"بلومبرج": محمد بن سلمان يراهن على شعبيته لتعزيز سلطاته
كتب - عبدالعظيم قنديل:
قالت شبكة "بلومبرج" الأمريكية، إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان يراهن على دعم المواطنين في تعزيز سلطاته بدلًا من الركائز التقليدية التي اعتمدت عليها السياسة السعودية في السابق.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمر، السبت الماضي 6 يناير، بصرف بدل غلاء معيشة شهري قدرة ألف ريال للمواطنين من الموظفين المدنيين والعسكريين لمدة سنة تعويضاً عن زيادة تكاليف المعيشة بعد أن رفعت الحكومة أسعار البنزين المحلية وفرضت ضريبة القيمة المضافة.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن الأمر لم يستغرق أكثر من أسبوع، حتى قام الأمير الشاب بصرف مليارات الدولارات لتعویض زیادة الأسعار، منوهة بأن اتساق السياسة المالية ليس أولوية قصوى للأمير الشاب الآن.
كما لفت التقرير إلى أن الحاكم الفعلي فى المملكة البالغ من العمر 32 عاماً يعتمد على السعوديين الذين يتوقون إلى التغيير الاجتماعي، ولكنهم يكافحون إجراءات التقشف اللازمة لتحقيق رؤيته لتحويل المملكة العربية السعودية إلى مركز استثماري بعيدًا عن النفط.
وقال فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد في لندن: "إن ولي العهد لا يستطيع أن ينفصل عن دائرة الشباب". وأضاف "أنها ليست اصلاحات اقتصادية فحسب، لكنها تتعلق بتوطيد القاعدة الاجتماعية للقيادة الجديدة والمعارضة من المصالح الراسخة جدا من جانب بعض أفراد العائلة المالكة".
"تذمر شعبي"
أعرب السعوديون عن مشاعر مختلطة حول الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، خاصة وأن البعض أظهر سعادته، بينما اعتقد البعض أن الخطوات تندرج ضمن رؤية 2030، والتي أعلنها الأمير محمد بن سلمان منذ عامين.
وكان المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني قد أكد، في تدوينة على تويتر، أن الأوامر الملكية التي صدرت تكلِّف الدولة أكثر من 50 مليار ريال سنويًّا.
ويضيف التقرير، تداول نشطاء التواصل الاجتماعي هاشتاج "كلنا سلمان، كلنا محمد" عقب صدور الأوامر الملكة السبت الماضي، في الوقت نفسه انتعشت مؤشرات التداول في بورصة الرياض 0.6 في المئة.
"تغيير حقيقي"
وقد رأى بول سوليفان، وهو متخصص في شئون الشرق الأوسط بجامعة جورج تاون في واشنطن، إمكانية حدوث اضطرابات، مضيفًا أن القاعدة الشعبية للأمير الشاب تعتمد على جيل شباب، الذي يأمل فى حياة أفضل وتغيير حقيقى".
وذكر التقرير أن القيادة السعودية اضطرت في أوقات عدم اليقين السياسي إلى الاغداق على المواطنين، مستشهدًا بثورات الربيع العربي عام 2011، حيث دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقتها الرواتب الحكومية والخدمات العامة بأكثر من 100 مليار دولار.
وتقول الشبكة الأمريكية، إن نهج الأمير محمد بن سلمان اختلف عن سابقه، وذلك بعد اعتقال عشرات الأمراء وكبار المسؤولين في حملة التطهر ضد الفساد، الأمر الذي دفع النقاد للادعاء بأن ولى العهد يريد تركيز السلطة في يده.
وكانت السلطات السعودية أوقفت عدداً من الأمراء والوزراء السابقين، مطلع شهر نوفمبر الماضي، في حملة تطهير غير مسبوقة بتاريخ المملكة.
وجرت الحملة بعد ساعات من تشكيل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد.
"اعتقال 11 أميرًا"
وأفادت الشبكة الأمريكية أن القاء السلطات السعودية القبض على 11 أميرا بعد اعتراضهم على الأمر الملكي الذي نص على إيقاف سداد الدولة الكهرباء والمياه جاء في سياق محاولة الأمير محمد تنفيذ إصلاحه الاقتصادي المقترح مع تجنب السخط الشعبي.
ونوه التقرير أن تحذير النائب العام السعودي بأنه لا يوجد أحد فوق القانون عبر ارسالهم إلى "سجن الحائر" تمهيدًا لمحاكمتهم، وذلك بعد أن طغت مؤشرات في الرأى العام السعودي بإن نخبة المملكة يسمح لها بالعمل دون عقاب.
وكان النائب العام السعودي وعضو اللجنة العليا لمكافحة الفساد، سعود بن عبد الله المعجب أعلن، السبت الماضي، القبض على 11 أميراً سعودياً قال إنهم تجمهروا في قصر الحكم، موضحًا أنه تم إيداعهم في "سجن الحائر" تمهيداً لمحاكمتهم.
"خطوة أولى"
وبحسب التقرير، قال الاقتصادي السعودي احسان بوحليقة إنه لا يرى أن الأوامر الملكية الأخيرة تمثل استراتيجية الحكومة، مضيفًل: "تخيل نفسك تفعل شيئا للمرة الأولى".
واستدرك: "إنها صعبة. لأنها أول خطوة، وسنرى انعكاساته على الاقتصاد فيما بعد".
في 25 أبريل 2016، أعلن محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي، عن خطة "رؤية 2030"، لإحداث ثورة في الاقتصاد السعودي بإنهاء اعتماده على النفط..
ويهدف "برنامج التحول الوطني 2030" إلى خفض الإنفاق العام بنسبة 40 في المئة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، بحسب ما كانت قد أعلنت المملكة.
ووفق التقرير، حذر كريستيان أولريتشن زميل معهد الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس من مطالبة السعوديين العاديين بتحمل جزء من الألم الاقتصادي، في حين أن تقارير الإنفاق السخي للأمير الشاب قد تؤذي شعبيته.
وتابع قائلًا: "إن ذلك قد يلقى صدى سيئا ليس فقط بين خصومه فى العائلة المالكة الذين يشعرون بالتهميش ولكن بين العديد من المواطنين اذا لم يتمكن من تحقيق انتصارات اقتصادية سريعة".
يذكر أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد كشفت، منتصف الشهر الماضي، بعض الوثائق المُسربة عن أن "مُشتري قصر لويس الرابع هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأشارت إلى أن اقتناء هذا المنزل كان جزءًا من عملية شراء باهظة قام بها الأمير السعودي (32 عامًا)، بما فيها شراء يخت بقيمة 500 مليون دولار، ولوحة ليوناردو دافنشي بقيمة 450 مليون دولار".
"إن الأمير محمد يحظى بشعبية ويحظى بتأييد الملك "لكن شعبيته هشة جدا لانها مبنية على توقعات مهمة وكبيرة"، حسبما نقلت الشبكة الأمريكية عن جيمس دورسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة نانيانج بسنغافورة.
واستكمل: "من غير المحتمل أن ينجح بن سلمان في الوفاء بتلك التوقعات ضمن الجدول الزمني المعلن، ولذا يسعى إلى الحفاظ على شعبيته".
فيديو قد يعجبك: