لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مشاهدات من الموصل: استراتيجية الرعب وحفر الخنادق

06:02 م الخميس 30 مارس 2017

القوات العراقية تمكنت من استعادة الشطر الشرقي من ا

الموصل، العراق - حيدر أحمد:

قبل التوجه إلى قلب المدينة برفقة القوات الأمنية دعانا رجل متوسط العمر من أحد المنازل القريبة إلى شرب الشاي معه. وقبل أن يدخل إلى منزل سألت ابنه الصغير الذي كان برفقته عن اسمه؟ فأجابني "عمر". وفجأة قال والده بابتسامه مصطنعة كانت كفيلة بمعرفة السبب: "لا اسمه عمار".

سألته مرة أخرى: "عمر أم عمار؟" تردد في الإجابة قبل أن يهمس بصوت منخفض "عمر"، وتابع قائلا: "أخشى أن أقع ضحية الجهل الطائفي عند البعض، لم نكن نعير أهمية للأسماء سابقا، ولكن الاقتتال المذهبي الذي وقع بين عامي 2006 و2007 حول اسمي عمر وعلي إلى "رمزين للخوف من الآخر ونشر الرعب".

وأكد أن "تنظيم الدولة حذرنا قبل انسحابه من هذه المنطقة من الحشد الشعبي، ولا أعرف ماذا سيحدث إذا أمسكوا بزمام الأمور".

في طريقنا إلى متحف الموصل الذي دمره ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية إبان سيطرته على المدينة في يونيو 2014، رأينا منطقة الدواسة التي كانت تعد أحد شرايين الموصل الاقتصادية، لكن أغلب محالها التجارية وفنادقها الشعبية تحولت إلى ركام. "إنها الحرب" علق ضابط برتبة رائد في الشرطة الاتحادية طلب عدم الكشف عن اسمه.

وأضاف "نحن عسكر نكلف بمهمة قتالية لاستعادة منطقة ما، ومن يخالف تلك الأوامر يعاقب، وداعش كان يدافع عن هذه المناطق بشراسة وقد أقام العديد من الخطوط الدفاعية التي دمرناها واستطعنا في النهاية استعادة كل هذه المنطقة".

وماذا عن حياة المواطنين؟
قال: "نحن نحاول بكل طاقتنا الحفاظ عليها وأحيانا نخسر الكثير من رجالنا، ولكن كما قلت لك إنها الحرب التي سيكون فيها في النهاية ضحايا من كلا الطرفين".

لوحتان ثمينتان
متحف الموصل ليس ببعيد عن منطقة الدواسة، وقد دخلنا إليه من خلال فتحة في الجدار أقامها تنظيم الدولة الإسلامية من أجل الانتقال إلى المباني المجاورة. وجدناه قد دمرت آثاره بالكامل ولم يمض على تحرير المبنى وقتها سوى بضعة أيام.

لكن أحد قناصي تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يهدد حياة من هم حول المبنى، فصوت الرصاص كان قريبا جدا، فضلا عن أن عددا من قدائف الهاون سقطت بالقرب منا.

وفِي طريقنا إلى الخارج، صادفنا ليلى التي كانت إحدى العاملات في المتحف. كانت بصحبة مجموعة من الصحفيين الأجانب، وأخبرتنا أن هناك "لوحتين في الطابق العلوي من المبنى، تخشى عليهما من السرقة"، هما أثمن ما تبقى في المتحف، أما بقية الآثار فمصيرها كان إما التدمير أو السرقة.

لم نستطيع وقتها إكمال سيرنا إلى سوق الأربعاء القريب من المدينة القديمة، فتنظيم الدولة لا يزال يمتلك عنصر المباغتة وتهديد القوات الأمنية من خلال السيارات المفخخة والانتحاريين، وهما سلاحه الأقوى، بالإضافة إلى الطيارات المسيرة التي يقتصر تهديدها على نوعية أهدافها على الأرض، فالقنابل التي تحملها تستطيع تدمير عربة محملة بالعتاد وليس سيارة مدرعة.

حفارو خنادق تنظيم الدولة
في طريق عودتنا إلى أحد المنازل المخصصة للصحفيين عبر منطقة تلول أبو سيف، دعانا المقدم علاء هاشم في الشرطة الاتحادية إلى وجبة غداء في مقره في منطقة حمام العليل، وهناك التقينا بشخص يطلقون عليه اسم "الحجي" من مواليد 1996، ألقي القبض عليه بتهمة مبايعة التنظيم والعمل معه "كحفار" في أحد الخنادق التابعة للتنظيم في منطقة تل الشعير.

تنظيم الدولة هو من أطلق عليه لقب "الحجي"، وتعرض للجلد خلال فترة هيمنة التنظيم فجلد "51 جلدة" عقابا له على تدخينه السجائر، ليصبح بحسب قوله بعدها "أحد تجارها" بعد مبايعته إياهم "باسم ابن عمه". وأقدم على ذلك العمل "نكاية في ابن عمه" الذي كان يكرهه.

وأوضح الحجي أنه "في أحد الأيام أثناء عمله في حفر الخنادق دخل عليه أحد عناصر التنظيم ويدعى أبو إسلام وهو من طاجيكستان ليقول له بلغة عربية ركيكة: "أشم راحة منكر؟" فقال الحجي: رائحة سجائر. فطلب من زميل له عراقي يدعى أبو سالم شم يديه ليهز الأخير برأسه ليؤكد الأمر وعلى الفور أمر بمغادرة المكان، ليقوم اثنان من شرطة التنظيم باصطحابه إلى مركز للشرطة تابع لهم ويحكم عليه بشهر سجن و51 جلدة".

اعتمد تنظيم الدولة الإسلامية على الأحداث الذين غرر بهم عن طريق الدين ليكونوا عمالا له وطباخين وحتى سائقين، قتل من قتل منهم، واعتقل الكثيرين منهم.
أما القسم المتبقي فمصيره إما الهرب وإما الاختباء.

ربما يكون هؤلاء ضحية أخرى صنعها التنظيم المتشدد بسبب جهلهم، ولم يكترث إليهم أحد، بالإضافة إلى من استخدمهم واستغل قلة إدراكهم ليحولهم إما لقتلة، وإما انتحاريين يهددون حياة الآخرين.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان