ماذا سيحدث إذا وقعت حرب نووية بين روسيا وأمريكا؟
كتبت- رنا أسامة:
منذ نفّذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربته الجوية على قاعدة الشُعيرات السورية في السادس من أبريل الجاري، تصاعدت حِدة التوترات بين الولايات المتحدة والقوى الأوروبية من جانب وروسيا من جانب اخر، لتصل أعلى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
ووصلت حِدة التصعيد الأمريكي إلى أوجها بعد إسقاط وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" القنبلة المعروفة بـ"أم القنابل" على مخابئ تابعة لتنظيم "داعش" شرقي أفغانستان، قتلت قرابة 92 مسلحًا، وفقًا للمتحدث باسم حاكم الولاية، رغ إنكار.
وقال موقع "موقع وورلد سوشاليست" إن أمريكا كان لها هدفا آخر من استهداف معاقل داعش في أفغانستان، وهو توصيل رسالة لإيران، وروسيا وسوريا وكوريا الشمالية والصين وأي دولة أخرى، أنها لن تستطيع الوقوف أمام مصالحها، وأن العنف الأمريكي تجاه الأعداء لا حدود له.
ويرى الموقع، أن المشهد الأمريكي العسكري الآن يطرح سؤالين وهما، كيف سيؤثر تدخّل الولايات المتحدة عسكريًا على العلاقات الأمريكية والتي تتصاعد توتراتها مع مرور الوقت؟ وكم عدد الضحايا المتوقّع وقوعهم حال نشوب حرب بين البلدين؟
وللإجابة على هذين السؤالين، تحدث الموقع الأمريكي مع خبيرين عن مدى المخاطر المحتملة للصراع بين واشنطن وموسكو.
حذّر العالِم ستيفن ستار، من منظمة أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية، من وقوع صراع عسكري بين الولايات المتحدة وروسيا على خلفية الأزمة السورية، وبين الولايات المتحدة والصين على خلفية مناورات كوريا الشمالية.
ويقول ستيفن، المُنتسب إلى مؤسسة السلام في العصر النووي، "أعتقد أن هناك خطرًا كبيرًا من حدوث ذاك السيناريو. فبالنسبة لسوريا، فإن تحالف الروس مع الأسد ومُضيّهم قُدُمَا في ضرب داعش، أصاب وسائل الإعلام الأمريكية بالجنون وجعلها في حالة هيستيرية، لأن ما يحدث لا يتفق والطريقة التي ترغب واشنطن في أن تنتهي الحرب السورية بها."
وأشار ستيفن، إلى أنه "بالرغم من سعي ترامب إلى الدخول في هُدنة مع روسيا، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون التي ألمح خلالها إلى أن عدم مُعارضة واشنطن لبقاء الأسد في السلطة، باغتت الولايات المتحدة- بعد خمسة أيام من تلك التصريحات- سوريا ونفّذت غارة جوية على قاعدة الشُعيرات وسط حمص."
بتنفيذ الغارة الجوية، يقول ستيفن إن واشنطن "دمّرت" علاقاتها مع روسيا، وبدت أولى مظاهر هذا التدمير في تعليق موسكو مذكرة السلامة الجوية التي قدّمتها عام 2015، والتي أمدّت بموجبها واشنطن قنوات اتصال بهدف منع وقوع مواجهات خطيرة بين الطائرات الأمريكية والروسية، الأمر الذي يمنح الروس الحق في ضرب الطائرات الأمريكية في سوريا.
أما ستيفن كوهين، أستاذ فخري في الدراسات الروسية في جامعتيّ برينستون ونيويورك، فيقول: "إذا نفّذت واشنطن ضربة جوية جديدة على سوريا، سواء بمقاتلات أمريكية أو بإحدى طائرات التحالف، فمن الممكن أن يتم إسقاطها بالأسلحة المُضادة للطائرات التي نشرتها سوريا وروسيا."
ورأى كوهين أنه من الصعب أن تُحدِث أي غارة جوية على سوريا تأثيرًا ملموسًا يُغيّر مسار الحرب السورية، بدون حدوث تصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا.
ومن الناحية الجيوسياسية، يلفت كوهين إلى أنه من الأسلم لسوريا في سوريا أن يبقى الأسد في السلطة، تلافياً لوقوع هجوم أمريكي جديد على نحو أكثر خطورة، إما أن يبوء بالفشل، أو يؤدي لتدمير المصالح الروسية، وإذلال روسيا، وإسقاط قتلى بين صفوف القوات الروسية وقوات الأسد، وبالتالي تؤدي كل الطرق في نهاية المطاف إلى حرب عالمية ثالثة.
"تضليل إعلامي"
وفي حال أسقط الروس الطائرات الأمريكية في سوريا- بعد تعليق الاتفاق- فإن الخوف الأكبر سيكمُن حينها في "الأخبار الكاذبة" والتقارير المُضللة التي من الممكن أن توردها وسائل الإعلام "المُنحازة" وتحديدًا لإدارة ترامب، وهو ما يُعد كفيلًا لتدمير الكوكب بأكمله- بحسب قوله.
وفي هذا الصدد، يُشير المنتسب إلى مؤسسة السلام في العصر النووي، إلى أن معظم الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام الدولية تحوّلت إلى "دعاية"، وتحديدًا منذ أزمة القرم في 2014، فغابت معايير المصداقية والموضوعية، ولم يُعد الإعلام الغربي مُلتزمًا بتقديم أدلة قوية تدعم ما ينقله من حجج ومزاعم، وهو ما ظهر بوضوح في الغارة الأمريكية في سوريا التي أعقبت القصف بالكيماوي على بلدة خان شيخون، فلم تتكبّد أي وسيلة إعلامية عناء التحقيق "بنزاهة" حيال الأمر، قبل تنفيذ أي تحقيق رسمي بشأنه.
ولفت إلى تورّط الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" في عملية التضليل الإعلامي؛ إذ تسيطر على 90 بالمئة من وسائل الإعلام في أمريكا والعالم كله، وتتحكّم في نشر القصص الخبرية، بما يخدم الخط السياسي الرسمي في واشنطن، من خلال الاعتماد على المصادر الرسمية بدون تدعيمها بأدلة حقيقية، ما يخلق بيئة خصبة لبثّ العديد من الروايات الكاذبة التي تُستخدم في دعم الإجراءات العسكرية الأمريكية.
ومن ثمّ، التزمت وسائل الإعلام الدولية الصمت حيال العلاقات الروسية- الأمريكية، دون أن تتحدّث عما يعنيه الدخول في حرب نووية مع روسيا، والتداعيات الخطرة لهذا الحرب.
"حرب نووية"
ويرى ستيفن أن وقوع هجوم أمريكي ثانٍ في سوريا، يعقُب قصف كيماوي جديد على سوريا من شأنه أن يُصعّد الأزمة مع روسيا، خاصة وأن العلاقة بين واشنطن وموسكو تشهد أسوأ مراحلها في التاريخ.
وقال ستيفن إن إرسال الولايات المتحدة قوات عسكرية كبيرة إلى سوريا سيكون "قرارًا غبياً بشكل لا يُصدّق."
وأضاف "سيكون من الصعب جدا، حينها، تجنّب وقوع حرب عالمية ثالثة."
إذا دخلت الولايات المتحدة وروسيا في مواجهات عسكرية مباشرة، ستقع خسائر في كلا الجانبين. وإما أن يُقرّا بالهزيمة أو أن يُصعّدا الموقف. وحال التصعيد، يُرجّح ستيفن ارتفاع احتمالات استخدام أسلحة نووية، وهو ما يمكن ان يقود في نهاية المطاف إلى نشوب حرب نووية واسعة النطاق.
وحول الخسائر المتوقّعة جراء حرب نووية مع روسيا، يقول ستيفن إلى أن التداعيات ستكون "كارثية".
وأشار إلى امتلاك الولايات المتحدة وروسيا ألف سلاح نووي، يزن حجم الواحد منهم 100 كيلو طن، وكلها جاهزة للانطلاق في مدة زمنية من دقيقتين إلى 15 دقيقة، وقال إن الأمر لن يتجاوز التسع دقائق لإطلاق صاروخ أمريكي لضرب موسكو، وحينها لن تقف روسيا مكتوفة الأيدي، بل سترد لتنتقم، وهو ما يؤجج احتمالات نشوب حرب نووية بين البلدين.
إضافة إلى ذلك، تمتلك الدولتان 3500 سلاح نووي استراتيجي تشغيلي بقوة تفجيرية تصل للواحد منها إلى 100 ألف طن من مادة تي إن تي- بحد أدنى- قادرة على الانفجار في غضون ساعة، إلى جانب 4600 سلاح نووي احتياطي جاهز للاستخدام.
وقال ستيفن إن "اندلاع حرب نووية بين البلدين يُمكن أن يتسبب في إبادة 30 في المئة من حجم سكان الولايات المتحدة وروسيا خلال الساعة الأولى من الحرب، على أن يقضي التسرّب الإشعاعي على 50 في المئة أخرى أو رُبما أكثر، بعد أسابيع قليلة من الهجوم النووي المُحتمل."
واتفق معه كوهين، قائلًا إن وقوع حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا يمكن أن "يُهلِك" العالم كله ويدمر الأخضر واليابس، مُشيرًا إلى إمكانية تدمير الولايات المتحدة وحدها بسلاحين نوويين فقط.
ومضى ستيفن قائلًا:" يُمكن أن تقود الحرب النووية إلى حدوث ظاهرة تُعرف باسم الشتاء النووي، ربما تتسبب في إبادة معظم سكان الكرة الأرضية بسبب المجاعة في غضون سنتين من وقوع حرب نووية أمريكية- روسية."
علاوة على ذلك، فإن طبقة الدخان الستراتوسفيري العالمية التي تنتجها العواصف النووية، من شأنها أن تمنع وصول معظم أشعة الشمس إلى سطح الأرض، ما يُنتج طقسًا جليديًا قد يستمر لمدة 10 سنوات على الأقل.
وأكّد كوهين على أن التهديدات بحرب نووية بين روسيا والولايات المتحدة لا يُمكن مواجهتها سوى ببذل الجهود الرامية لتقليل حالة عدم المساواة المتفشيّة في العالم على الصعيدين السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص، إذ أنها- وبحسب قوله- تقود إلى حالة من "الغباء السياسي" ستكون سببًا في تدمير الكرة الأرضية وإبادة العالم.
فيديو قد يعجبك: