إعلان

من ينقذ القرية ؟

علاء الغطريفي رئيس التحرير التنفيذي لمؤسسة أونا

من ينقذ القرية ؟

علاء الغطريفي
09:44 م السبت 17 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

علاء الغطريفى

يصوغ أفكاره على مساحة حلمه، يشعر بأنه مسئول عمن حوله، يرغب فى التضحية طوال الوقت، يرى أنه مبتعث برسالة مثل رسالات السماوات، ينشغل بالسعي إلى الإصلاح، ينغرس فى أرضه بوصفه مخلصا "من الخلاص"، يعيش مثل القديسين يريد أن يأتي للناس بكل شيء فى سبيل الحياة فى حين يدفع هو الأثمان من حريته واستقلاله و قوته بل قد يكون الثمن حياته نفسها.

" 1 "

لن يكون قديسا قطعا، لكنه تقمص دوره أو انغمس فى تفاصيله، يبحث عن الفضيلة ويدعو إلى الخير، ويثمن الحرية ويحث على التكافل، ويسعى إلى المساواة ويبتغى العدالة، ويأمل في كائنات تمشى على قدمي الأخلاق و تتساند إلى المبادئ وتنفى عن نفسها الخبث وتلزم الطيب.

" 2 "

قرر أن يعيش مثل محمود عبدالظاهر، فعاش معذبا بين مبادئه وقراره بـ"التقية" ليظل في عمله ويلتزم لقمة عيشه، لأنه لم يكن كما أراد، فلم يكن ثائرا بحق ولم يكن أيضا من خدم السراي، كان بين بين كما عبر عن ذاته "نصف جبان ونصف شجاع" ظل في المساحة الردماية فلم يصل إلى مراتب من باعوا، و لم يصل أيضا إلى مراتب من ثاروا مع عرابي، ظلت نفسه مخذولة، يعاقبها بين الحين والآخر، القرار بالحياة كان رغبة فى الواقعية وابتعاد عن الحلم، فظل بطل "واحة الغروب" يأكل ويشرب ويعيش بين الناس وبين الجوانح غصة وألما.

" 3 "

" مانولى " نزل من الجبل ليخلص القرية من مصير القتل لرجالها من قبل الأغا التركي الذي قرر الانتقام لفتاه "يوسوفاكى"، ذهب إليه بصدر مفتوح ورغبة أكيدة في نجاة أهله، رغم انه لم يكن الجاني، وفقدت العاهرة – التي أحبته - حياتها في سبيل الدفاع عنه لأنه لم يكن مذنبا، جاء في إيثار ليمنع عن القرية الشر، حاول البعض إثنائه عن الذهاب إلى النهاية لكنه صمم، تلبسته روح القديسين للتضحية من أجل البشرية، ظهرت الحقيقة ونجا من الموت وعوقب الجاني، وظل "مانولى" بطل إحدى روايات "كازانتزاكيس" فى عيون القرية "المخلص" ، تنزلت على لسانه الحكمة وحل فى جسده المسيح.

" 4 "

ليس كل ما يلمع ذهبًا، هذا الواقع خدعه وسريعًا علمه أن الخذلان سبيل الشجعان غالبًا، علت همته في زمان يرفض الحكمة، ثارت نفسه من أجل صلاح الحال، زرع في أرض بدت خصبة لكنها كانت بورا، فجنى حصادا مرا، بدا ملوما محسورا، ثم صار متهما، نزعوا عنه أعمدته الثلاثة "الإيمان والوطن والشرف" وانتهى إلى متفرج لا يهتم بالضجيج هنا أو هناك، فقد حاولوا قتل الأمل في داخله، وعاش بقية حياته مع بعض من شرف وبعضا من أمل وقليلا من إرادة، وشيئا من عقل، لعله يعود إلى ذاته أو يصادف ما حلم به ابتداء فى البواكير.

" 5 "

كان عبدالله النديم محاميا للوطن، وبعد أن تمكن السراي والانجليز من البلاد ونفي عرابي، أصبحت وطنيته تهمة ولسانه جريمة وقلمه دليل الجريمة، وبين يوم وليلة باتت المبادئ التي آمن بها ترابا، ولوحق وطورد حتى ارشد عنه الفرارجي وسلمه للاحتلال والخديوي.

هو أو محمود عبدالظاهر أو مانولى أو عبدالله النديم، حالمون، فهل تحتاج القرية الحالمين فقط، أعتقد أنها فى تلك اللحظة الدقيقة تحتاج عاقلا لينقذها، فلا يناطح الطواحين مثل دون كيشوت، بل عليه أن يدرك ضرورات حلمه، للحلم جناحان أحدهما للواقع والآخر للإرادة، فإذا تخليت عن أحدهما سقطت في هاوية المحلقين وأدركتك النهاية.

إعلان

إعلان

إعلان