- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم - أ.د. أمين عبد اللطيف المليجي:
نواصل حديثنا عن هذا الموضوع شديد الأهمية، كنت قد بدأت بالحديث عن توجيه لقمان لابنه وهو يعظه، فكانت أول موعظة من لقمان الحكيم تمثل أول واجب من الآباء تجاه أبنائهم، وهو النهى عن الشرك بالتوجيه والإرشاد والموعظة الحسنة، ثم يأتي واجب الابن بالاختيار بين الأمرين؛ أمر الشرك وأمر الأيمان، ولأهمية مسألة الأيمان عند الله، ولأن الله لا ينفعه أو يضره أن يكون البشر كلهم مؤمنين أو كلهم غير مؤمنين، فإنه سبحانه وتعالى أعطى لنا الحرية في الإيمان، ومن يعتقد غير ذلك فقد جانبه الصواب، لأن هذه المسالة تشبه مع الفارق حالة الإنسان الذى يقبل على إنهاء حياته، فهو بين أمرين اختيارا، إما أن ينهى حياته دون تفكير في تخطي ما يواجهه من صعاب، ويكون الطريق الأسهل هو ترك ما وراءه من مشاكل ومصائب، وإما أن يحكم عقله ويختار طريق المواجهة، فينقذ حياته، وربما يكون ذلك إنقاذا لحياة أسرته أو المقربين أليه، وقد أنهيت المقالة الأولى بهذين السؤالين، هل صلاح الأبناء مرهون بصلاح الآباء وكذلك هل فساد الأبناء مرهون بفساد الآباء؟.
ربما يقول قائل هذه أسئلة يجاب عنها بإجابات عديدة، ولا ترتكز إلى قاعدة محددة، بحيث أننا لا يمكن أن نجزم بأن الابن مثلا سوف يكون صالحا إذا صلح أباه، وكذلك فأننا لا يمكننا الجزم بأن الابن سوف يكون فاسدا اذا فسد أباه، لأننا نرى أحيانا أب صالح وابنه غير ذلك، وضربنا مثلا في المقالة الماضية بسيدنا نوح عليه السلام، فهو نبب من أنبياء الله، اصطفاه لهداية الناس وقد ظل يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ومع ذلك ضل ابنه، ولكن رأينا أيضا أنه يمكن أن يكون الأب صالحا ويكون ابنه كذلك، وضربنا مثلا بسيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام.
وربما يقول قائل، هذا حدث لأن الله اصطفى سيدنا إسماعيل ليكون نبيا، وبالتالي فالله سوف يعصمه من الذلل، نقول له الأمر بسيط، هناك مثلا جمع الحالتين، أي أن الأب كان صالحا وأحد ابناءه كان صالح والأخر غير ذلك، بل إن أحدهم قتل الأخر، وهذا المثل لسيدنا آدم ولبنيه قابيل وهابيل، فقال الحق ''وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ. لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ. فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ. فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ(المائدة:27)''.
الأمر واضح جلى ولن أطيل فيه، وقصدي من وراء ذلك، هو رفع الحرج عن كاهل آباء صالحين ولكن أبنائهم سلكوا طريقا آخر، وكذلك عن الأبناء الصالحين وقد سلك آبائهم طريقا آخر، لأن الندم وقسوة الإنسان على نفسه تكون حاضره، وطبعا للإنسان عذره في ذلك، ولن يمنعه أحد من أن يعبر عن حزنه على ما صار عليه أبناءه أو ما صار عليه ابائه. ثم أرجع الى التوجيهات والمواعظ العظيمة التي قالها لقمان الحكيم لابنه، وسجلها الحق سبحانه قرآنا يتلى بأحرف من نور، نتعلم منه ونستلهم العبر، ونسترشد به في جميع أمور حياتنا، فقد بدأنا بأول موعظة واعتبرناها أول واجب من الآباء تجاه أبنائهم، وكذلك الواجب الأول للأبناء تجاه آبائهم، ألا وهو النهى عن الشرك، هذه هي الآيات الكريمة التي ذكرها الحق في سورة لقمان ''وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)'' سـورة لقمان.
الحق سبحانه ذكر الموعظة الأولى من لقمان لابنه، ثم اتبعها بآية الوصية بالوالدين، وكأن الله يريد أن يكرم الوالدين على ما قاموا به تجاه أبنائهم، وكذلك يذكر الأبناء بوالديهم ويوصيهم عليهم حتى ولو دعوه إلى الشرك بالله، فإن الأبناء مطالبين بعدم مقاطعتهم بل مصاحبتهم ورعايتهم، ومن هذه الآية الكريمة التي توصى بالآباء نأخذ منها الواجب الثاني من الأبناء تجاه آبائهم ألا وهو طاعتهم ورعايتهم طوال عمرهم والرحمة بهم في كبرهم، ويا ليت الأبناء يتذكروا ذلك اليوم، لأننا نسمع عن أشياء يندى لها الجبين، فقد ترك بعض الأبناء آبائهم بعدما كبرا وهرما، ولم يقويا على خدمة أنفسهم، ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل نسمع عمن أخرج أبويه من منزلهما وأسكنهما فب دور المسنين، ونسى أو تناسى ما فعلاه فب سبيله، وتعبا فب حياتهما وبذلا الغالب والنفيس من أجله، وربما كانا لا يأكلان حتى يأكل، ولا يشربان حتى يشرب، وسهرا الليالي بجانبه ان مرض، وتمنوا لو كانوا هم من مرض وليس ابنهم أو بنتهم، هذه مجرد تذكرة وهمسة في أذن من قصر تجاه والديه، وكذلك نذكر من طالت يداه بالأذى والديه، أن الله لن يتركك، وقد قيل أن الذى يؤذى والديه بالضرب أو بأي نوع من الأذى سوف يلاقى نفس ما فعله بأبويه من أبنائه.
وقد حكى لي صديق حكاية رآها بعينه، لأنها حدثت في العمارة التي يسكن فيها، وذكر لي أنه رأى أحد أبناء جيرانه يضرب أباه، ومرت الأيام وتزوج هذا الابن وكان له أبناء، فأقسم لي أنه رأى ابن هذا الذى أذى أباه يؤذيه بنفس الطريقة التي فعلها مع والده من قبل، هذا الأمر لا يعمم؛ لأن هناك كثير من الناس بارين بآبائهم، ويحفظوا كرامتهم برعايتهم على أكمل وجه، ولم يقصروا تجاه آبائهم، حتى ولو قصروا ببعدهم لظروف الحياة والبحث عن الرزق في مناكب الأرض، فهم لم ينقطعوا في السؤال عنهم والاطمئنان عليهم ورعايتهم، فهؤلاء لهم الشكر الجزيل، وسوف يكون ذلك في ميزان حسناتهم، ونسألهم مزيدا من الرعاية لوالديهم. وللحديث بقية بمشيئة الله تعالى.
إعلان