إعلان

سوريون في تركيا: أجسادنا هنا وقلوبنا في سوريا

01:36 م الإثنين 30 نوفمبر 2015

مدينة الرقة

كتبت- هدى الشيمي:

أعدت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا من داخل مدينة غازي عنتاب التركية، والتي تحولت لمنفى يضم السوريين الذي هربوا من بلادهم، بعد تدهور الأوضاع، وتحولها من سيء لأسوأ، وحاورت عدد من المواطنين، الذي كانوا داخل مقهى بأكمله، ومن بداخله تم نفيهم من الرقة، ومع ذلك نفس الطهاة يقدمون الطعام نفسه كل يوم جمعة، دجاج مشوي وشاي، يشرب رواده "الشيشة"، ويتحدثون في السياسة، ولكنهم منهكين متعبين من كل شيء.

تقول الصحيفة إن المكان بأكمله انتقل بالجملة، العاملين وقوائم الطعام، كل شيء انتقل إلى عبر الحدود ووصل إلى مدينة غازي عنتاب، بعد تهديد تنظيم داعش لأرواحهم وحياتهم وكل شيء يملكوه في مدينتهم.

أغلب الزبائن خرجوا من سجون داعش، وبعضهم من قرر الفرار من سوريا بعد ما عايشوه بسببهم، ويتسبب وصول الأغراب للمنطقة في شعور الجميع بعدمالراحة، ومنذ عدة أسابيع، قُتل اثنين في منزلهم على يد أشخاص تنكروا وصلوا إلى المنطقة وسط اللاجئين.

ومن بين العاملين في المدينة كان أبو أحمد، رجل أعمال انتقل برفقة باقي اللاجئين لغازي عنتاب، ويقول "إذا لم ترغب بنا داعش هناك، ها نحن هنا، فنحننعيش في هذه المدينة، ولكن قلوبنا في الرقة"، ويتابع كلامه متسائلا "من سيعيش سعيدا إذا كانت أكثر من جهة تقصف مدينته باستمرار، فإذا أزعجت أي امرأة زوجها، يقرر الذهاب وقصف الرقة"، مشيرا إلى أن الأردن والأمارات وأمريكا، وروسيا وفرنسا لا يتوقفون عن قصفها.

=3
ويتابع قوله "إذا سألني البرلمان البريطاني عن رأيي فيما يحدث، سأقول لهم عليهم أولا القضاء على سبب الأزمة الحقيقي وهو بشار الأسد، أول عوامل ظهور داعش"، مشيرا إلى مقتل مئات الالاف من السوريين خلال السنوات الأخيرة، ولم تتحرك أي جهة وتقصف دمشق.

يقلق السوريون في غازي عنتاب من وجود فرصة ضئيلة للقضاء على داعش بالاعتماد على القوات الأرضية، ولكن مع ضعف المليشيات المحلية وكونهم مجموعة من الأكراد، والعرب غير المرحب بهم، لا يوجد لديهم فرصة أخرى للمعارضة.

يؤكد ممرض سوري ترك الرقة هذا الخريف بعد محاولة جماعة إلقاء القبض عليه على الرغم من وجود أي دليل إدانة ضده، أن المواطنين هناك يكرهون داعش، مشيرا إلى أن استبداله بالتحالف الكردي مع بعض المليشيات سيكون أيضا سيء، وقد يفكر البعض أن داعش أقل ضررا منهم، لذلك سينضم عدد أكبر للتنظيم.

1

يعاني السوريون من نفاق المجتمع الدولي، وطريقته في التعامل مع الجرائم التي تحدث في بلادهم، وتجاهلهم  لوفاة عشرات الالاف من السوريين على يد حكومتهم، ثم اجتمع الجميع للقضاء على داعش، لقتلهم لمجموعة من الأوروبيين والأمريكان.

وترى منى، المعلمة والناشطة السورية، أن المجتمع الدولي لم يتعامل مع الأزمة بالطريقة الصحيحة، فتقول "لماذا يتعاملون بهذه الطريقة مع داعش؟ لماذا لم يتخذ أي شخص خطوة واحدة تجاه قصف سوريا، ولماذا يفعلون كل ذلك الآن للقضاء على داعش، لأنهم هددوا دولة أو مجموعة دول غربية؟، بالنسبة لنا هذا لا يهم، لأن القصف يقتلنا جميعا".

وتشير ممرضة سابقة إلى أن المواطنين كانوا في البداية سعداء بشأن الضربات الجوية العشوائية من قبل التحالف، إلا أنهم وجدوا أنها تستهدف المدنين أيضا، وتقتلهم بلا رحمة
مثل قوات النظام".

وفقا لسيدة رفضت الافصاح عن اسمها لبقاء أهلها في الرقة، فإن الأهالي منعوا ابنائهم من الذهاب للمدارس لخوفهم الشديد عليهم من القصف في أي لحظة، كما توقفت النساء عن الذهاب للعمل، وتقول "لا يستطيع أحد معرفة متى سيتم القصف وفي أي مكان، لذلك فضلنا البقاء في المنزل أغلب الوقت، على الأقل إذا حدث الأمر، نموت جميعا معا كعائلة".

أستغرق الأمر حوالي 24 ساعة برفقة المهربين، في الظلام الحالك، لمعرفة كيفية الذهاب تركيا، وكانت رحلتهم صعبة، تكمن صعوبتها في كيفية الهروب من الرقة، والنجاة من القصف الذي لا يتوقف، حيث منعتهم داعش من المغادرة، أو استخدام الدروع البشرية.

2

يروى فارس قصته "عائلتي كلها قررت الرحيل لثلاث مرات، ولكنهم منعوا"، قائلا "إذا كنت مريض يمكنك المغادرة، ولكن هناك طبيب ألماني برفقة داعش عليه تشخيص حالتك، وإذا لم يكن لديهم علاج سيتركونك ترحل".

لم يقتصر الأمر على المدنين فقط، ولكن أيضا مقاتلي تنظيم داعش، حيث يخرج القادة الكبار أعضاء التنظيم، والعائلات وينقلوهم للموصل، لحمايتهم من القصف. 

"إذا أراد التحالف مساعدتنا عليهم اختيار الحليف المناسب، ولا يجب أن يكون الأكراد، فاختيار الحليف الخاطئ قد يدفع المواطنين للتصرف بطريقة خاطئة"، بحسب أحد المواطنين في غازي عنتاب.

فيديو قد يعجبك: