إعلان

الفيتامينات ومضادات الأكسدة تقوي المناعة

د. عبدالهادي مصباح

الفيتامينات ومضادات الأكسدة تقوي المناعة

د. عبدالهادي مصباح
07:00 م الخميس 04 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أثير في الآونة الأخيرة كلام كثير حول فائدة الفيتامينات التي يتناولها الكثيرون من أجل تقوية جهاز المناعة لديهم، لكي يستطيعوا أن يواجهوا فيروس "كوفيد-19" بأقل قدر من المضاعفات التي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان، والمشكلة أن الناس قد سارعت إلى تخزين هذه الفيتامينات وسحبها من الأسواق، ما جعل المرضى أو الذين يحتاجون لمثل هذه الفيتامينات والمجموعات الأكثر تعرضًا للخطورة لا يجدونه لذا فالنصيحة الأولى هي عدم تخزين هذه الأدوية واستخدامها بإشراف طبي؛ لأن بعضها مثل الفيتامينات التي تذوب في الدهون يمكن أن تحدث مضاعفات سمية وجانبية مثل فيتامينات A, D,E,K ، لذا فسوف نستعرض مرة أخرى بالتفصيل ماذا تفعل هذه الفيتامينات، وأين توجد في المواد الغذائية المختلفة.

ومضادات الأكسدة عبارة عن مجموعة من الفيتامينات والمعادن تساعد على حماية الجسم من تجمع شوارد أو شقوق الأكسجين الحرة Free Radicals داخل نواة الخلية، والتي يمكن ببساطة أن نشبهها بعادم السيارة، وإذا كان الطعام الذي نأكله يمثل البنزين بالنسبة للسيارة، فعندما يدخل هذا الطعام في جسم الإنسان كوقود يحترق من أجل توليد الطاقة اللازمة لحياته ونشاطه، ويكون ناتج هذا الاحتراق تولد عادم عبارة عن ذرات حرة طليقة وشرهة من الأكسجين الذري وغيره، تهاجم الحامض النووي الموجود في نواة الخلية، ويسبب لها ما يمكن أن يسببه بدءًا من أمراض القلب وتصلب الشرايين، وحتى الأورام السرطانية، كما تهاجم "الميتوكوندريا" المسؤولة عن توليد الطاقة في الخلية، ما يؤثر على نموها، ويعجل بشيخوختها وموتها.

وتزيد هذه الشوارد الحرة مع كثرة تناول الدهون، وقد تتكون الشوارد الحرة في الجسم عند التعرض للإشعاع، والكيماويات السامة، مثل التي توجد في دخان السجائر، أو التعرض بإفراط لأشعة الشمس، وأيضاً من خلال عمليات التمثيل الغذائي داخل الجسم عندما يتعرض الإنسان لفترات طويلة من الصوم دون تناول أي طعام، حيث تتكسر الدهون المختزنة لاستخدامها كمصدر للطاقة في حالة عدم وجود الغذاء، وفي الحالات الطبيعية تكون هذه الشوارد الحرة تحت السيطرة، بواسطة بعض المواد والإنزيمات التي تستطيع التخلص منها طالما كانت نسبتها طبيعية داخل الخلية، مثل إنزيمات سوبر أوكسيد ديسميوتاز SOD، والميثيونين، وغيرها، وأيضاً من خلال عدد من العناصر الغذائية التي تعمل كمضادات للأكسدة وتشمل: فيتامين أ، وأيضاً البيتاكاروتين، وفيتامين ج، وفيتامين هـ، ومعادن الزنك، والسيلينيوم، وبعض الهرمونات مثل الميلاتونين، وبعض الأعشاب التي تبين أن لها هذه الخاصية لمنع الأكسدة.

ورغم أن كل أعضاء الجسم تتعرض لمثل هذه الهجمات الشرسة للشوارد الحرة، فإن المخ يعد أكثر الأعضاء تأثراً بها، حيث يمكن أن يصيبه الأذى والأمراض والشيخوخة أكثر من أي عضو آخر بالجسم لسببين: أولهما أنه عضو دائم النشاط، ولا يتوقف أبداً عن العمل حتى والإنسان نائم، وبالتالي فهو يستهلك مزيداً من الأكسجين والجلوكوز لإنتاج الطاقة التي يعمل بها، وينتج مزيداً من الشوارد الحرة، والثاني: أن المخ هو أكثر الأعضاء في الجسم احتواءً على الدهون، حيث إن 50 % من تركيب المخ دهني، وبالتالي فهو أكثر عرضة لأثر تأكسد الدهون، ما يحدث خللاً في وظائفه المتعددة التي تسبب الكثير من الأمراض، نتيجة للضمور الذي يحدث في الخلايا العصبية جراء ذلك، مثل أمراض ألزهايمر، والشلل الرعاش، وتصلب الشرايين، وفقدان الذاكرة، وغيرها من أمراض الشيخوخة، حيث يحدث نوع من تزنخ الدهون في أغشية خلايا المخ، ما يؤثر على إفراز وانتقال الموصلات العصبية، والجلوكوز الذي يعد المصدر الوحيد للطاقة بالنسبة لخلايا المخ.

الغذاء السليم ومضادات الأكسدة

ولكي نقدر الضرر البالغ الذي تحدثه الشوارد أو الشقوق الحرة، علينا أن ندرك ـ كما قال د. "بروس إيمز" بجامعة كاليفورنيا بيركلي ـ أن الحامض النووي في الخلية الواحدة DNA ، يتلقى يومياً حوالي عشرة آلاف ضربة توجهها إليه هذه الشوارد الحرة، فإذا علمنا أن الجسم به ما يقرب من 150 – 200 تريليون خلية، لأدركنا مدى ما يحتاج إليه الجسم من مضادات الأكسدة، ورغم أن أسلوب الغذاء السليم (في غياب التلوث) يمكن أن يعادل ويصلح 99% من الأضرار التي تسببها هذه الشوارد الحرة بالجسم والمخ، فإن هذه النسبة الضئيلة التي لا تتجاوز 1% من الشوارد الحرة وما تحدثه من تلف، يتجمع عبر السنين ومع تقدم العمر بشكل تراكمي، ما يسبب شيخوخة الخلية بشكل مبكر، وما يصاحب ذلك من علل وأمراض، لذا ينبغي أن نهتم بتناول مضادات الأكسدة لحماية المخ والذاكرة من الشيخوخة المبكرة، حيث إن المخ من أوائل أعضاء الجسم التي تتأثر بتراكم الشوارد الحرة؛ لأنه يحتوي على أقل طاقة مضادة للتأكسد، لذا ينبغي أن نوفر له الإمداد الكافي من موانع الأكسدة لمساعدته وحمايته والمحافظة عليه.

أما عن أفضل ما يجب أن نتناوله من الأغذية والمشروبات التي تحتوي على مضادات الأكسدة وفقاً لقدراتها المضادة للأكسدة، فسوف نجد أن الفاكهة والخضراوات تعد من أهم مصادر موانع الأكسدة وقد تمكن العلماء من الوصول إلى تحاليل تبين كفاءة وسرعة عمل مضادات الأكسدة من خلال إبطال مفعول الشوارد الحرة مثل الهيدروكسيل، وهذا الاختبار يقيس مستويات كل مضادات الأكسدة التقليدية مثل فيتامينات هـ، ج، أ، والبيتاكاروتين، وغيرها كما يظهر قدرة الطعام بشكل عام كمضاد للأكسدة والتي تعرف بقدرة امتصاص الشارد الأكسجيني "ORAC" ومن خلال ذلك أدرك العلماء أن لكل طعام قيمة من وحدة ORAC الخاصة به تحدد قدرته كمضاد للأكسدة في مواجهة الشوارد الحرة.

وعلى رأس هذه الأطعمة - حسب ما أظهرته القياسات باختبار ORAC: "القراصيا ـ الزبيب ـ التوت الأسود ـ العنب الأحمر ـ الثوم ـ اللفت ـ الفراولة ـ السبانخ ـ الطماطم ـ زيت السمك ـ قشور حبوب القمح"، وبشكل عام فإن الفواكه والخضراوات ذات الألوان الداكنة تحتوي على قدر أكبر من موانع الأكسدة خاصة كلما زادت خضرتها أو حمرتها؛ لأن صبغة النبات الطبيعية تكون هي نفسها مضاد فعال للأكسدة.

جدير بالذكر أن الشاي يعد مصدرًا رائعاً لمضادات الأكسدة، وتعتمد قدرة الشاي كمضاد للأكسدة على فترة نقع الشاي في الماء المغلي، ففي خلال 5 دقائق يتم إفراز ما يقرب من 85% من الطاقة المضادة للأكسدة للشاي، ويفرز الباقي خلال الخمس دقائق التالية، وإضافة ملعقتين صغيرتين من اللبن إلى الشاي لمن يرغب في ذلك ـ يساعد على إفراز محتواه من مضادات الأكسدة إلا أن إضافة المزيد من اللبن تفسد طاقة الشاي المؤكسدة من خلال معادلة ما به من مضادات للأكسدة، فلا يستفيد الجسم منه، والشاي الأخضر يحتوي على أربعة أضعاف ما يحتويه الشاي الأسود من أحد مضادات الأكسدة المهمة للمخ.

وبصفة عامة فإن الإسراف في أكل اللحوم الحمراء يجعل الإنسان أكثر تعرضا للإصابة بكل مضاعفات وأمراض الشوارد الحرة، وتناول اللحوم البيضاء أقل خطرا، والأفضل بالطبع هو تناول البروتينات من أصل نباتي مثل: "فول الصويا ـ العدس"،... إلخ.

العناصر الغذائية المضادة للأكسدة والمقوية للمناعة

١- فيتامين أ A: له دور مهم في إنتاج هرمون النمو، ويحافظ على الغدة التيموسية التي تنتج الخلايا الليمفاوية التائية، ومنها الخلايا التائية المساعدة Th التي تعد القيادة العامة للجهاز المناعي، والتي يهاجمها فيروس الإيدز، كما يكسب الجسم نوعاً من الوقاية من الأورام السرطانية، والعدوى الفيروسية، وهو من الفيتامينات المهمة، للحفاظ على قوة جهاز المناعة وفاعليته، ويوجد في الأطعمة التالية التي تحتوي على فيتامين أ (أو بيتا كاروتين التي تتحول داخل الجسم إلى فيتامين أ): "الكبدة البقري – الجزر – البطاطا الحلوة – قرع العسل – الشمام – المانجو – المشمش - الفلفل الأصفر - البروكلي – الطماطم - الكرنب – اليوسفي – الخوخ".

وفيتامين أ يمكن أن يكون ساماً بجرعات عالية؛ لأنه يذوب في دهون الجسم ويتراكم، لذا لا يوصى بإعطاء جرعات أعلى من 10 آلاف وحدة فقط على المدى القصير الذي لا يتجاوز شهرًا واحدًا.

٢- مجموعة فيتامينات ب B المركب: وهي من المغذيات الضرورية المهمة لكل خلية من خلايا أجسامنا، ويرجح أن حمض الفوليك والبيرودوكسين (فيتامين ب ٦) يتميزان بأقوى تأثير على جهاز المناعة، وحمض الفوليك ضروري جداً للأمهات الحوامل؛ ولتكوين وتطور الأعضاء في الجنين حتى تنضج – خاصة الجهاز العصبي - وحمض البانتوثينيك (ب٥) هو منشط مناعي آخر ضروري لإنتاج الأجسام المضادة، ويساعد الخلايا الأكولة والخلايا القاتلة الطبيعية. والمصادر الرئيسية وتفاصيل محتويات فيتامينات (ب) كل على حدة هي كالتالي:

فيتامين ب١: الأسبراجس – البسلة – البقوليات – عيش الغراب – الخس – الفلفل.

فيتامين ب٢: البروكلي – القمح الكامل- اللبن – عش الغراب – الكرنب.

فيتامين ب٣: التونة – الدجاج - القمح الكامل – الأسبراجس (الهيليون).

حمض الفوليك: جنين حبة القمح – السبانخ – الفول السوداني – البذور والفوليات النابتة – البروكلي – الهيليون.

فيتامين ب٥: عش الغراب – العدس – البيض – الأفوكادو – القمح الكامل – البسلة - الطماطم.

فيتامين ب٦: اللوبيا – القنبيط – الكرنب – البذور – المكسرات.

فيتامين ب١٢: المحار – السردين – التونة – اللحوم – البيض – اللبن ومنتجاته.

البيوتين: اللوز – القنبيط – الذرة – المحار – البيض.

٣- فيتامين ج C: وله دور في غاية الأهمية في تنشيط مناعة الجسم:

- فيتامين ج له تأثير غير مباشر مضاد للفيروسات، خاصة فيروسات البرد والإنفلونزا والفيروسات التي تدخل الجسم عن طريق الغشاء المخاطي للجهاز التنفسي، وبالتالي لا يحدث إلا تحفيز بسيط لإنتاج الأجسام المضادة، ويقع عبء الدفاع الأساسي على الخلايا التائية T التي تعتمد وظائفها على فيتامين ج C.

- ينشط فيتامين ج بإنتاج البروستاجلاندين في الصفائح الدموية، ما يؤدى إلى زيادة إنتاج الخلايا التائية.

- فيتامين جC ضروري لنوع معين من الانقسام الخلوي الذى يؤدي إلى زيادة سريعة في كل من الخلايا البائية والتائية.

- تنتج الخلايا المصابة بالعدوى المزيد من الإنترفيرون حينما يكون لديها ما يكفي من فيتامين جC، كما أنه يعوق عملية تخليق البروتينات الفيروسية التي تعتبر ضرورية لاستنساخ وتكاثر الفيروس.

- يحسن فيتامين جC إنتاج المتمم C3، الذى ينبه بدوره الخلايا البائية؛ لتنتج المزيد من الأجسام المضادة أو قذائف المدفعية المضادة خاصة IgA – IgG

- يتيح فيتامين ج للخلايا البلعومية (الأكولة) أن تؤدي وظيفتها التنظيفية (أو لتطهيريه) من أجل إزالة آثار العدوان من ميدان المعركة.

- إزالة سمية كثير من السموم البكتيرية، وهذا يتوقف على نوعية البكتيريا المنتجة لها.

فيتامين E هـ: يحمي الدهون الضرورية التي توجد في المكسرات والبذور من التزنخ. ويوجد فيتامين هـ في المكسرات والبذور وجنين القمح والزيوت المستخرجة منها، لكن يجب أن تتأكد من أنها طازجة. ويفضل إعطاء مكمل فيتامين هـ يوميًا مع زيادته في حالات العدوى.

السلينيوم Selenium: وهو معدن معزز للمناعة يعمل أيضًا مضادًا للأكسدة.

وهو يكثر في أطعمة معينة لا سيما الأغذية البحرية والبذور (وخاصة السمسم). وتجده ضمن مكونات أغلب المكملات المضادة للأكسدة.

الزنك: هو أهم المعادن المنشطة للمناعة. ويفضل زيادة جرعته عند التعرض لأي عدوى. ولا شك أنه يساعد في مكافحة حالات العدوى. وتوجد أقراص استحلاب من الزنك لعلاج التهاب الحلق.

إعلان

إعلان

إعلان