لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ترامب الشاعر.. والناثر

سليمان جودة

ترامب الشاعر.. والناثر

سليمان جودة
07:00 م الأحد 12 يناير 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الصخب السياسي الذي أحدثه الرئيس المنتخب دونالد ترامب طوال فترة ترشحه، ثم بعد الإعلان عن فوزه في السباق الى البيت الأبيض، سوف لا يكون كما هو في مرحلة ما بعد تسلمه السلطة في العشرين من هذا الشهر.
والسبب أن هناك فرقاً باستمرار بين أن يتكلم السياسي وهو على البر كما نقول، وبين أن يتكلم وهو في السلطة.. والأمريكيون أنفسهم لهم تعبير خاص بهم في هذا الشأن.. إنهم يقولون في ثقافتهم السياسية الشائعة ما معناه، أن المرشح في السباق الى البيت الأبيض أو حتى الفائز في السباق يتحدث شعراً في أمور البلاد خلال مرحلة الترشح، وفي مرحلة الفوز السابقة على تسلم السلطة، فإذا صار في مكتبه البيضاوي فإنه يتحدث نثراً!
والمعنى أن اللغة الحماسية العاطفية تغلب بالضرورة على حديث المرشح، ثم على حديث المرشح الفائز، فإذا أصبح في مقاعد المسئولية غابت العاطفة وتوارى الحماس قليلاً وحضرت اللغة العاقلة في مكانهما.
وأظن أن هذا يمكن أن ينطبق على الرئيس المنتخب ترمب، الذي لا يتوقف طوال فترة ترشحه وفي مرحلة ما بعد فوزه عن الحديث بلغة عاطفية حماسية كأشد ما تكون العاطفة وأشد ما يكون الحماس في كل حالاته.
فهو مرة يعرض على كندا أن تنضم الى الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح الولاية رقم ٥١، وهو لا يكتفي بعرض ذلك كفكرة شاطحة، ولكنه يذهب الى حد القول بأنه سيمارس الكثير من الضغوط الاقتصادية على الكنديين في هذا السبيل!
وهو مرةً أخرى يقول إنه قد يفكر في السيطرة على قناة بنما عسكرياً، إذا لم تعرف السلطات البنمية كيف تديرها كما يجب، وإذا لم تخفض من رسوم عبور السفن الأمريكية، وإذا لم تتوقف الصين عن التدخل في إدارة بعض موانئ القناة.
وهو في مرة ثالثة يقول إن من حق بلاده أن تستولي على جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك في شمال أوربا، وأن ذلك من دواعي الأمن القومي الأمريكي.. وهكذا.. وهكذا.. الى آخر ما لا يتوقف عنه منذ أن فاز في السباق!
وليست هذه سوى عينة مما قاله ويقوله، فهو يقول الكثير والكثير من هذا النوع، وكل ما يقوله لا يكاد المتابع له يصدقه أو يتخيل أنه صادر عن رجل المفروض فيه أن يتحلى بالمسئولية في كل كلمة ينطق بها.
ولكن الغالب أن ترمب في مرحلة ما بعد العشرين من يناير، لن يكون هو ترمب في مرحلة ما قبل هذا التاريخ نفسه.. لأنه عندها سيشعر بأنه " مسئول " مهما كانت درجات انفعاله وشطحانه، ومهما كان قد اعتاد على الانفلات في الكثير مما يقوله.. والغالب أيضاً أنه سيدرك أن هناك فرقاً بينه وبين أي رئيس آخر في العالم، لأن تأثير ما يقوله أو يفعله رئيس الولايات المتحدة على شئون الكوكب ليس كتأثير كلام أو أفعال أي رئيس سواه.

إعلان

إعلان

إعلان