازلهم".
وبالتزامن مع عودة الناس إلى ديارهم أصبح القصف أكثر كثافة، وبدأت موجة نزوح المدنيين فورًا، خاصة وأن بعض الأهالي كانوا قد حزموا أمتعتهم بالفعل، ويستعدون إلى الرحيل في أي لحظة، ولكن هؤلاء الذين لم يحالفهم الحظ، وفق حسيب، فكانوا يسابقون الزمن من أجل مغادرة المنطقة، ورحل بعضهم دون أن يأخذ معه أي شيء، وأخرج العاملون في مشفى رأس العين، الواقع على الحزام الحدودي، المرضى حرصا على سلامتهم.
"نزوح للعمق السوري"
يقول المصور السوري إن الغالية العظمى من أهالي المنطقة الحدودية يحاولون الوصول إلى العمق السوري. بعضهم يتجه إلى مدينة تل تمر، وأبو راسين والحسكة، فيما يتجه آخرون إلى الأرياف والقرى باتجاه الجنوب السوري.
عجزت عدة عائلات عن مغادرة المنطقة في أول أيام العدوان، نظرًا إلى الضغط الشديد والازدحام الخانق والفوضى التي أصابت المنطقة التي كان حتى سنوات قليلة خلت مسرحا لفظائع تنظيم داعش، كثير من أعضاءه الأجانب قدموا عبر تركيا التي فتحت حدودها ومطاراتها لاستقبال آلاف المقاتلين من مختلف أنحاء العالم.
بالتزامن مع استمرار المعارك، استعان أهالي المنطقة بكافة الوسائل المُتاحة حتى يهربوا من القصف التركي المستمر. "امتطوا الأحصنة والماشية، وركبوا عربات، وشاحنات، وآلات خاصة بالبناء، الناس حملت حالها وهربت دون تياب (ملابس)، أو أغراض،" يقول حسيب، فيما سار البعض على اقدامهم لتفادي الزحام الشديد.
التقى حسيب، بينما يمارس عمله كمصور صحفي، بمجموعة من العائلات النازحة التي افترشت أرض الريف، وآخرين حاولوا الاحتماء بالبيوت المهجورة من نيران القصف التركي، وشاهد أطفالاً ملأوا حقائبهم المدرسية بالملابس، ونساء لا يتوقفن عن العويل والصراخ بينما يودعون منازلهم.
يقول الإعلامي السوري إن أهالي هذه المنطقة يعرفون ماذا ينتظرهم من أهوال حال بقائهم في منازلهم، ويعلمون كيف تتعامل الفصائل الموالية للاتراك (وأغلبهم مما يسمى بالجيش السوري الحر الذي ترعاه أنقرة) مع الأكراد، ويدركون مدى تطرفها.
في عام 2012 تعرضت مدينة رأس العين لهجوم من قبل فصائل معارضة موالية لأنقرة هاجمت مقرات النظام السوري واشتبكت في معارك مع وحدات حماية الشعب الكردي، وقتها شهدت هذه البقعة موجة نزوح مماثلة تقريباً.
"كانت الأكثر أمانًا"
قبل بدء العدوان التركي كانت المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية من بين المناطق الأكثر أماناً في سوريا، ورغم وقوع بعض العمليات الإرهابية التي تبنتها خلايا تنظيم داعش.
قال حسيب إن الحياة كانت مستقرة في الأسواق والمطاعم والمحلات التجارية، وعاش الأهالي حياة طبيعية ربما بشكل يفوق الأماكن الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية. أما الآن فانقطعت الخدمات من ماء وكهرباء واتصالات جراء القصف، بحسب المصور.
سيطرت القوات الكردية على المنطقة الحدودية بداية من 2012، عندما انسحبت القوات الحكومية منها للمشاركة في قتال الفصائل المسلحة في أماكن أخرى. زاد نفوذ الأكراد في المنطقة بعد تشكيل وحدات حماية الشعب الكردية تحالفًأ مع الفصائل العربية المحلية في عام 2015، ولعبوا جميعا دورًا محوريًا في هزيمة تنظيم داعش، وأسسوا إدارة مُستقلة لحكم المنطقة.
توجه حسيب، الجمعة، إلى رأس العين ولاحظ غياب الحواجز الأمنية والقوات التي كانت تعمل عليها، ويقول: "اضطرت قوات سوريا الديمقراطية لسحب المقاتلين للمشاركة في الاشتباكات على الحدود".
علاوة على ذلك، يوضح الإعلامي السوري أن العمل في المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية سواء بالمدرس والمؤسسات الخدمية والمدنية توقفت بالكامل، نظرًا إلى استمرار المعارك.
"قلق كبير"
بجانب حفاظها على أمن واستقرار المنطقة لعبت قوات سوريا الديمقراطية دورًا كبيرًا في حراسة مقاتلي وعائلات تنظيم داعش، وأسرتهم في سجون ومعسكرات تحت حماية مُشددة في المنطقة، لذا يخشى قادة العالم من أن يُؤدي غياب المقاتلين الأكراد وانشغالهم في صد العدوان التركي ثغرة أمنية تسمح لهم بالفرار والعودة إلى أوروبا والولايات المتحدة وشن هجمات عليها.
مع بدء العدوان التركي ذكرت تقارير إعلامية أن خمسة مقاتلين للتنظيم المتطرف تمكنوا من الهروب، وفي الوقت نفسه قامت نساء التنظيم القابعات في مخيم الهول بعصيان مدني.
أعلن تنظيم داعش، أمس الجمعة، مسؤوليته عن تفجير كبير هزّ وسط مدينة القامشلي، حيث يعيش حسيب. وقع الهجوم الإرهابي في منطقة شديدة الاكتظاظ بالمواطنين، ويقول الإعلامي السوري إن "أي خلل أمني سوف يؤثر على امكانية تأمين الأسرى."
فيديو قد يعجبك: