مات غارقًا في دمائه.. صحفي استقصائي قتله تحقيق عن الحكومة والمافيا
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتب – محمد الصباغ:
حاول الصحفي السلوفاكي البحث عن الحقيقة وممارسة مهنته في دولة تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، حيث حرية الصحافة هي أحد أهم أعمدة الديمقراطية بالقارة العجوز. لم يخش من حكومة بلاده وعمل على قضايا الفساد، وواجه المافيا الإيطالية، وعمل على قضية فساد تربطها بأشخاص يلتقون بشكل شبه يومي برئيس الوزراء السلوفاكي.
لكن يوم الأحد الماضي وُجد الصحفي الاستقصائي يان كوتسياك غارقًا في دمائه بمنزله مع صديقته. الشاب صاحب السبع وعشرين عامًا قُتل برصاصة في الصدر، فيما كان نصيب الفتاة رصاصة في رأسها أودت بحياتها هي الأخرى.
هزت القضية كامل سلوفاكيا وامتدت إلى أوروبا، فقال رئيس الوزراء روبرت فيكو في بيان إنه لو ثبت أن مقتل الصحفي مرتبط بعمله الصحفي فذلك "هجمة غير مسبوقة ضد حرية الصحافة والديمقراطية في سلوفاكيا".
وفي التحقيق الذي عمل عليه كوتسياك قبل وفاته ونشره موقع "أكتواليتي" المحلي في بلاده، أوضح أن "فيكو" تحوم حوله شبهات بالتعاون مع المافيا الإيطالية.
بينما صرح نائب رئيس المفوضية الأوربية، فرانس تيمرمانس، عبر حسابه على موقع تويتر عقب الجريمة بأنه مصدوم بعد قتل صحفي في الاتحاد الأوروبي. وأضاف: "لا يمكن أن تحيا الديمقراطية دون حرية الصحافة، ولهذا علينا حماية الصحفيين واحترامهم".
عمل يان كوتسياك في موقع "أكتواليتي" أو "Aktuality.sk" السلوفاكي الذي يركز على عمليات التهرب الضريبي من جانب رجال أعمال مقربين من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم. ونشر تقريره الأخير في التاسع من فبراير وأشار فيه إلى فساد في خمس شركات كبرى في البلاد.
ونشر الموقع التقرير الأخير الذي لم يكتمل، وفيه أكد الصحفي على المافيا الإيطالية في سلوفاكيا وصلت أذرعها إلى السياسة أيضًا. وكشف أن اثنين من الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء يتعاونون مع العصابات الإيطالية.
وتلقى كوتسياك في الخريف الماضي، تهديدا من أحد رجال الأعمال ويدعى ماريان كوسنر، وقال الأخير إنه سينشر ما وصفه بـ"قمامة مماثلة عن عائلته".
واكتشفت السلطات جثة الصحفي وصديقته مساء الأحد الماضي في بلدة شرقي العاصمة براتيسلافا. وقال المحققون أنهما قتلا بين يومي الخميس 22 فبراير والأحد 25 فبراير، كما وجدت إشارات على أن الفتاة مارتينا كوزنيروفا حاولت الاختباء خلال عملية القتل.
عرضت الحكومة جائزة مقدارها مليون يورو لمن يدلي بمعلومات عن مرتكبي عملية القتل.
وغطى كوتسياك القضية حول الفساد بالحكومة والمقربين منها والمافيا منذ فترة. ففي أكتوبر من عام 2017 كتب عبر صفحته على فيسبوك إنه أبلغ الشرطة بعد تلقيه تهديدا عبر مكالمة هاتفية من أحد رجال الأعمال المحليين. وأضاف أنه قد مر 44 يومًا على إبلاغه بالتهديدات ولم تفعل الشرطة شيئًا.
كانت هذه المكالمة بحسب بلاغ كوتسياك من رجل الأعمال ماريان كوسنر، والذي أسقط القضاء اتهامات ضده في عام 2017 بالفساد.
