هل يرضخ أكراد العراق لمطالب تأجيل استفتاء الاستقلال؟
كتبت – إيمان محمود
في مطلع القرن العشرين؛ بدأ الكثير من الأكراد التفكير في تكوين دولة مستقلة، باسم "كردستان"، إلا أن هذه الآمال تحطمت إثر توقيع معاهدة لوزان التي وضعت الحدود الحالية لدولة تركيا، بشكل لا يسمح بوجود دولة كردية.
وانتهى الحال بالأكراد كأقليات في دولهم، لكن حُلم الاستقلال الكردي عاد يراودهم من جديد، بعد أن نجح العراق في الانتصار على تنظيم داعش في معارك ساخنة كان للأكراد دور فعال فيها، ليحددوا في أعقابها الـ25 من سبتمبر موعدًا لاستفتاء الاستقلال.
ويعتبر التصويت على الاستفتاء غير ملزم، لكنه قد يشكل نواة لإقامة دولة مستقلة كحلم يسعى الأكراد إلى تحقيقه منذ نال الإقليم المكون من ثلاث محافظات في شمال العراق حكما ذاتيا في عام 1991.
الإعلان عن الاستفتاء الكردي أثار تخوفات لدى الحكومة العراقية التي تؤكد دومًا حرصها وتمسكها بوحدة العراق، والتي استنكرت أيضًا إثارة القضية في الوقت الذي يحاول فيه هذا البلد أن يرتب أوراقه ويعيد بناء ما هدمته سنوات الحرب مع تنظيم داعش.
ويمثل الأكراد حوالي 15 أو 20 في المئة من السكان العراقيين، وتاريخيا، كان للأكراد العراقيين امتيازات مدنية مقارنة بالأكراد المقيمين في الدول المجاورة، إلا أنهم تعرضوا لقمع شديد.
رفض دولي
بغداد وأنقرة وواشنطن، هم أبرز المناهضين لهذا الاستفتاء، فقد علقت وزارة الخارجية الأمريكية، عقب الإعلان عن الاستفتاء مباشرة، بأنها تخشى أن يصرف هذا الاستفتاء الانتباه عن "أولويات أخرى أكثر إلحاحا" مثل هزيمة تنظيم داعش.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، اليوم السبت، رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، إلى تأجيل إجراء عملية استفتاء الاستقلال، مبديًا دعمه للحوار بين بغداد وأربيل.
يأتي ذلك في الوقت الذي يزور فيه وفد كردي العاصمة العراقية بغداد، لبحث اجراء الاستفتاء في اقليم كردستان، والمشكلات بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وخاصة المشاكل الدستورية، والمناطق المستقطعة، والمشاكل المتعلقة بوزارة البيشمركة.
كما ترفض تركيا إجراء الاستفتاء، وتقول إن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه لا يرى أن الاستفتاء هو الخطوة المناسبة، وإنه يوجه رسالته إلى الإدارة المحلية في شمال العراق، وقال إن "الإدارة ستندم على هذه الخطوة"، بحسب موقع "ترك برس".
وعلى المستوى الداخلي؛ احتشد نشطاء وصحفيون وسياسيون في مدية السليمانية شمالي العراق، لإعلانهم رفض الاستفتاء الكردي، مشيرين إلى أن عملية الانفصال لا تتواءم مع المصالح الشعبية في الإقليم.
ووصف المتظاهرون الخطوة الكردية بأنها خطأ تاريخي خطير، سيؤدي إلى القضاء على المكاسب التي تحققت، ويعمق مبدأ التقسيم والانقسامات بين أطراف الشعب العراقي، مطالبين بإرجاء موعد الاستفتاء ريثما تكون هناك أرضية ملائمة للاستقلال في المستقبل.
تمسك كردي
ويواصل إقليم كردستان استعداداته لتنظيم الاستفتاء الشعبي العام على الاستقلال في موعده، رغم المعارضات الواسعة، كما يشدد رئيس الإقليم مسعود بارزاني باستمرار على أنه "لا تراجع عن تنفيذ الاستفتاء على الاستقلال في موعده المحدد".
وفي رده على طلب وزير الخارجية الأمريكي بتأجيل استفتاء كردستان، قال بارزاني -بحسب بيان لرئاسة أقليم كردستان العراق- إن "شعب كردستان سيمضي في طريقه ويقرر مصيره".
وأضاف البيان أن "التعايش السلمي الذي كان يشكل الهدف الرئيسي لكردستان مع العراق في المراحل التاريخية المتعاقبة التي مر بها الجانبان لم يتحقق".
وأردف: "ما هي الضمانات التي من الممكن أن يتم تقديمها لشعب كردستان في مقابل تأجيله للاستفتاء، وما هي البدائل التي ستحل محل تقرير المصير لشعب كردستان؟".
كما نقلت وكالة رويترز عن هوشيار زيباري مستشار بارزاني تأكيده أن أكراد العراق سيجرون الاستفتاء في الموعد المحدد رغم الطلب الأمريكي.
ومع استمرار التحضير للاستفتاء المزعوم، كشف عضو في المجلس الأعلى للاستفتاء في إقليم كردستان، عن أن وفدا رفيع المستوى من الإقليم سيتوجه بداية الأسبوع المقبل إلى بغداد لبحث مسألة الاستفتاء على الاستقلال مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي والأطراف السياسية العراقية.
وقال رئيس حزب التنمية التركماني وعضو المجلس الأعلى للاستفتاء في كردستان، محمد سعد الدين، "سيتوجه بداية الأسبوع وفد رفيع المستوى من إقليم كردستان إلى بغداد لبحث مسألة الاستفتاء مع الحكومة والأطراف السياسية العراقية، وسيوضح لبغداد أن هدف إقليم كردستان والاستفتاء ليس قطع العلاقات مع العراق، بل إن الاستفتاء ممارسة ديمقراطية مدنية يعبر من خلالها شعب كردستان عن رأيه".
وتابع سعد الدين: "كردستان تريد أن تحل جميع المشكلات مع العراق بطرق سلمية وبالتفاهم السياسي"، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
كان مسعود بارزاني أكد مرارًا على أنه لا تراجع عن إجراء الاستفتاء وتحقيق مطالب الشعب الكردي سواء بالإيجاب أو بالنفي.
ودعا بارزاني الأصوات المطالبة بتأجيل الاستفتاء، إلى طرح بديل أقوى، مؤكدًا أن "العراق فشل في إقامة شراكة حقيقية مع الكرد".
فيديو قد يعجبك: