إعلان

هل سيجعل حوار روما من ليبيا الشاطيء الرابع لإيطاليا؟

هل سيجعل حوار روما من ليبيا الشاطيء الرابع لإيطاليا؟

09:24 ص الإثنين 14 ديسمبر 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم- محمد خليفة إدريس:

مؤتمر روما الذي انعقد بالأمس لدراسة الوضع في ليبيا حظي بمشاركة دولية مكثفة فقد جمع المؤتمر تحت رئاسة وزير الخارجية الايطالي باولو جينتيلوني ونظيره الأمريكي جون كيري، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر ووزراء ومسؤولين من 18 دولة عربية وأوروبية بينهم نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف.

هذا التحرك الدولي الذي تولت ايطاليا دورا رئيسيا يطمح -  ظاهريا - لإيجاد حلول للوضع الراهن في ليبيا حيث تنتشر داعش وتمتد مناطق نفوذها يوما بعد يوم الأمر الذي من شأنه أن يسبب اضطرابا في ايطاليا أقرب الشواطئ الأوروبية لليبيا والتي باتت تستقبل المهاجرين في موجات نزوح كبيرة مؤخرا، حيث باتت روما تقلق من تسلل عناصر إرهابية بين هؤلاء المهاجرين على متن قوارب الموت القادمة من جنوب المتوسط، عدا عن تكلفة تأمين مياهها الإقليمية واستقبال النازحين التي باتت ترتفع بالتزامن مع الأزمة المالية التي يشهدها العالم كل هذه العوامل مجتمعة هي ما يدفع روما للسعي الحثيث لإيجاد حل – كما يُنقل صحفيا – للأزمة الليبية.

ولكن ما قد يغيب عن الكثيرين هو المصالح الإيطالية وحصتها التي لم تعد قادرة على الإستمتاع بها من الكعكة الليبية والتي تستحوذ شركة إيني الايطالية نصيب الأسد في الصناعات البترولية واعمال التنقيب والاستكشاف والتي أصبحت متوقفة عدا عن امدادات الغاز الطبيعي عبر الأنبوب الذي يشق المتوسط بين البلدين.

هذه العوامل مجتمعة تجعل باب التساؤلات مفتوحا حول ما ستجنيه ايطاليا من هذا الاتفاق ، هل سيكون مقتصرا على عودة امتيازاتها السابقة وصون أمنها ، أم أنها ستدخل بمشاريع أكبر ؟
من أكثر الأمور خطورة تسرع الحكومات الوليدة بتوقيع اتفاقيات ومعاهدات دولية مع دول "حليفة " ترهن البلاد وتسلب مقدراتها لأجيال ، وإيطاليا التي لم تحقق أي مكاسب من خلال احتلالها لليبيا والتي تركتها عقب خسارتها عام 1943 والتي نالت استقلالها بقرار من الأمم المتحدة نص بأن الأمم المتحدة تعلن استقلال أفقر دولة في العالم عام 1952 لم يسمح لها بأن تطالب بأي تعويض أو أن تضع أي قيود على الدولة الفقيرة، وذلك خلافا لدول غرب إفريقيا التي ارتهنتها فرنسا باتفاقيات لا زالت تثقل كاهلها حتى يومنا هذا بل وتمتد في بعض الأحيان لأكثر من مائة عام قادمة طالبت بها فرنسا تحت بند  " ضريبة استعمار" كثمن لما قامت به من إنشاء للبنية التحتية ومرافق بتلك الدول، عدا عن التوقيع على منح فرنسا نسبة مئوية من الموارد الطبيعة الحالية والمكتشفة لعدد معين من السنوات يختلف من دولة لأخرى.

فلعل إيطاليا تحدث نفسها الآن بأن تنال هذا النصيب ولو بعد حين من خلال وضع موطئ قدم لها في ليبيا اليوم عبر التنسيق مع الحكومات القادمة ودعم من يخدم مصالحها لقطع الطريق على فرنسا التي أولت اهتماما كبيرا في بداية الانتفاضة التي أدت للإطاحة بنظام معمر القذافي.

هذه التكهنات تظل رهينة بما سيتم منحه من صلاحيات للحكومة القادمة بالتوقيع على اتفاقيات طويلة الأجل فالشارع الليبي والمهتمون بالشأن السياسي لا علم لهم فيما اذا كانت الحكومات السابقة لديها سقف محدد لعدد لسنوات التي ينبغي ان توقعها الاتفاقيات وفقا لها.

كما لم يتم الكشف – حتى الآن – عن أي عقود أو اتفاقيا طويلة الأجل ، وفي جميع الأحوال لم يعد أمام الليبيين الآن سوى المراهنة على نجاح الحكومة المرتقبة التي ستشكل بعد توقيع الأطراف على الاتفاق في السادس عشر من ديسمبر الجاري وهو ما اتفق عليه المجتمعون في روما ، وأن لا يتم عرقلة التوقيع من قبل حكومة طرابلس التي تدعم اتفاق الاحد الماضي، والذي وقع فيه البرلمانين في تونس "إعلان مبادئ" ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال اسبوعين، وإجراء انتخابات تشريعية والعودة الى احكام الدستور الملكي وتعد مباديء هذا الاتفاق المغايرة لما تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى في مدينة الصخيرات والذي تم في غياب أي تمثيل للبعثة الأممية وممثلها  بحكم الملغي في نظر الحاضرين بروما.

وقد توعد المبعوث الاممي خلال المؤتمر من وصفهم بــ "معرقلي الحوار" بتعريض أنفسهم للعقوبات الدولية وهما ما من شأنه تعميق الشرخ وإطالة عمر الأزمة .

*الشاطيء الرابع : هو مصطلح أطلقه موسوليني على شاطئ ليبيا عندما كانت مستعمرة إيطالية. أشتق المصطلح بسبب وجود ثلاث شواطئ في شبه جزيرة إيطاليا (الأدرياتيكي والتيراني والأيوني) واعتبرت ليبيا الرابعة.

محمد خليفة كاتب ليبي والآراء الواردة في المقال تعبر عنه ولا تعبر بالضرورة عن مصراوي.

للتواصل مع الكاتب: https://www.facebook.com/mohamedelbarsy

إعلان

إعلان

إعلان