وعمل الصحفي السلوفاكي أيضًا على تقارير صحفية حول سرقة الأموال المخصصة لمواطني شرق سلوفاكيا من الاتحاد الأوروبي، بواسطة المافيا الإيطالية.
اتهمت المعارضة الدوائر المقربة من الحكومة بقتل الصحفي بسبب عمله، لكن رئيس الوزراء "فيكو" رفض الاستباق الأحداث. ويوم
الأربعاء الماضي، وقف المسئول الأول في البلاد وبجواره وزير الداخلية السلوفاكي روبرت كاليناك، وثالثهم رئيس الشرطة في سلوفاكيا تيبور جاسبر، أمام الكاميرات وبجوارهم منضدة عليها أموال مخصصة كمكافأة لمن سيدلي بمعلومات عن الجريمة.
وجاء الرد من فيليب سترايريك، الصحفي بجريدة "ديلي دينيك" السلوفاكية، حيث انتقد رئيس الوزراء بسبب سيطرته على التحقيقات الدائرة بشكل شخصي على الرغم من أن الصحفي كان يعتبره بمثابة متهم بالفساد مع المافيا.
أما رئيس تحرير موقع "أكتواليتي"، بيتر باردي إنه تلقى مكالمة هاتفية من الشرطة يوم الإثنين الماضي أخبروه فيها أن الصحفي الذي يعمل ليده قتل مع صديقته. وقال: "كانت أسوأ لحظة في حياتي المهنية، أن أبلغ 26 من الزملاء المحررين بأن زميلهم جان كوتسياك قُتل".
وقال زملائه بحسب ما نقلته صحيفة الجارديان، إن كوتسياك اختار مجال الصحافة لأنه أراد أن يجعل "سلوفاكيا بلدا أفضل".
وعلى الرغم من أن زملائه اضطروا أن يعيشوا تحت حماية الشرطة بعد مقتله، إلا أنهم قرروا نشر تحقيقه أو ما أنجزه منه. وبالفعل بعد أقل من 48 ساعة من مقتله كانت المادة الصحفية على الموقع وظلت حتى الآن على واجهة الموقع.
وبدأ التحقيق بالبحث عن سبب لاختيار رئيس الوزراء روبرت فيكو، الشابة في العشرينيات من عمرها "ماريا تروسكوفا" كمساعدة له، رغم عدم امتلاكها أي خبرة.
وبدأت الخيوط تضح حينما اكتشف خيوطًا تربط الفتاة الجميلة التي كانت تشارك في مسابقات ملكات الجمال، مع أنطونيو فادالا الإيطالي الذي يعيش في سلوفاكيا وتربطه علاقات بعصابات المافيا في بلده الأصلي.
وبالاستمرار في التحقيق اتضحت الخيوط أكثر لتربط بين "فادالا" وبين أعضاء بالحزب الحاكم في سلوفاكيا وبالتبعية مع المافيا الإيطالية. وتحتجز الشرطة الرجل الإيطالي ضمن المشتبه بهم في القضية.
ونفت تروسكوفا في بيان مع أحد أعضاء الحزب الحاكم أي علاقة لها بالمأساة، وقررت التخلي عن منصبها. بينما هاجم رئيس الوزراء الأحزاب المعارضة واتهمهم بتسييس القضية، ورفض وزير داخليته الاستقالة من المنصب بعد مطالبات بذلك حتى تكون التحقيقات شفافة.
تباشر السلطات في سلوفاكيا التحقيقات، على الرغم من أن رئيس الوزراء يبدو وأنه من بين المشتبه بهم الرئيسيين الذي لهم مصلحة في اختفاء الصحفي. بينما تعهد زملاء كوتسياك بأن يستكملوا مسيرته والتفتيش حول عمل المافيا الإيطالية في بلادهم وهو أمر واضح بحسب ما أكدوه في تقارير مختلفة، وأكدوا "هم لن يقتلونا".
وقال أحد الصحفيين في سلوفاكيا: "المافيا تقوم بأعمال هنا ولهم علاقات بمسئولين كبار"، مشيرًا إلى أنهم لن يجعلوهم يفعلون ذلك.
فيديو قد يعجبك: