إعلان

كلية الطب البشري بجامعة الوادي الجديد

د. أحمد عمر

كلية الطب البشري بجامعة الوادي الجديد

د. أحمد عبدالعال عمر
08:21 م الأحد 22 أغسطس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إن للدول والأقاليم والمدن أقدارا خاصة، تصنعها الجغرافيا والمناخ، ويتداخل معهما في صنعها همة ورؤية الحكام ورجال الدولة، وقدرتهما على تطويع الجغرافيا والمناخ لخدمة الإنسان، وتطوير الوضع القائم لتحسين مستوى حياة البشر.

ولا أظن أن منطقة في مصر ظلمتها الجغرافيا والمناخ، وأصبحت ضحية ضعف رؤية وهمة الرجال مثل محافظة الوادي الجديد، التي تمثل نسبة ٤٤٪ من مساحة مصر الإجمالية، والتي صدر قرار استقلالها من الناحية الإدارية لتحمل اسم محافظة الوادي الجديد في عام ١٩٥٩.

وفي يوم ٣ أكتوبر ١٩٥٩ وصلت للمحافظة الوليدة أول قوافل التعمير التابعة لسلاح المهندسين بالجيش المصري للبدء في تعمير المحافظة.
بعد ذلك أُنشئت هيئة تعمير الصحاري المصرية، التي قامت بدور رائد في إنشاء البنية التحتية في المحافظة الوليدة، وحفر الآبار الجوفية، وتهيئة الطرق التي تربطها بمحافظات وادي النيل المختلفة.

كما قامت الدولة بتحفيز المصريين على الهجرة إلى المحافظة الجديدة من أجل استصلاح وإعمار أرضها عبر تقديم الكثير من الحوافز.

ولكن مشروع تنمية محافظة الوادي الجديد لم يُنفذ وفق المخطط الذي وُضع له، ولم يحقق الغايات المرجوة التي تمنَّاها له الرئيس جمال عبد الناصر وخبراؤه؛ لتدخل المحافظة بعد رحيل عبد الناصر عام ١٩٧٠ في غياهب العزلة والإهمال من جديد، ولتعود لسيرتها القديمة منطقة منسية، يُعاني سكانها من مشاعر الإقصاء النفسي والجغرافي وغياب العدالة التعليمية والثقافية والخدمية، رغم جهود بعض المحافظين أصحاب الرؤية والهمة في خدمة المحافظة وأبنائها، وعلى رأسهم الراحل الدكتور فاروق التلاوي.

وقد استمر هذا الوضع لعقود طويلة سابقة، حتى جاء نظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي جعل من أهم أولوياته الاهتمام بالمحافظات الحدودية وسكانها، وتوسيع نطاق المشروعات التنموية فيها، وحل المشكلات التي تُعوقها من أجل تحسين مستوى حياة أبنائها.

وكان أهم مظاهر هذا الاهتمام صدور قرار السيد رئيس مجلس الوزراء في سبتمبر ٢٠١٨ بإنشاء جامعة الوادي الجديد، بهدف خدمة المجتمع المحلي والارتقاء به، ولكي تصبح الجامعة قاطرة للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في المحافظة، بشكل يُعمق مشاعر الانتماء والولاء والرضا لدى سكانها وشبابها، ويُثبت دعائم الاستقرار الأمني والمجتمعي في تلك المحافظة الحدودية الكبيرة.

وقد بدأت الجامعة عملها في السنوات الماضية من خلال ست كليات هي: التربية، والعلوم، والآداب، والتربية الرياضية، والزراعة، والطب البيطري.

ورغم أهمية تلك الكليات في التخفيف من معاناة الاغتراب على أبناء الوادي، فإن سكان الوادي الجديد ظلوا يحلمون بكلية للطب البشري في جامعة الوادي الجديد، يتبعها مستشفى تعليمي متطور، يوفر لهم خدمة طبية متخصصة مميزة، تُريحهم من معاناتهم التاريخية في البحث عن الخدمة الطبية في المحافظات المجاورة.

وقد تحقق هذا الحلم أخيرًا بعد صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات في جلسته التي عقدت بجامعة الإسكندرية يوم ٢١ أغسطس الجاري، ببدء الدراسة بكلية الطب البشري بجامعة الوادي الجديد، بداية من العام الدراسي القادم.

وهو القرار الذي ما كان ليظهر للنور، ويحقق حلم أبناء الوادي الجديد، لولا الجهود المُخلصة لقيادات الجامعة، ولولا التعاون المثمر الذي يستهدف الصالح العام وخدمة المحافظة وسكانها، بين محافظ الوادي الجديد اللواء محمد الزملوط، والدكتور عبد العزيز طنطاوي، رئيس جامعة الوادي الجديد، من أجل توفير واعداد البنية التحتية اللازمة لبدء الدراسة بالكلية.

فشكرُا للقيادة السياسية لجعلها تنمية المحافظات الحدودية وتحسين مستوى حياة سكانها أولوية قصوى.

و"مبروك" لمحافظة الوادي الجديد وجامعة الوادي الجديد افتتاح كلية الطب البشري.

واتمنى أن تكون الجامعة بكلياتها الحالية وبالكليات المزمع مستقبلًا افتتاحها خطوة ونقلة نوعية نحو تنمية محافظة الوادي الجديد، وتحسين مستوى حياة وثقافة ووعي سكانها، وخطوة نحو صنع مستقبل أفضل للمحافظة وأهلها بعد تاريخ طويل من التجاهل والإقصاء.

إعلان

إعلان

إعلان