متى يتمكن الإنسان من الحياة بشكل صحيح؟

كتبت-منه الشاذلي:

"متى يتمكن الإنسان من أن يعيش حياته بشكل صحيح؟"، هذا تساؤل طرحته الكاتبة ليدا بلير في مقال نشرته صحيفة الجارديان البريطانية قبل عدة أيام.

تجيب الكاتبة بأن حياة الفرد الفعلية لا تبدأ إلا بعد تصحيح مفهومين شائعين يمثلان عائقا كبيرًا على الفرد اجتيازه.

فالمفهوم الأول هو الاعتقاد بأنه يجب على الفرد وضع جميع الخيارات المتاحة أمامه في الاعتبار قبل الشروع في تنفيذ أي خطوة، فالكثير من الناس يصدق أنه من الأفضل أن تُتاح أمامهم الكثير من الخيارات حتى يملكوا القدرة على اختيار الأفضل بينهم مما سيترتب عليه شعورهم بالسعادة والرضا التام.

ولكن يذكر المقال أن العكس هو الصحيح فكلما زادت الخيارات المتاحة أمام الإنسان قلت قدرته على اتخاذ القرار، وفي حال اتُخذ القرار يقل مستوى رضاه عن اختياره.

واستعانت الكاتبة بدراسة قام بها عدد من الباحثين بجامعة كولومبيا عام 1990، تحدد المكان الذي أُجريت فيه الدراسة في متجرين للبقالة وضع بهم أكشاك تذوق، وُضع بالأول ستة أنواع من المربى وطلب من الزبائن تذوق الستة أنواع واختيار المذاق الأفضل بينهم، في حين وُضع بالآخر 30 نوعًا من المربى وطلب منهم أيضًا اختيار واحدا، وبالرغم من تأييد الجميع للرأي الذى يُفضل امتلاك الشخص العديد من الخيارات إلا أن النتائج نفت ذلك تمامًا، فالأشخاص الذين تعرضوا لعدد كبير من الخيارات في المتجر الأول كانوا أكثر ندمًا وأقل رضًا باختيارهم من الزبائن الذين تعرضوا لعدد قليل من الخيارات في المتجر الثاني.

أما المفهوم الثاني فيتمثل في الاعتقاد بأن الفرد يمكنه التحكم بمستقبله وأنه من الواجب التخطيط له جيدًا. ولكن الحقيقة أنه مهما وصلت درجة تخطيطه لن يستطيع التنبؤ بما سيحدث على الإطلاق ولكن كل ما يمكنه فعله اختيار السلوك الذي سيتبعه عند مروره بالظروف التي سيتعرض لها والتعامل معها بشكل سليم، فإما أن يضيع الفرد وقته في التحسر على حاضره ويقرر الانتظار حتى يتحسن حاله وإما أن يقبل الحاضر ويتعامل معه ويحقق أكبر استفادة منه.

وأضافت الصحيفة إلى أنه كون الفرد واعيًا لا يعني تحكمه في الحاضر والمستقبل، ولكنه يعني أن يدرك الواقع جيدًا ويقبله كما هو ويحقق أكبر استفادة منه بدلًا من محاولته خلق ما هو ليس مقدرًا له أن يحدث.