- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
"البسطرمة".. تعرفها القواميس باختزال لا يليق بكبير مقام لذة طعمها وبهاء لونها وصفاء مواقيت تناولها، إيجاز يقصر عن الإحاطة بها وبأنواعها واختلافات لونها، فيكمن فيه العوار فجًا ظاهرًا، إذ كيف له مثلا أن ينتهى بالقول إنها مجرد "لحم فخذ بقرى مجفف مملح ومتبل بالثوم ويتم ضغطه وتقطيعه"، وهل يليق ذلك وفقط؟، وعلى غير تفصيل واسترسال البلاغة العربية، لكن لابأس فللقواميس شأنها، ولنا ما تحلو به الحياة وتطيب ذائقة وبهجة.
أحد طعامين ظلا في ذاكرة تفضيلات والدتي -رحمها الله- منذ أن وعيت متأملا على ما تأكل في الحياة، وبينما لا تشتهي مختلف أنواع الطعام فإنها تستعذب بإقبال متواضع ولكنه على أي حال قائم كلا من الجبنة الزرقاء "الريكفور" والبسطرمة بشرائحها الرقيقة مع الخبز البارد، هكذا كبرنا وهي تحتفظ مع الوقت بذات تفضيلاتها الغذائية ولم تبدلها تبديلا.
أمي ابنة حي شبرا، التي تمثل الجيل الثالث الذي استقر من أسرتها في القاهرة بعيدًا عن منابعه القروية، حي شبرا صرة مدينة القاهرة، ومستقر طبقتها الوسطى بمختلف ملامحها الديموجرافية، عنوانًا مهمًا عن الحياة المصرية العصرية واختلافاتها وما يجمعها حبورًا، الشوارع الفسيحة وتلك الضيقة في غير التصاق ولا اختناق، التجاورات البشرية الملهمة ثقافة وفكرًا وتعايشًا محبًا، وبعض دور السينما حاملة الأفيشات الملونة، ثم ملفوفات "كيزان" البسطرمة مغلفة بطبقة الثوم السميكة معلقة وقد التف حولها غلاف ورقي أبيض شفاف.
وبينما تذوقنا البسطرمة بمعرفة أمي، كان أبي ذو الأصل الريفي المباشر والممتد لا يراها أبدًا طعامًا مستساغًا، وليست البسطرمة فقط بل هذا كان رأيه شاملاً كافة أنواع المصنوعات من اللحوم والدواجن، لم يقربها قط، ولم يسمح لأي دعوة أو نداء أو إغراء أن يجعله يجربها، فقد ظل مرتبطًا بعادات غذائية تفضل الطعام في شكله المباشر والأولى دون تداخلات تغير أصله.
ومع ذلك أحببنا البسطرمة تمامًا، ولم نستسغ الجبنة الزرقاء إلا مؤخرًا!، تشاركنا مع أمي في حلو مذاق البسطرمة كأننا نتشارك معها شيئًا يسعدها، نأكلها شرائح منفردة كما تفضلها، أو نلح عليها أن نلتهمها على طريقتنا نحن بهية اللون مخلوطة بكثير من الزبد وحبيبات البيض البلدي الصغير شاهق اللون الذهبي.
يكون من الأفضل أن تؤكل البسطرمة منفردة في شرائح رفيعة لا يجهد جودتها تحملها للون مائل إلى الدكانة ولا بهوت لون كأثر من رتوش لا تُرى من الأحمر الخفيف، بل وسط بين ذلك تمامًا، وهكذا تعرفها طازجةً وصنعتها كلها جودة.
كما لا تؤتي أؤكلها منفردة في حينها سوى بعد أن تأخذ من برودة الحفظ في الثلاجة قليلاً، وكل تقطيع لها سميك القوام مفسد للون والانشراح وطعم مذاق المضغ يروي ظمأ جوعك المتمهل، وحيث كل رقة في شرائحها بهجة صافية.
تمنحها سخونة الزبدة لينًا محببًا، يمزج بعض صلابة قوام شرائحها في تكوين جديد، لا تنطوي طبقاته فوق بعض فيصير كلحم تقليدي، بل تظل لكل شريحة خصوصية مشهدها في اتساع "الطاسة" الكبيرة منفردة كأوراق الشجر تتلألأ كل منها كأنك تنظر إليها في ضوء شمس حنون.
وأيضا لا بد أن تؤكل البسطرمة مباشرة وساخنة مع حبيبات البيض في وسطها وعلى حوافها، وتأخير ذلك مضيعة ومفسدة للطعم.
يحكي الروائي مكاوي سعيد في كتابه "القاهرة وما فيها" أن الشيخ زكريا أحمد وقت أن كان طالبًا صغيرًا في الأزهر في الفترة من 1893 وحتى 1900 كان يتردد على مقهى بشارع محمد على حيث يتعلم قواعد الموسيقى.. وذات يوم كان الشيخ كعادته على المقهى وبجواره العود وفارش منديله أمامه وعليه عيش وبسطرمة وهو يدوزن بالعود ويتناول لقمة البسطرمة هبط فوق رأسه خمسة من زملائه وثلاثة من أساتذته بالأزهر وأمسكوه متلبسًا بحمل العود وأكل البسطرمة.
إعلان